يتجدد الجدل حول محدودية ولوج المهاجرين غير النظاميين إلى الخدمات الصحية في مدينة سبتةالمحتلة، في ظل عراقيل بيروقراطية معقدة وغياب حلول مؤسساتية مستدامة. فبالنسبة للعديد من هؤلاء، يظل قسم المستعجلات الخيار الوحيد لتلقي الرعاية، في غياب أي إمكانية للمتابعة الطبية أو الفحوص المنتظمة. ووفق تقرير نشرته صحيفة " إل فارو" ضمن اصدارها الخاص بسبتة، فإن شهادات لفاعلين جمعويين تعكس ما يصفونه ب"الوضع المزمن"، حيث يواجه المهاجرون صعوبات في الاستفادة من منظومة صحية لا تعترف بحقهم في العلاج المنتظم ما لم يكونوا حاملين لبطاقة صحية رسمية، تُمنح فقط لمن يتوفرون على وضع إداري قانوني. وأكد رامسيس أزوميك، وهو متطوع بجمعية "إلين" التي تنشط ميدانيا بالمدينة المحتلة، أن "المهاجرين لا يملكون أدوات التعبير عن معاناتهم بالأرقام، لكن تجاربهم الفردية تختزل واقعاً بنيوياً صعباً"، مضيفاً أن "كل من لا يتوفر على وثائق إقامة، يُحرم من المتابعة الطبية، حتى في حالات تستوجب مراقبة مستمرة". في مركز الإيواء المؤقت للمهاجرين (CETI)، يستفيد القاطنون من خدمات تمريضية محدودة، أما من يعيشون خارجه، فيواجهون عراقيل مضاعفة، حيث يُحرمون من خدمات الرعاية الأولية، ويُضطرون إلى اللجوء المتكرر إلى المستعجلات، ما يؤدي إلى ضغط إضافي على المرافق الصحية، وفق ما أكده مهنيون بقطاع الصحة. ويورد التقرير أن حالات عدة، مثل إصابات العظام أو الأمراض التنفسية، تظل دون متابعة طبية رغم خطورتها، وهو ما تسبب، بحسب الشهادات، في مضاعفات دائمة لعدد من المهاجرين، بينهم شاب مغربي أصيب بكسر خلال فترة الجائحة ولم يتلقَّ سوى علاج أولي، ما أدى إلى فقدانه القدرة على الحركة بشكل طبيعي. وتواجه هذه الفئة عائقا إضافيا يتمثل في غياب وسطاء لغويين داخل المراكز الصحية، مما يضعف التواصل بين المريض والطبيب. وعلى الرغم من أن بعض المهنيين يتحدثون الدارجة أو العربية، إلا أن غياب آلية رسمية للترجمة يظل أحد أوجه الإقصاء الصامتة، كما يشير أزوميك. ورغم وجود تقارير صادرة عن منظمة "أطباء العالم" توثق هذه الإشكالات على المستوى الوطني، إلا أن واقع سبتة، كما توضح الصحيفة، لا يزال يفتقر إلى معطيات رسمية دقيقة، وسط صمت مؤسساتي متواصل حيال مطالب الجمعيات المحلية التي تطالب بإرساء مساطر مرنة تضمن الحق في العلاج كحق إنساني غير قابل للتجزيء. في سبتة، حيث تختلط الهويات وتتعقد الانتماءات، يظل الحق في الصحة مؤجلا لفئة واسعة من المهاجرين، يُنظر إليهم كمجرد حالات مستعجلة، لا كأشخاص يحق لهم الحياة بكرامة ورعاية مستدامة.