أعادت أحداث الشغب في ملاعب كرة القدم بالمغرب خلال الأشهر الأخيرة، هذه الظاهرة إلى الواجهة؛ ما جعل التخوف يعود إلى الواجهة جراء هذا الشغب الذي يعتبر نقطة سوداء في لوحة الكرة الفنية.وخلال أبريل الجاري، شهدت مدينة شفشاون أعمال شغب على هامش مبارة لكرة قدم بين فريقي الاتحاد الرياضي الشفشاوني وشباب أولمبيك وزان في بطولة الهواة بالدوري المحلي؛ ما أدى إلى عدة إصابات بجروح متفاوتة الخطورة بين صفوف المشجعين.السيناريو تكرر خلال مارس الماضي؛ حيث أوقف الأمن المغربي عددًا من المشجعين، على خلفية أعمال شغب قبل مباراة كرة القدم ضمن بطولة الهواة بين شباب بوغافر ووفاق أزغنغان في مدينة الناظور.وفي فبراير، شهد “الملعب الكبير” في مدينة مراكش أعمال شغب خلال مباراة في دوري الدرجة الأولى بين فريقي الرجاء البيضاوي والكوكب المراكشي، وتم على إثرها توقيف 68 مشجعا، قبل صدور أحكام بالحبس بحق بعضهم تراوحت بين شهرين و4 أشهر.ظاهرة الشغب في السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد سقوط ضحيتين في مارس 2016، أو ما بات يعرف بأحداث “السبت الأسود” في ملعب “محمد الخامس” بمدينة الدارالبيضاء، تحولت إلى مصدر إزعاج يؤرق بال الدولة والمجتمع معًا، ويجعلهما في حالة خوف دائم من تكرار هذا السيناريو الذي هز البلاد.سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس في الرباط، يرى أن ظاهرة الشغب التي تشهدها الميادين الرياضية ليست إلا امتدادًا واستمرارية للشغب الذي يعيشه المجتمع.وفي حديثه للأناضول أضاف أن “ملاعب كرة القدم تمثل مواقع اجتماعية وامتدادًا للمجمتع”.مشيرا إلى سهولة وسلاسة نقل الإشكالات والظواهر الاجتماعية التي يعانيها المجتمع على غرار “التشرميل” (السرقة بالعنف) و”الكريساج” (السرقة باستعمال السلاح الأبيض) إلى ملاعب الكرة.وأوضح الأكاديمي المغربي أن “الملاعب الرياضية تتحول إلى فضاءات لتفريغ مشاعر الكره واليأس والبؤس الاجتماعي الذي يعانيه الشباب، وتتغير وظيفة الفضاء الرياضي من عنوان للتسامح والإخاء وثقافة الروح الرياضية إلى فضاء للشغب والعنف والكراهية”. وأكد أن جميع مؤسسات التربية تتحمل مسؤولية هذه الظاهرة، انطلاقًا من البيت والأسرة والمدرسة ووصولًا إلى المواقع الاجتماعية.وقال: “منصات التواصل الاجتماعية أصبحت من وسائل التنشئة الاجتماعية التي يستمد منها الشباب قيمهم، والتي تساهم بشكل أو بآخر في مظاهر العنف، خصوصًا إذا ارتفعت مدة مشاهدة مقاطع الفيديو التي تظهر العنف”.ودعا بنيس إلى ضرورة التفكير في مقاربة ثقافية لمواجهة الظاهرة، تعمد إلى محاورة الشباب المشجع وتأطيره من خلال عدة وسائط، ابتداءً من الكتب المدرسية.وشدد على أن جمعيات الالتراس “يجب عليها أن تكون سلمية لا تكن العداء للآخر ولا تشجع على الكراهية والعنف”.من جانبه، اعتبر يونس الخراشي، الصحفي المغربي المختص في الشأن الرياضي، أن البروز المتكرر لأحداث الشغب في الملاعب المغربية يحتاج إلى دراسات علمية وأكاديمية خاصة بسيكولوجية الجماهير للوقوف على مكمن الداء الحقيقي من أجل معالجته بمساهمة جميع الفاعلين.وأوضح الخراشي، للأناضول، أن ظاهرة الشغب ليست متجذرة في الرياضة المغربية؛ فهي تظهر وتختفي، وترتبط بأماكن معينة، ومع بعض الجماهير بالذات.وقال: “حينما يحدث عنف وأعمال من هذا القبيل تصبح وكأنها هي الغالبة، وهذا غير صحيح”.وشدد الإعلامي المغربي على أن الظاهرة تمثل نقطة سوداء في لوحة جميلة تفسدها.وأبرز أن مثل هذه الأحداث تؤثر على صورة المغرب وملف ترشحه لاحتضان كأس العالم لكرة القدم 2026.وأردف الخراشي: “أي حدث من هذا القبيل يؤثر على هذا الترشح بشكل من الأشكال”، مؤكدًا أن المغاربة ليس في مصلحتهم جميعًا أن يحدث هذا الأمر. *وكالة الاناضول