ألهم 13 فنانا قادمون من مختلف مدن المغرب للمشاركة في إبداع جداريات موسم أصيلة الثقافي الدولي في دورته الرابعة والأربعين، جداريات تملأ أزقة المدينة الأطلسية ألوانا وبهجة. بكثير من الشغف، يعكف الفنانون على وضع اللمسات الأخيرة على الجداريات التي يرتقب الانتهاء من إنجازها يوم غد الأحد على أبعد تقدير، إيذانا بانطلاق أبرز أنشطة الدورة الصيفية للموسم الثقافي الذي صنع صيت مدينة أصيلة الساحلية. وقال معاذ الجباري، فنان تشكيلي وعضو منتدى أصيلة، أنه على غرار الدورات السابقة، يعكف الفنانون المشاركون على إنجاز وإبداع جداريات تعوض جداريات الموسم الماضي، وتزيد من أزقة المدينة العتيقة جمالا وبهاء. وأبرز أن جديد هذه الدورة، مشاركة فنانتين شابتين من مدينة أصيلة، مرتا بمختلف مراحل مسار الرسم داخل المهرجان، بدءا بورشات الرسم للأطفال في سن مبكرة، ثم جداريات الأطفال، والمشاركة في معارض الشباب، والآن منحت لهما الفرصة لإنجاز جدارية خاصة بهما في مدينتهما. بشارع ابن خلدون، يواصل الفنان القنيطري مصطفى العلمي بكثير من التأني والتأمل وضع ريشته على جدارية تتوسط سور أحد المباني، على أمل أن تثير اهتمام الزوار والمارة بعد الانتهاء منها. وقال العلمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ولقناتها الإخبارية M24، إنها "أول جدارية لي بموسم أصيلة، هي مناسبة للخروج من المرسم لملاقاة الجمهور الواسع والتفاعل مع نظرته للفن"، معربا عن شكره لإدارة الموسم واللجنة المنظمة على هذه المبادرة التي تخرج بالفن من جدران الأروقة والمتاحف وتضعه رهن إشارة عموم الناس. في الجدارية الموالية، يعكف الفنان الزيلاشي الشاب محمد العلاوي على تهيئة المكان وتحضير الألوان والأوعية لمساعدة الفنانة المكلفة بهذه الجدارية على الانتهاء منها في الأجل المحدد، وهي المهمة التي دأب على القيام بها خلال دورات سابقة من الموسم. وألح العلاوي على أن موسم أصيلة هي فرصة لشباب المدينة للاستفادة من مصاحبة الفنانين الكبار، وتعلم تقنيات وأساليب جديدة في الفن التشكيلي، يمكن تطبيقها في إبداعاتهم، مبرزا أننا "كشباب أصيلة، استفدنا كثيرا من الموسم، لاسيما من الجداريات، لتطوير مهاراتنا الفنية واكتساب التجربة بالاحتكاك مع الفنانين الكبار، الذين يقتسمون معنا تجاربهم وتقنياتهم ونصائحهم". على خلاف العلاوي، عاد الفنان والأستاذ الزيلاشي المتقاعد، البوشتي محمد، إلى مسقط رأسه بعد 40 سنة من العمل في مدينة أخرى ليملأها فنا وألوانا عبر جدارية اختار لها أشكالا هندسية مثلثة ومربعة بألوان الأزرق والأحمر والأصفر والبني. هي أول مشاركة له في الجداريات وثاني مشاركة في الموسم بعد المساهمة في معرض جماعي للفن التشكيلي في إحدى الدورات السابقة. وأشار إلى أن "جداريات أصيلة هو فن متجدد، كل عام تأتي الجداريات بأفكار ولوحات جديدة، والجمهور يتفاعل مع هذه الإبداعات التي جعلت المدينة بمثابة متحف مفتوح، بل ويدعو إلى استنساخ التجربة في مدن مغربية وأجنبية"، منوها بأن الموسم الثقافي الدولي منح لأصيلة صيتا ثقافيا وطنيا ودوليا، حتى صارت المدينة "عاصمة للألوان وللفنون". أما سليمة وسارة، فتبدعان جداريتين متجاورتين، بعدما جمعهما مسار فني مشابه بموسم أصيلة، انطلق منذ السنوات الأولى لطفولتهما بورشة الرسم، ثم بجداريات الأطفال ثم بموافقة فناني الجداريات والمشاركة في معارض الفنانين الشباب والفنانين الزيلاشيين، والآن بجدارية منفردة. وأبرزتا أن الأمر يتعلق في الواقع ب "حلم صار حقيقة" وب "مبعث فخر" لكونهما تضفيان لمسة جمال على المدينة التي كبرتا فيه، وشاركتا في موسمها الثقافي الدولي وهما طفلتان وثم يافعتان. إذ تجسدان بالفعل نجاح "المسار الفني" الذي خطه منتدى أصيلة لتطوير المواهب الفنية في التشكيل والنحت والكتابة الأدبية لدى الأطفال ومواكبتهم في مختلف مراحل حياتهم. في هذا السياق، أكد الأمين العام المساعد لمنتدى أصيلة، توفيق لوزاري، أن فعاليات هذه الدورة الصيفية من المنتدى، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، انطلقت يوم 4 يوليوز الجاري بتنظيم مشغل الصباغة على الجداريات كما جرت العادة منذ ربيع 1978، بمشاركة 13 فنانا في مختلف أزقة مدينة أصيلة العتيقة، إضافة إلى مشغل مماثل خاص بأطفال مدينة أصيلة. وذكر بأن الدورة الصيفية ستخصص للفنون التشكيلية، حيث سيتم تنظيم ندوة حول "الفن المعاصر والسؤال الثقافي" يومي 14 و 15 يوليوز، وأخرى حول "التشكيل المغربي والتداول النقدي" يومي 20 و21 من الشهر ذاته، إضافة إلى حفل تكريم الفنان التشكيلي المغربي عبد الكبير ربيع يوم 16 يوليوز. كما تنظم مؤسسة منتدى أصيلة خلال الفترة الممتدة من 09 إلى 25 يوليوز مشاغل الصباغة و الحفر والطباعة الحجرية ( الليتوغرافيا)، و"مشغل الأطفال مواهب الموسم" في حدائق قصر الثقافة، وابتداء من يوم السبت 15 يوليوز، سيحتضن رواق المعارض بمركز الحسن الثاني للملتقيات معرضا للفنانين المغربيين نرجس الجباري ومحمد عنزاوي إلى جانب معرض أعمال" الأطفال مواهب الموسم" و"معرض الفنانين الزيلاشيين الشباب"، ومعرض أعمال الفنان معاد الجباري، ومشغل "التعبير الأدبي وكتابة الطفل". وتضفي أنشطة الدورة الصيفية للموسم بهجة لدى زوار المدينة الساحلية، كما صارت الجداريات علامة مميزة لمدينة تتنفس فنا وإبداعا، وتضم جداريات بديعة ومنحوتات رائعة في عدد من ساحاتها.