يستعد المغرب لتنفيذ تعويم تدريجي لعملته الدرهم على مراحل انطلاقا من يوليوز المقبل، ويثير هذا القرار تساؤلات وتخوفات من تداعياته على الاقتصاد المحلي والقدرة الشرائية للمواطنين، ويرتكز مشروع تعويم العملة المغربية، على الانتقال التدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاده وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية. واعتبر والي بنك المغرب أن كل الضمانات متوفرة "من أجل نجاح هذا التعويم الذي سيكون بشكل تدريجي، فالتعويم هو قرار اختياري في الوقت الذي تعيش البلاد وضعاً مالياً واقتصادياً عادياً".
ماهو نظام الصرف المرن أو "تعويم العملة"؟ وتعويم العملة حسب الخبراء الاقتصاديين، هو جعل سعر صرفها مرنا بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر، بل تصبح العملة منضبطة لمنطق العرض والطلب وهي الآلية التي تسمح بتحديد سعرها مقابل العملات الدولية كالدولار أو اليورو. حيث أن سعر الدرهم في ظل اعتماد نظام الصرف المرن بإمكانه أن يتقلب باستمرار مع كل تغير يشهده العرض والطلب على العملات الأجنبية، حتى إنها يمكن أن تتغير عدة مرات في اليوم الواحد. و من المرتقب أن تعرف قيمة الدرهم ستعرف انخفاضا في ظل هذا النظام، إلا أنه في المقابل سيساعد هذا الأمر بعض القطاعات على الانتعاش من جديد كالقطاع السياحي، حيث سيصبح المغرب "أرخص" بالنسبة للسياح. كما سيقود تحرير العملة أيضا إلى انتعاش قطاع التصدير بالبلد لكون السلع المنتجة محليا سيكون عليها إقبال في الأسواق الدولية لانخفاض سعرها. و كمثال على ذلك نأخذ الصين التي تخفض من سعر سلعها الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الصادرات وتدفق العملات الصعبة على البلاد. ولحالة بريطانيا التي ستستفيد كثيرا من خروجها من الاتحاد الأوروبي بعد انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني ما سيتيح لها زيادة أعداد سياح و كذا زيادة معدل صادراتها إلى الخارج. ما تأثيره على المواطن المغربي؟ غالبا فالمؤسسات الكبرى هي التي ستكون معنية بشكل كبير بالتقلبات التي تشهدها العملة، إلا أن هذا لا يلغي أن المواطن معني بدوره بهذا الانتقال، خاصة وأن ارتفاع أسعار الواردات ستكون من النتائج المباشرة لتعويم الدرهم، وهو الأمر الذي سيلمس المواطن المغربي تأثيره على جيبه. فأسعار السلع المستورة ستصبح مرتفعة نظرا لارتفاع قيمة العملة الأجنبية مقارنة مع الدرهم المنخفض. ويرى خبراء اقتصاديون أن الجانب المشرق لهذا الأمر، يكمن في شيء مهم حيث أن صعوبة استيراد المواد المصنعة في الخارج سيقابله ارتفاع تنافسية الاقتصاد المحلي ما يؤدي لخفض أسعار المنتجات المحلية الصنع بفعل الإقبال المتزايد عليها بعد أن تقوم بملأ الفراغ الذي ستتركه الواردات.