يواصل المخرج المغربي، سهيل بن بركة، تصوير عمله السينمائي الجديد، الذي خصصه عن حياة االجاسوس الإسباني "دومينغو باديا"، الذي عاش فترة من القرن التاسع عشر بالمغرب، تحت مسمى "علي باي". ومع هذا الفيلم، الذي يحمل عنوان "حلم خليفة" يعود المخرج البالغ من العمر 74 عاما إلى السينما بعد غياب دام خمسة عشر عاما، ليصور حياة علي باي العباسي، الذي ولد في العام 1767 وتوفي في العام 1818، وعاش حياة فريدة متنكرا بشخصية تاجر عربي من سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيما كان هو يعمل جاسوسا لحساب إسبانيا. ويصرح المخرج بن بركة، في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية " من الغريب جدا أنه لم يُعدّ حتى الآن أي فيلم عن علي باي ". مضيفا أن منتجين إسبانا جاءوا واقترحوا تصوير فيلم عن هذه الشخصية الغامضة. ويقول "قرأت كتابه عن رحلته إلى المغرب، لم أجد فيه سوى أمور تافهة عن حياته في قصر السلطان، لكني بعد ذلك اكتشفت أهمية هذا الجاسوس، الذي أرسله ملك إسبانيا كارلوس الرابع للإطاحة بالسلطان". و دومينغو باديا أو "علي باي العباسي"، الذي ما زال أحد أحياء مدينة طنجة، يحمل اسمه، بعد أن كان يضم في وسطه تمثالا له، اختفى في ظروف غامضة بعد سنوات من نهاية العهد الدولي ل"عروس الشمال"، عالش في مدينة طنجة على أنه رجل مسلم أصله من الشام وبالضبط من مدينة حلب، ونال ثقة الجميع في هذه المدينة، نظرا لتمكنه من بعض العلوم، خاصة علم الفلك، الذي مكنه من رصد كسوف الشمس الذي تزامن مع وجوده في طنجة، فكان لعلمه دور كبير ساعده في اخفاء هويته، كما أبان هذا الأمر أيضا عن تراجع كبير في ميدان العلم والمعرفة لدى المغاربة والمسلمين بصفة عامة. وقد أثار إعجابا كبيرا لدى الكاتب الفرنسي شاتوبريان في لقاء جمعهما في القاهرة، وكان من أول الأوروبيين الذين يزورون الكعبة. وكان علي باي "طموحا وشجاعا ومثقفا، وكان يرى نفسه مستكشفا في أول الأمر، ثم عدّل خطّته وأراد أن يصبح سلطانا بدل سلطان المغرب". ويقول المخرج عنه كان شخصا مذهلا، لم يكن أحد يقدر أن يقاومه"، وقد توفي في رحلة الحج الثانية "بعدما دست له السمّ ليدي هستر ستانهوب" الاستقراطية البريطانية التي عاشت في لبنان وسوريا. ويقول "علي باي" في كتابه الذي ألفه بعد اتمام رحلته " الجميع في طنجة غارق في الجهل، فلا أحد هنا يعرف أن الأرض كروية الشكل، ولا يفرقون بين التنجيم وعلم الفلك" وقال عنهم في مواضيع متفرقة أنهم كسالى لا يعرفون كيف يعيشون، ويقضون يومهم في التجول عبر الطرقات أو الجلوس في ساحات عديدة للحديث في مواضيع تافهة. لم يضيع علي باي وقته طيلة مدة اقامته في طنجة، فقد عمل على ترصد كل حركة وموضع بها، ويحفل كتابه "رحلة علي باي إلى افريقيا وآسيا" بتفاصيل دقيقة عن مدينة طنجة وسكانها، لكن مجيئه لم يكن لهذا وحسب، بل كان يهدف إلى التقرب من السلطان المولى سليمان لمحاولة اقناعه بقبول الحماية الاسبانية على المغرب، ولم يجد صعوبة كبيرة في التقرب من السلطان بعدما جاء هذا الاخير إلى طنجة وسمع بشهرة علي باي. نال علي باي اعجاب السلطان بعلمه فجعله من المقربين منه في ظرف وجيز ودعاه إلى اللحاق به إلى فاس، وبرحيله إلى فاس تنتهي قصته مع طنجة. ظل علي باي يتنقل بين فاس ومكناس ومراكش رفقة السلطان بعدما حاز ثقته الكاملة مدة طويلة قبل أن يقرر الرحيل إلى مكة بدعوى حج بيت الله الحرام. وهو يمر بمدن وقبائل شمال افريقيا دون علي باي ملاحظاته عن كل مكان تطئه قدمه حتى وصل مكة، وهناك حاز على ثقة غالب شريف مكة ومكنه هذا الأخير من زيارة جميع الأماكن المقدسة، حتى أنه سمح له بتنظيف وتعطير الكعبة ولقبه بخادم بيت الله الحرام. ويقول المخرج "كيف يمكن أن نختصر في ساعتين هذه القصة المذهلة لعلي باي"؟ تطلب الأمر ثلاث سنوات لكتابة الفيلم الذي يروي "قصة حب على خلفية قصة جاسوسية"، وفقا للمخرج. بدأ تصوير الفيلم في /فبراير الماضي، ومن المقرر أن ينتهي بانتهاء شهر ماي الحالي في استوديوهات ورزازات، وصحراء مرزوكة، وآثار وليلي، والرباط والدار البيضاء. ومن المقرر أن يصدر الفيلم في العام 2018 في أربعين بلدا بخمس لغات، وقد بلغت تكاليفه 15 مليون يورو. وتلقى المخرج عروضا لتحويله إلى مسلسل تلفزيوني.