تمتطي الحاجة "رحمة الحمدي" ظهر دابتها، متوجهة صحبة إثنين من أحفادها، نحو بئر في منطقة مجاورة لقريتها بجماعة تروال، من أجل جلب ما يمكن أن يكفيها وعائلتها من مادة الماء الشروب. هي صورة لفسيفساء غير مكتملة المعالم لنسوة وفتيات وأطفال يقطعون يوميا مسالك وعرة ولمسافات طويلة انطلاقا من مختلف دواوير هذه الجماعة التابعة لإقليم وزان، حاملين معهم أوعية وأواني لملئها بكميات لهذه المادة الحيوية وجلبها إلى منازلهم على ظهور الدواب أو على متن عربات حديدية أو خشبية، وذلك بعد أن نضبت مياه الآبار والسقايات التي كانوا يستغلونها في وقت من الاوقات. مشوار طويل طلبا لقطرة ماء سكان هذه الجماعة التي تضم 13 دوارا قرويا، يعانون الأمرين في ظل ندرة مياه حادة تعاني منها مناطق الإقليم ككل، جراء قلة التساقطات التي انعكست على تراجع المخزون المائي سواء بسد الوحدة (أكبر منشأة من نوعها في المملكة)، وكذا على احتياطي الفرشة المائية، وهو ما أدى بالتالي إلى جفاف الآبار والسقايات التي كان المواطنات والمواطنون يستعينون بها للتزود باحتياجاتهم اليومية. تجليات هذه المعاناة اليومية، تبرز بعض جوانبها في شهادات عديدة يحاول من خلالها السكان بث شكاويهم إلى الجهات المسؤولة، مثلما تعبر الحاجة "رحمة"، بالقول بأن "الحصول على الماء أصبح مشكلة كبيرة بالنسبة إلينا"، موضحة أن سكان قريتها يقصدون بئرا واحدة يتجاوز عمقها يتجاوز 15 مترا، ويتناقص منسوب مياهها بشكل يومي. وبحسب هذه السيدة التي تبدو في أواسط الخمسينات من العمر، فإن ترددها من حين لآخر على هذه البئر، راجع إلى عدم انتظام الإمدادات المقدمة بواسطة الشاحنات الصهريجية التي تحمل كميات من الماء تكاد لا تلبي الحاجيات اليومية للساكنة. حلول "ترقيعية" لا تفي بالغرض وتشكل هذه الشاحنات الصهريجية، التي يتولى المجلس الإقليمي لوزان وعدد من الجماعات الترابية، توفيرها، جزءا من حلول مؤقتة تروم تخفيف أزمة المياه التي يعاني منها سكان هذا الإقليم خاصة مع فترة الجفاف الحالية. ومن ضمن هذه الحلول التي تظل "ترقيعية"، في نظر مراقبين، تخصيص مجلس جماعة تروال لغلاف مالي بقيمة 90 مليون سنتيم، من أجل حفر آبار للإسهام في تزويد الساكنة بالماء الشروب. وأمام محدودية الوقع المنشود لهذه التدخلات، تبرز الحاجة إلى ضرورة اعتماد تدابير أكثر فعالية من شانها أن تؤتي حلولا جذرية لإشكالية التزود بالماء الشروب، وهو ما يراهن عليه مسؤولو الإقليم من خلال المشاريع والبرامج المزمع تنفيذها في أفق سنة 2023، حسب ما يبرزه رئيس المجلس الإقليمي، عبد الرحمن الكوشي. حلول جذرية في الإنتظار وبحسب الكوشي، فإن 80 بالمائة من المجال الترابي لإقليم وزان، يستفيد حاليا من خدمات الربط بالماء الشروب، بفضل المشاريع التي تم برمجتها خلال الأشهر والسنوات الأخيرة. مضيفا أن هناك أشغال مشاريع في طور الإنجاز، على مستوى جماعتي سيدي بوصبر وسيدي احمد الشريف، أي ما يمثل 10 في المائة من المجال الترابي للإقليم. وتابع ذات الفاعل الترابي، في حديثه خلال لقاء تلفزيوني، بالإشارة إلى برمجة مشاريع مماثلة على مستوى جماعات مقريصات وعين بيضا وأشجن وبريكشة، إلى جانب 12 دوارا تابعا لجماعتي زغيرة وتروال، التي تمثل النسبة المتبقية. تجدر الإشارة، إلى أنه سبق في إطار ملحق اتفاقية متعددة الأطراف، أن تم رصد اعتمادات مالية بقيمة 861 مليون درهم، لتمويل مشاريع التزويد بالماء الشروب، لفائدة الجماعات القروية بإقليم وزان انطلاقا من سد الوحدة. وتندرج هذه المشاريع، في إطار برنامج الحد من الفوارق المجالية والاجتماعية 2019- 2023، في شقه المتعلق بمشاريع التزويد بالماء الصالح للشرب، الذي يشمل 488 دوارا بمختلف عمالتي وأقاليم جهة طنجةتطوانالحسيمة.