تعيش معظم الجماعات القروية التابعة لإقليم سطات مشكلا حقيقيا على مستوى الخصاص في الماء الصالح للشرب، كجماعة أولاد امحمد التي احتج سكانها مؤخرا، وكذا جماعة عين بلال التي تعاني منذ سنوات من ندرة الماء بالرغم من وجود محطة المعالجة للماء بسد المسيرة المقام بالنفوذ الترابي للجماعة المذكورة، زيادة على جماعة كيسر بقبائل أولاد سيدي بنداوود التي عرفت احتجاجات هي الأخرى. هسبريس قامت بزيارة ما يفوق خمس جماعات قروية، حيث لاحظت جفاف منابع المياه والآبار وبقيت الصهاريج والسقايات كالأطلال شاهدة على تدفق الماء الصالح للشرب منذ وقت قريب. "هذه العين معروفة بمول الكرمة... كانت إلى وقت قريب تتدفق مياها عذبة.... كنت أملأ منها قربتي لأتحصل دراهم معدودات في السوق الأسبوعي.." يقول أحد بائعي الماء "كرّاب" وهو ممدد إلى جانب قربته الفارغة قرب عين "مول الكرمة" بكيسر. احتجاجات ولجان زيارة نظم عدد من السكان احتجاجات أمام مقر جماعة كيسر، للمطالبة بعدم إغلاق آبارهم التي يعتمدونها في سقي حقول الجزر بالنفوذ الترابي للجماعة المذكورة والنواحي، معبرين عن تشبثهم بنشاطهم الفلاحي باعتباره مصدر رزقهم الوحيد منذ عقود من الزمن. وفي السياق ذاته اتخذت الجهات المعنية إجراءات زجرية لتوقيف الآبار "العشوائية" منذ 2016، حيث حرّرت محاضر في حق 22 فلاحا، وجرى استدعاؤهم من لدن السلطات المعنية وقدّمت لهم مهلة لجني محصولهم، مراعاة للجانب الاجتماعي والاقتصادي. كما أن وكالة الحوض المائي بني ملال، باعتبارها عضوا من اللجنة التي تراقب الآبار، حرّرت ما يقارب 26 محضرا، وأحالتها على الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وما زالت لجان أخرى تتوافد على كل من جماعة ريما وأولاد الصغير نواحي سطات. فلاحون متشبثون بآبارهم لكبير خالص أحد الفلاحين، المنحدر من دوار سيدي بوسرحان أولاد سيدي بن داوود أولاد زقاق المحتجين على قرارات إغلاق آبار تستعمل في السقي الفلاحي، قال، في تصريح لهسبريس، إن الاحتجاج الذي نظمه عدد من الفلاحين أمام مقر الجماعة الترابية كيسر جاء نتيجة تهديدهم بإغلاق آبارهم التي يستعملونها في سقي حقول الجزر، بحجّة أن تلك الآبار تسببت في جفاف عين "مول الكرمة" التي يتزود منها مركز كيسر بالماء الصالح للشرب. وأوضح المتحدث أن الآبار التي يستعملها الفلاحون بعيدة عن المركز بما يقارب 6 كيلومترات، مؤكدا على عدم تنازل الفلاحين على نشاطهم الفلاحي الذي يعتبرونه مصدر رزقهم. وحول قانونية حفر الآبار وحصول الفلاحين على تراخيص مسبقة من الجهات المعنية، أردف قائلا إن "الآبار التي نعتمد عليها قديمة جدا، يعود تاريخ حفرها إلى سنوات الثمانينيات والتسعينيات.. كما أنها غير عميقة حيث لا تتجاوز 14 إلى 20 مترا؛ وهو ما يجعلها لا تؤثر على باقي المنابع". وأكد خالص أن الفلاحين ينتظرون البت القانوني في مشاكلهم مع الجماعة الترابية حول الآبار، نافيا إقدام السلطات على إغلاق الآبار، مشيرا إلى أن الجهات المعنية على المستوى المحلي سبق أن طلبت من الفلاحين في الموسم الماضي عدم الاستمرار في زرع الجزر بعد جني المحصول، مؤكدا أن الفرشة المائية متوفرة بقبلية أولاد سيدي بنداود، مقترحا على الجهات المعنية حفر بئر أو اثنتين معتبرا إياهما كافيتين لتوفير الماء الشروب للمدينة بأكملها. واعتبر لكبير خالص أن شدّ الحبل بين الفلاحين وبين المجلس الجماعي يطبعها ما نعته "بالانتقام"، مشيرا إلى أن الحل بسيط جدا مقدما ملتمسا إلى السلطات خاصة أمام عجز المجلس الجماعي عن إيجاد حل للماء الصالح للشرب لمركز كيسر، أن تعطي الإذن للفلاحين بحفر أربع آبار يستفيد منها جميع السكان مجانا على نفقة الفلاحين المتطوعين حتى ولو تطلب تقريبه للدواوير على مسافة تقارب 10 كيلومترات. رئيس مجلس كيسر يوضح محمد ياسين الداودي، رئيس المجلس الجماعي لكيسر، قال، في تصريح لهسبريس، إن مشكل نقص الماء الصالح للشرب ليس وليد اليوم؛ بل إن بوادره ظهرت منذ سنة 2009، بعدما باشر عدد من المواطنين حفر الآبار بدون ترخيص في مجرى العين؛ وهو ما أدى إلى جفافها، حيث اتخذت بعض التدابير بالسرعة الكافية لتدارك موقف الخصاص على مستوى الماء وجرى إغلاق 3 آبار، فاسترجعت العين صبيبها الطبيعي معتبرا ذلك إنذارا للفلاحين. وأوضح رئيس المجلس الجماعي لكيسر أنه مع مرور السنوات قدم عدد من الفلاحين من جماعات أخرى، وأصبحوا يتعاطون لزراعة الجزر مع تكثيف نشاطهم الفلاحي بحفر آبار عشوائية بعد كراء الأراضي والآبار من الساكنة، حيث بلغت مساحة الأراضي المحيطة بكيسر بكل من ريما وأولاد الصغير المستغلة في زراعة الجزر ما يقارب 500 هكتار، مؤكدا أن مركز كيسر يعتمد على العين التي جفت من جديد في التزود بالماء الصالح للشرب، واصفا احتجاجات الفلاحين ب"المسرحية" معللا ذلك بمشاركة عدد من الفلاحين لا علاقة لهم بجماعة كيسر. وزاد المسؤول الجماعي أن تزويد كيسر بالماء الصالح للشرب من سدّ الدورات تعذّر بسبب تعرّض بعض أصحاب التجزئات بسطات، وصل إلى المحاكم؛ وهو ما حرم آلاف السكان بجماعة كل من لمزامزة وكيسر وريما وأولاد الصغير وبني يكرين من الماء، معبّرا عن أسفه عدم خروج المشروع إلى حيّز الوجود، بالرغم من تتبعه منذ 2009. وحول الحل الاستعجالي لتوفير الماء الصالح للشرب للساكنة، قال الرئيس إن الجماعة الترابية توصلت إلى حل مع الوكالة المستقلة لتوزيع الماء بالشاوية؛ وذلك عن طريق توفير ثقب مائي بشراكة مع وكالة الحوض المائي بني ملال، حيث سيتم ربط عدة دواوير في الأيام المقبلة بالماء الصالح للشرب بعدما كانت تعاني من العطش إلى جانب مركز كيسر.