الجمعة 24 فبراير 2017، في مثل هذا اليوم من سنة 1304م شهدت مدينة طنجة ولادة أحد أعظم أبنائها وربما يكون الأشهر على مر تاريخها، فهو ذلك الرحالة الذي فاجأ العالم برحلات طويلة اعجازية في فترة كانت الرحلة فيه أشبه بالمهام المستحيلة، وطبعا الحديث هنا عن أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن ابراهيم اللواتي الطنجي المعروف ب"ابن بطوطة". اشتهر ابن بطوطة برحلاته الطويلة التي بدأها في شهر يونيو من سنة 1325 ميلادية انطلاقا من مسقط رأسه مدينة طنجة، وأخذت حوالي 30 سنة من عمره جال فيها بلدان افريقية عديدة وشبه الجزيرة العربية والشام وبلاد العراق وفارس والهند والصين وبلاد التتار وشرق أوربا والأندلس. وبالتقسيم الجغرافي الحديث فإنه تمكن من زيارة 44 دولة عالمية. ويكمن اعجازه أنه تمكن من زيارة أماكن بعيدة جدا كانت تتطلب في تلك الفترة الكثير من المغامرة والصبر عند الشدائد والمخاطر. كزيارته لجزر المالديف الذي قد يكون هو الشخص الأول والوحيد من مدينة طنجة والمغرب بأسره الذي تمكن من وضع قدميه على هذه الجزر الساحرة التي تقبع في المحيط الهندي جنوب آسيا. ويعد كتابه "تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار" الذي أٌلف بعد رحلاته الطويلة شاهدا خالدا لتلك الرحلات العجيبة الذي قام بها ابن بطوطة، كما يعد هذا الكتاب أحد أبرز كتب الرحلات في العالم وقد ترجم إلى العديد من اللغات الحية لغزارة المعلومات الجغرافية والتاريخية والاجتماعية التي نقلها ابن بطوطة بأسلوب حكائي زاد من عجب عجائب أسفاره. ولم يكن ابن بطوطة مجرد رحالة يجوب الآفاق فقط، بل كان أيضا عالما حافظا للقرآن الكريم ومتفقها في الدين وقاضيا ملما بأحكام القضاء الذي مارسه في العديد من البلدان التي زارها. كما أنه إلى جانب اتقانه للغة العربية فقد أتقن اللغة التركية والفارسية. وكل هذه المعارف جعلته يتبوأ مكانة رفيعة لدى رجال البلاط في الكثير من الأمصار التي دخل إليها. وعلى ضوء ما سبق ذكره فإن ابن بطوطة الذي ولد في 24 فبراير 1304 ميلادية بمدينة طنجة سيبقى بلا شك أحد أشهر أبناء هذه المدينة على مر تاريخها الطويل، وأحد أعظم رجال المغرب الذين دخلوا التاريخ عن جدارة قل نظيرها في رجال آخرين.