"التكيف" لغة واصطلاحاً هو البحث عن وضع جديد بسبب طارئ يغير الوضع السابق. ولكنه يعني أيضا بالنسبة للعديد من المغاربة استهلاك نبتة القنب الهندي المعروفة باسم "الكيف" سواء في شكلها الطبيعي ممزوجة مع مادة التبغ البلدي ( طابة) بواسطة "السبسي"، أو بعد استخراج مادة الحشيش منها واستهلاكها في سجائر ملفوفة( الجوانات)، والغرض بالنسبة للمستهلك( العادي والمدمن) هو البحث عن تكييف حالته النفسية والاجتماعية.. لكن الحديث اليوم عن هذه النبتة العجيبة التي أصبحت زراعتها مقننة، بعد أن كانت محرمة، وتحولت إلى "مادة أولية" لصناعات متنوعة لعل أهمها بعض أنواع المستحضرات الطبية ومواد التجميل وغيرها، يطرح الكثير من الأسئلة بإقليمي وزان والعرائش وقد استثنيا من " حقهما التاريخي" في هذا النوع الخاص من الزراعة ! فما هي المعايير التي اعتمدت في هذا الاستثناء مقارنة مع الأقاليم الأخرى التي رخص لها بصفة قانونية؟ وهل قرار المنع سيعود بالنفع على ساكنة الإقليمين صحيا واقتصاديا واجتماعيا ؟ فلا شك أن زراعة" الكيف" وتصنيعه وترويجه واستهلاكه إستفادت منه فئة من تجار المخدرات بإلإقليمين، والنتيجة هي ارتفاع أسعار العقار بهما نتيجة تبييض تلك الأموال! وفي المقابل ارتفع عدد المدمنين بوجود الحشيش في متناول الصغار والكبار . وتم استنزاف الفرشة المائية بسبب كثرة حفر الآبار لسقي حقول الكيف ! فأصبح العطش يهدد العديد من الجماعات القروية ! وفي نفس الوقت ارتفعت نسبة الانقطاع الدراسي أو ما يعرف بالهدر المدرسي، وانتشرت سلوكات اجتماعية مشينة لعل أهمها القتل بواسطة السلاح الناري! وفي المقابل كان هذا النوع من المنتوج يشغل أعدادا مهمة من اليد العاملة (ذكورا وإناثا) داخل الإقليمين ومن خارجهما ! ليبقى السؤال المطروح مع الوضع الجديد: كيف سيتكيف من كانوا يشتغلون في هذا "القطاع " عندما كان غير مهيكلا، وقد أصبح اليوم مهيكلا في أقاليم أخرى مجاورة؟ فهل أعدت الجهات المسؤولة بديلا لهم يقيهم حر البطالة وشر المخدرات؟ وكيف" سيتكيف المتكيفون" البسطاء بعد أن أصبح ممنوع عليهم زراعة مادتهم التي كانوا يقتاتون من فتاتها ويسكنون بعض أوجاعهم باستهلاكها؟ لعل الأيام القادمة تجود بالأجوبة الواقعية التي نتمنى أن تكون في صالح البلاد والعباد. الله المعين.