أيها الشرطي اقتله فإنه كان سيقتلني، لا رحمة مع هؤلاء، إنه يخربون المجتمع فلا فائدة من حياتهم،... هكذا تعالت نداءات المغاربة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة شعب الفيسبوك، نداءات تطالب الشرطة بإطلاق النار على المجرمين، وقتل المشرملين، والحقيقة ان هذا الخطاب يجد شرعيته في الظاهر، فالمواطن المغربي وخاصة سكان الحواضر الكبرى يعيشون حالة من الهلع الدائم والخوف وانعدام الامن في الشارع؟ فكل مواطن حضري لا يستطيع الخروج (خاصة في الاحياء الشعبية) ليلا، ولا أن يحمل قدرا من المال أو هاتفه المحمول، والسبب شباب ضاع في عالم البطالة والمخذرات والرذيلة، شباب يتعاطى القرقوبي فينعدم لديه الشعور، اللهم الشعور بالحاجة إلى المال اللازم للبلية والحصول عليه بكل الوسائل، خاصة النشل والسرقة وبيع الممنوعات... وفي غياب مقاربة شمولية لمكافحة الظاهرة خرجت علينا الداخلية بخطة إطلاق النار على بعض المجرمين، وقد لقيت ترحيبا من قبل الحانقين خاصة من قبل الخائفين على أمنهم ومن سبقت له تجربة الخضوع للسرقة العنيفة باستخدام السلاح الأبيض، والحق ان للمقاربة الامنية أُكلٌ على المدى القريب، لكنها من جهة اخرى تزيد من تعميق الأزمة وبالتالي تنذر بولادة ظواهر جديدة لا ندري كيف سيتم تطويقها. إن المقاربة الأمنية رغم عطائها المحدود تبقى قاصرة عن كونها الحل الأمثل لمعالجة الظاهرة الخطيرة هذه، لأن هذه الظاهرة ليست وليدة خلل أمني محض بل هي نتيجة تفكك نظام سياسي، وتحلل مجتمعي، وانهيار اقتصادي وأخلاقي، وبملاحظة بسيطة سنخلص إلى كون الظاهرة ناتجة عن عدة عوامل وتساهم في تذكيته قنوات متعددة، وأهم هذه العوامل والقنوات هي الأسرة ونظام العمل داخل مجتمع متخلف اقتصاديا و خاضع للإمبريالية، حيث يتم إنهاك كبار الأسرة النووية في العمل، وترك الصغار دون رعاية وهكذا يتم تركهم لتربية الشارع والتلفاز بكل حمولاتهما الخطيرة. إن هذا المجرم ربما هو خريج مؤسسة القمع، القمع في البيت في الشارع، في التلفاز، ولم لا هو نتاج مؤسسة السجنن فكلنا نعرف أن هذه المؤسسة صارت وكرا لتفريخ المجرمين، إن هذه العملية (قتل المجرمين أو سجنهم) ما هي إلا عرض كوميدي، كيف أن المجتمع الذي هو مسؤول عن إنتاج شبابه وتنشئته يحاكمهم لأنهم صاروا على ما هم عليه نتيجة ظروف فرضها المجتمع نفسه؟ وهكذا فإن هذه المقاربة والتعاطف معها إن كان بريئا، وليس لدعاية مغرضة فاشلة من كل النواحي. إن الحل الأمثل يكمن في التغيير الشمولي لبنية المجتمع، وإعادة النظر في كل المؤسسات خاصة مؤسسة الاسرة ونظام العمل والقنوات التلفزية الموجهة للمواطنين، وممارسة الرقابة الاخلاقية على كل ما يبث لهم، بالإضافة إلى هذا خلق فرص الشغل للشباب بعمل يحترم كرامة الإنسان، وتوفير تعليم مجاني للجميع,.... ولكن هذا كله صعب التحقيق في ظل الشروط الراهنة، ولكن يمكن إصلاح المؤسسة السجنية وتحويلها من خفر للعقوبة إلى مدرسة لإعادة التأهيل، وفتح دور الشباب والمراكز السوسيوثقافية ...وهذا كله سيؤدي إلى إصلاح المجتمع والاعتناء بكل أفراده بدل إقصاء البعض وتهميش الكل.