ظهر مفهوم الالتقائية كضرورة ملحة استجابة لمتطلبات العصر لأجل تدبير فعال للشأن العام المحلي ، من خلال إعطاء الأولوية للمبادرات المحلية عن طريق تمكين المسؤولين عن المصالح والإدارات المحلية من سلطة اتخاذ القرارات الملائمة والمنسجمة مع برامج قطاعاتهم وبرامج باقي القطاعات الأخرى ، وكذا وضع مخططات إستراتيجية و برامج ذات أمد طويل و متوسط و قصير المدى بما يمكن من تطبيق مبدأ الالتقائية في تنفيذ السياسات العمومية. إن المرحلة التي نعيشها اليوم تتطلب أسلوب جديدا في تدبير الشأن العام و المؤسسات العامة ، يتمثل في العمل على تحقيق الالتقائية والتنسيق بين البرامج والتدخلات العمومية،و هكذا ظهر مفهومين أساسين من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية ألا وهما : اللامركزية الإدارية واللاتمركز، و أنضاف إليهما مفهومان جديدين يتم العمل بهما حديثا خلال العقدين الأخيرين و هما : الحكامة والالتقائية، مفاهيم أربعة تتقاسم هما مشتركا إلا وهو تحقيق التنمية المستدامة محليا . فالكتابات المخصصة لتحديد مفهوم ( الالتقائية) ، قليلة إن لم نقل منعدمة ،سنحاول تحديد المفهوم انطلاقا من مختلف القواميس باللغتين العربية والفرنسية ومن خلال التعريفات التي أسندت له . و حسب تعريف Le grand robert: الالتقائية هو التنسيق الهادف إلى تأمين انسجام الأنشطة المختلفة بهاجس تحقيق الفعالية. الالتقائية تشكل رافعة لتحقيق الاندماج بين المجهودات القطاعية سواء في المدن أو القرى. إذن ، وأمام تعدد التعريفات لمفهوم الالتقائية : "يمكن أن نستخلص على أنها عمليات تتوخى ربط علاقة تنسيق و تكامل بين عدة مراكز اتخاذ القرار( مصالح خارجية – الولايات و العمالات -جماعات محلية – مؤسسات عمومية – هيئات و مؤسسات المجتمع مدني ...الخ) ، والتي تتدخل في مجال متقارب أو متطابق لتطوير جودة العمل التنموي المشترك ، من خلال التخطيط لبرامج و مشاريع مندمجة و متكاملة ومنسجمة و ذات نتائج ملموسة آنية و مستقبلية تتغيا التنمية الشاملة و المستديمة ". و تبرز أهمية الالتقائية في التنسيق بين المشاريع التي تخطط لها القطاعات الوزارية و المشاريع التي تبرمجها الجماعات الترابية و مؤسسات المجتمع المدني ، بهدف تحقيق تناسقا و اندماج و تكامل فيما بين المشاريع انطلاقا من حاجيات الساكنة المحلية و رغباتهم منسجمة مع السياسات العمومية و المخططات الكبرى للتنمية للدولة. الالتقائية هو الوعاء الذي يشتغل فيه كل المتدخلين من أجل إخراج مشاريع وبرامج تنموية ، شرط أن تكون مبنية على مشاركة ايجابية للمواطنين ومعتمدة على مقاربات جديدة في التعاطي مع قضية التنمية ، كالمقاربة التشاركية ، وسياسة القرب ، والمقاربة الترابية ، وتثمين مجهودات الفاعلين المحليين ودعمهم ، ماديا وتقنيا ، قصد بلوغ الأهداف المشتركة . فإلى أي حد تتحقق شروط الالتقائية في برامج و مشاريع طنجة ؟ بالطبع مشاريع طنجة عملاقة و أصبحت من أجمل المدن من حيث البنيات الطرقية و المساحات الخضراء و العديد من المرافق الاجتماعية و الثقافية التي رأت بعضها النور و أخرى في طور التشييد ، لكن الإشكال هو كيف يمكن تأهيل المجتمع المدني و تحقيق التنمية الاجتماعية بما يعود بالنفع على الساكنة سواء في مجال التعليم أو الصحة أو التشغيل أو التكوين أو الثقافة .....، فغياب الالتقائية بتعدد المتدخلين دون تنسيق أو تكامل يؤدي بالضرورة إلى فشل التنمية المحلية رغم وجود بنيات تحتية و مرافق مهمة بفضل فعالية و إرادة قوية للوالي اليعقوبي في غياب تام للمجلس الجماعي الذي هو منشغل بالسفريات و السيارات و آخر صيحات الهواتف الذكية و حفلات التغذية و الفطور .