الجرو "جيب" بدا ذي شأن عندما طلبنا منه أن يتخذ مكان الحراسة من أجل أن نلتقط صورة له، في الوقت الذي كانت فيه بعض النسوة قادمات يحملن الحطب. "جيب" يجذب اهتماما معتبرا عندما يتم اخراجه للتنزه، لأنه مختلف تماما عن الكلاب المحلية، حتى النساء القرويات يستدرن ويبتسمن عندما يمر أمامهن. هؤلاء النسوة دائما ما تراهن يحملن شيئا. غالبا يكون طفلا، وأحيانا خشبة يستعملنها في أعمال غسيل الملابس. أردت بشدة أن أمتلك واحدا من تلك الأساوير النحاسية والفضية الثقيلة التي يضعنها في معاصمهن. وغالبا ما ترى النساء هنا وهن يغسلن الملابس في الوادي. لا أعرف إن كنت قد أهتم للبقاء على ركبتاي لفترة طويلة كما يفعلن. الرجال يرقصون فوق الملابس ]1[ ويغنون طوال الوقت، إنه أمر مضحك، ولا يستعملون الصابون كما نفعل، بل نوع من الطين الذي نسميه "تراب القصار" وهو نفس النوع الذي نقرأ عن استعماله في العهد القديم ]2[. توجد هنا العديد من العادات القديمة التي تجعلني أتخيل نفسي وكأني عدت إلى زمن إبراهيم (الشيوخ بلحى بيضاء يبدون تماما مثل ابراهيم) ]3[. يمكن أن ترى "جرات مكسورة عند البئر"، وربيكا ]4[ متوجهة لتملأ قرابها، و"نساء يطحن بالمطحنة" بنفس الحجارة التي كانت عند القدماء، وشكلها هو حجارة مستديرة واحدة فوق الاخرى، بمقبض في الاعلى وثقبة في الوسط حيث تُسكب الذرة. هذا يجعلني أفكر في أن الخبز الذي سنأكله سيكون كالرمل، إذ لابدا أن نصفه سيكون من الحجارة المطحونة، ونصفه الاخر من مسحوق الذرة، لكن أعتقد أنه جيد لشخص واحد !.
يتبع... ..................................................................................................................... 1 – كانت الطريقة السائدة لفرك الملابس آنذاك أن يقوم الرجل (أو المرأة) بالوقوف فوق الملابس وفركها بالقدمين فيبدو كأنه يرقص، أو هو يرقص بالفعل. 2 – العهد القديم هو اسم الكتاب المقدس عند اليهود. 3 – المقصود ابراهيم عليه السلام، وتلك الفقرة بالكامل تستعين فيه صاحبة الرسائل بفقرات من العهد القديم لإبراز التشابه بين بعض مظاهر الحياة في عهد ابراهيم عليه السلام ونظيرتها في طنجة بداية القرن العشرين. 4 – ربيكا اسم زوجة اسحاق وأم يعقوب عليهما السلام في العهد القديم.