تنطلق، غدا الثلاثاء سابع يونيو، بمختلف أنحاء المملكة الدورة العادية لامتحانات الباكالوريا، برسم الموسم الدراسي (2016 – 2017)، ويتزامن أول أيام هذه الاختبارات مع حلول شهر رمضان، الذي يصادف، بدوره، حلول فصل الصيف والعودة للعمل بالساعة القانونية العادية. ويطرح هذا التزامن عدة تساؤلات مرتبطة أساسا بمدى الاستعداد النفسي والسيكولوجي للمترشحين والمترشحات، من أجل مواجهة هذا التزامن والتعامل معه على نحو عاد وإيجابي. وبهذا الخصوص، اعتبر الأخصائي في العلاج النفسي، لطفي الحضري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “الأحداث التي يتفاعل معها الإنسان، بشكل عام، والتي يمكن أن تكون لها تأثيرات نفسية أو اجتماعية، ترتبط بعنصرين رئيسيين هما، من جهة، التمثل الفكري الذي يحمله الإنسان عن الحدث، ومن جهة ثانية، التهيؤ النفسي له”. وبعد أن لفت الحضري الانتباه إلى أن أهم الحروب التي شهدها التاريخ الإسلامي كانت تجري خلال شهر رمضان، وأن المجاهدين كانوا يواظبون على الصيام رغم تزامنه مع خوضهم للمعارك والغزوات، شدد على أن “الاستعداد النفسي لعملية الصيام، أمر مهم وأساسي”، مسجلا أن الحالة الجسدية تؤثر عليها الأفكار السلبية أو الإيجابية التي يحملها المترشحون في أذهانهم. وفي هذا الصدد، يبدي بعض المترشحين تخوفا من تزامن إجراء اختبارات الباكالوريا لهذه السنة مع حلول شهر رمضان. قالت “س.ش”، تلميذة في السنة الثانية من سلك الباكلوريا بثانوية الحسن الثاني التأهيلية بالرباط، في تصريح مماثل، “بحكم أني أعاني من انخفاض في الضغط الدموي، فإنه من المؤكد أن تؤثر عملية الصيام على استعدادي النفسي للامتحان، وعلى اجتيازي له بدون مشاكل صحية عنوانها الأبرز التعب والإرهاق (…) أنا متخوفة أكثر من الاختبارات التي ستجري خلال فترة ما بعد الزوال، لأنه من المرجح أن تبلغ وتيرة التعب والإرهاق خلالها أقصى المستويات”. وفي المقابل، اعتبر “ج.ا”، المقبل كذلك على اجتياز امتحانات الباكالوريا بنفس الثانوية، “ليس لدي أي تخوف من تزامن هذه الاختبارات مع شهر رمضان لأن من جد وجد ومن زرع حصد، باستثناء مادة الفلسفة التي تتطلب تركيزا أكبر، يستدعي أن يكون المترشح في كامل طاقته وحيوته (…) وفي المقابل، أنا متخوف من تزامن الامتحانات مع العودة للعمل بالساعة القانونية العادية، لأني من النوع الذي يربكه تغيير التوقيت كثيرا”. ومن جانبه، اعتبر عبد الرحيم بن حيسون، مدير ثانوية مولاي يوسف التأهيلية بالرباط، أنه “من المستبعد أن تواجه التلاميذ المترشحين بثانويتنا أية مشاكل نفسية بالنظر إلى هذا التزامن، لأن معظم تلامذتنا، إن لم أقل كلهم، لا يعانون من الإدمان على المخدرات أو التدخين أو ما شابه ذلك، حتى ينعكس هذا الأمر على اجتيازهم للامتحان خلال شهر رمضان (…) أعتقد، في المقابل، أن ما يمكن أن يؤثر على نفسية المترشحين هو العودة للعمل بالساعة القانونية العادية يومين فقط قبل تاريخ الاختبارات”. وبالنسبة لمدير ثانوية الحسن الثاني التأهيلية بالرباط، مصطفى أكرض، فإنه “من المرجح أن تزامن الاختبارات، هذه السنة، مع حلول رمضان ليس بالأمر الهين على نفسية المترشحين، لكن التعامل مع هذا التزامن يتوقف بشكل أساسي على شخصية المترشح وقابليته واستعداده لاجتياز الامتحانات بنجاح (…) وهذا الأمر يختلف من مترشح لآخر”. وفي ما يتعلق بالنصائح والتوجيهات التي من شأنها مساعدة المترشحين والمترشحات على التعامل مع هذا التزامن بصفة عادية وإيجابية، يشدد الأخصائي في العلاج النفسي، لطفي الحضري، بالإضافة إلى النوم الكافي، على جانبين رئيسيين هما “تقبل المشقة” و”الارتباط الروحي”. فبخصوص الجانب الأول، يعتبر الحضري أن تقبل المشقة يساعد على ضبط “الأدرينالين” في الجسم، وهي المادة التي تحدث عياء جسديا وذهنيا كبيرا حين يفرزها الجسم بكميات وافرة، مشيرا، في المقابل، إلى أن تقبل المشقة قد يساعد على إفراز مادة “الأدرفين”، التي تعمل على تحسين المزاج وتمنح القدرة على التحمل والإحساس بالمتعة (…) “وهو ما يطلق عليه في علم النفس الفطري بالثنائيات الذكية”. وفي ارتباط بالجانب الثاني، يؤكد الحضري أنه “إذا كان الارتباط الروحي مع الله عز وجل قويا، فإن قدرة التحمل تكون كبيرة جدا، ما يساعد على تحمل الألم (…) هذا الارتباط هو الذي يجعل بعض المسلمين يصومون خارج شهر رمضان: الاثنين والخميس وغيرها من النوافل..”. وكانت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني قد أعلنت، في بلاغ لها، أن اختبارات امتحانات البكالوريا لدورة 2016، ستجرى في المواعد والمواقيت التي كان قد تم الإعلان عنها سابقا، والمتضمنة في الاستدعاءات الموجهة للمترشحين والمترشحات، والتي هي أيام 7 و8 و9 يونيو 2016 بالنسبة لجميع الشعب، فيما ستجرى الدورة الاستدراكية أيام 12 و13 و14 يوليوز 2016. (*) و م ع