بعد أن ظل لعقود طويلة منحصرا في خانة "الطابوهات" السياسية والاجتماعية، شكل موضوع "زراعة الكيف"، محور أول نقاش على مستوى رسمي، بإشراك فعاليات سياسية ومدنية وخبراء وأكادميين، الذين التأموا خلال أشغال ندوة دولية أشرف على تنظيمها مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة. وحسب الجهة المنظمة، فإن هذا اللقاء الذي تمحور حول "الكيف والمخدرات"، يندرج في إطار الاستعداد للمشاركة في الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة، الخاصة بالمخدرات والجريمة، والمقرر انعقادها بنيويورك، بين 19 و 21 أبريل المقبل. وقال إلياس العماري، رئيس مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة، أن هذه الندوة التي تحمل شعار "جميعا من أجل بدائل قائمة على التنمية المستدامة و الصحة و حقوق الإنسان"، تشكل مناسبة لنقاش عمومي مفتوح وصريح، يشكل الجانب القانوني والتشريعي أحد مستوياته الأساسية، وذلك على ضوء مجموعة من التجارب الدولية. وأوضح العماري، ضمن تصريح لجريدة طنجة 24 الإلكترونية، أن الندوة تسعى إلى مناقشة سبل حماية المغرب من المخدرات مع المحافظة على كرامة المزارعين المتهمين بزراعة المخدرات، رغم أن هذه النبتة ليست كذلك وإنما هي عشبة طبيعية يمكن استغلالها في استعمالات صحية وبيئية وصناعية عديدة. وتابع نفس المتحدث قائلا "هناك نباتات عديدة لها استعمالات مفيدة لكن تحويلها يمكن أن يجعل منها مواد سامة، وهذا ينطبق أيضا على نبتة الكيف التي أثبتت التجارب العلمية إمكانية الانتفاع بها في مجالات عديدة.". وخلال الكلمة الافتتاحية للندوة، أبرز العماري، أن زراعة "الكيف" كانت منتشرة في مناطق شاسعةمن شمال المغرب منذ قرون عديدة، وأن استعمالاتها في انتاج المخدرات لم تظهر إلا خلال العقود الأخيرة. وأضاف رئيس المجلس الجهوي، أن مزارعي الكيف، تمتعوا بظهير من لدن الملك الراحل محمد الخامس، يسمح لهم توسعة مناطق زراعة الكيف حتى سنة 1962، مما يعني، حسب نفس المتحدث، أن هذه النبتة لم تكن محرمة كما هو الأمر حاليا بسبب استعمالاتها غير المخالفة للقانون. وأورد العماري، خلال كلمته، أن ما يزيد من 40 ألف مواطن يمتهنون زراعة القنب الهندي، يوجدون في حالة فرار، بسبب الملاحقات الأمنية الصادرة في حقهم، في الوقت الذي لم تتم فيه متابعة سوى أقل من 1 في المائة من وصفهم بأباطرة المخدرات، الذين يستغلون هؤلاء المزارعين. "غير سكان هذه المناطق أن بعد 1962 أصبحوا متهمين إلى حين ثبوت براءتهم، بسبب امتهانهم لزراعة هذه العشبة حتى أصبح اليوم هذا الموضوع من الطابوهات"، يستطرد إلياس العماري، الذي تساءل "كيف نعاقب ساكنة لأنها تزرع مادة صالحة للإنسان صحة و بيئة و تنمية و لا نعاقب من يحول هذه المادة إلى مادة سامة تهلك حياة الفرد و المجتمع". وأكد العماري، على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة تقوم على تحقيق التنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان، وذلك من خلال بحث سبل للاستعمالات الصحيحة لهذه النبتة، موضحا أن تجارب العديد من البلدان، قد أثبتت أن نبتة القنب الهندي تستعمل في أكثر من 50 أو 60 مادة نافعة للإنسان صحيا وبيئيا وتنمويا، حسب تعبيره. ويناقش المؤتمر، الذي يشارك فيه أكاديميون وخبراء عبر ثلاث جلسات، مواضيع تتعلق ب"الوضعية الراهنة للسياسات الدولية والوطنية في مجال المخدرات"، و"البدائل السوسيو-اقتصادية القائمة على الحق في التنمية المستدامة". فيما سيختتم المؤتمر أشغاله بقراءة "إعلان الريف" الموجه لدورة الأممالمتحدة الخاصة بسياسات المخدرات.