في سياق الجدل الذي أثاره موقف هيئة تمثل شريحة من مهني قطاع الصحة بالمغرب، من مضامين برنامج إذاعي ينتقد ممارسات بعض المنتسبين لهذه المهنة، اعتبر إطار طبي مغربي، أن السلوكات التي انتقدها البرنامج هي ” ممارسات قائمة وموجودة ويتحدث عنها الجميع، ويتحدث عنها الأطباء قبل غيرهم”. وكان موضوع الحلقة ما قبل الأخيرة من برنامج “احضي راسك” الذي يقدمه الاعلامي محمد عمورة على الإذاعة الوطنية، الذي حمل عنوان “الخيانة الطبية”، قد حرك شكاية وجهتها الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء إلى الهيئة العليا للسمعي البصري، لاتخاذ إجراءات ضد البرنامج الإذاعي، على خلفية ما تضمنته من “ألفاظ ومصطلحات وتهم مجانية”، وفقا لتعبير الشكاية. واعتبر الدكتور الطيب حمضي، الذي يحمل صفة رئيس للنقابة الوطنية للطب العام بالمغرب،في تدوينة مطولة على حسابه الشخصي في فيسبوك، أنه “لا يمكن مطلقا إنكار حدوث هده الممارسات البغيضة” التي تعرض لها البرنامج الإذاعي في حلقته المذكورة. وتساءل الدكتور حمضي، المنحدر من مدينة وزان، حول ما إذا كان “كل الأطباء المغاربة، ملائكة رحمة؟ يؤدون عملهم بمهنية وضمير؟ هل كل المؤسسات الصحية والمصحات تؤدي عملها وفقا للقوانين بدون غش ولا تدليس؟”. قبل أن يجيب ” من الصعب، بل من المستحيل الجزم بذلك”. وأضاف الإطار الطبي، أن المغاربة لا يشتكون من ممارسات مشينة لا تقع إلا في مخيلتهم، بل من ممارسات حقيقية مشينة يعايشونها كل يوم، ويعايشها الجميع، ويتحدث عنها الجميع، وتتكرر كل يوم”. معتبرا أن “أكبر المشاكل والشكايات هي المرتبطة بالاستشفاء والفحوصات التكميلية والوصفات”. وابرز أن المغاربة يشتكون من مصحات تتعامل "بالنوار"، ومن مشاكل التلاعب بالفوترة لفرض أداء اكبر من المصاريف الحقيقية، علاوة على أن يشتكون من ممارسات كلها "نوار" لأطباء من القطاع العام يمارسون خلسة بالقطاع الخاص، فلا تجد الطبيب في مكانه بالمشفى العمومي لكنه "بت نبت" في المصحات والعيادات الخاصة. كما “أن المغاربة يشتكون من جراحين يفرضون على مرضاهم اقتناء أدوات طبية للعمليات الجراحية، يتم إرجاع نصفها للبائعين لقبض ثمنها، كما يشتكون من أطباء بالقطاع الخاص يتركون عياداتهم لأطباء من القطاع العام الذي "يصطادون" زبنائهم بالمستشفى العمومي مقابل عمولة محددة”، بحسب مضمون التدوينة. وبالرغم من أن هناك فئة كبيرة من الأطباء التي تحترم مهنتها وشرفها المهني وتعمل بضمير وفي صمت، بحسب الدكتور حمضي، فإن “الناس تشتكي من المعوج، من المعتل، من الفساد، وهذا طبيعي”، على حد تعبيره. وشدد على أن “المغاربة لا يكرهون الأطباء ولكن يكرهون الممارسات المشينة التي يلاقونها من طرف بعض الأطباء والمؤسسات الصحية. يكرهون أن تصبح حياتهم وصحتهم سلعة يتلاعب بها من طرف بعض الذين أوكلت إليهم مهمة الحفاظ عليها”.