بعد أن امتلأت بطون صناديق الاقتراع ،لتدخل مرحلة الطهي على نار هادئة ، جاء وقت الحسم لينال كل متدخل في هذا الاقتراع نصيبه من الحصاد الانتخابي ، فالمواطن البسيط المغلوب على أمره ، كالأرامل والمطلقات، وكل من أثقلت كاهله فواتير الماء والكهرباء و غلاء المعيشة بصفة عامة، هؤلاء كلهم اهترأت أقدماهم من كثرة الصولان والجولان لرفع شعار حزب أو مرشح معينين , فلكل حظه من هذا الرهان الانتخابي ،فالحلقة الأضعف فيه هي هذه الشريحة من المجتمع التي نحن بصدد الحديث عنها ،فهي تستفيد استفادة مؤقتة من هذا العرس الانتخابي إبان انطلاقه ،حيث سينال كل فرد مقابل جولاته قسطا من المال يكفيه لمعالجة بعض التصدعات التي نالت من جسده، ولاسيما، الشقوق التي برزت أسفل قدميه ، أما من ابتلي باستعمال المخدرات، سيغطي له المصروف الانتخابي، أسبوعا على الأكثر ،من أخذ جرعات من مخدر فتاك ،ومع ذلك نسأل العلي القدير الشفاء لهؤلاء، وفي نفس الوقت الالتفاتة الإنسانية من لدن من أهلته صناديق الاقتراع لأنه، على معاناة هذه الشريحة من المجتمع شيد العديد من المنتخبين طموحاتهم ، فحان الوقت لتقديم يد المساعدة إليهم، أو بالأحرى إصلاح ما دمرته الحملة الانتخابية البشعة من عقول وأجساد ، فبعد الجلسات المغلقة التي أعقبت إفراغ صناديق الاقتراع من محتوياتها ، طفت على السطح تحالفات حزبية لا تسمن ولا تغني من جوع، أو بمعنى آخر كرست بالملموس المفهوم الحقيقي للعبة السياسية ، فمبادئ الحزب أو إرادة الحزب أو مرجعيته وأهدافه البريئة ،إن صح التعبير ، يتم التنازل عنها في مثل هذه المناسبات ، وما يهم في آخر المطاف هو الظفر بمقعد رئاسي هنا أو هناك ، فمسألة جمع الثروة تستدعي من المتصارعين الحزبيين التقليديين التآخي والتراضي والمؤازة، لسد الطريق على أي دخيل أو متطفل على الحقل السياسي المغربي ،لكي لا تكشف عوراتهم السياسية، وخروقاتهم التسييرية للشأن المحلي ، وعلى أي ، اللهم أدمها محبة بين المتصارعيين !! وكما قيل الضرورات تبيح المحضورات ، فعلى ما يبدو اكتملت أضلع الخريطة السياسية لجهة طنجة ،تطوان، الحسيمة ، وبطبيعة الحال كل فريق حزبي أو منتخب كانت له وعوده ووصفاته السحرية القادرة على إخراج كل جهات المغرب من عنق الزجاجة ، فهذا جميل، إذن آن الأوان لفتح الملفات الشائكة التي تسبب صعقات كهربائية لكل من يتجرأ على قلب صفحاتها ، كملف الأمن ،و النظافة، والصحة، والتعليم، والتشغيل، وهلم جرا ... إلا أننا كمجتمع مدني وكمهتمين بالشأن المحلي سنحاسب وسنراقب المشاريع التنموية التي وعدنا بها منتخبونا ، فصوتنا لا يساوي مائة درهم أومائتين كما يظن البعض ، ولكن صوتنا يساوي إرادتنا وطموحاتنا ، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بميثاق شرف يوقع بين المنتخبين والمجتمع المدني ،أو بما أنجر على الميدان ، مع حضور منطق المحاسبة من طرف هيئة مختصة موكول إليها متابعة أحوال البنود أو الميثاق الموقع بين الطرفين ،وإلى أي حد تم تفعيل هذا الميثاق على أرض الواقع. وأهم ملف يجب الانتباه إليه وإعطاؤه أهمية خاصة ،هو ملف الهوية المرتبط باللغة ، فمع احترامنا لكل اللغات واللهجات المتعامل بها وطنيا، نحن نؤكد على ضرورة احترام التراتبية اللغوية المنصوص عليها دستوريا ، والتي بوأت اللغة العربية المرتبة الأولى تعلما وتواصلا ، إلا أن الإعلام المغربي سلب اللغة العربية قيمتها وبريقها عن طريق تكريس وطغيان لغة الشارع على المشهد الإعلامي برمته من جهة ،ومن جهة أخرى فتح الباب في وجه الفرانكفونية التي يلتجئ روادها لأساليب مكرة لغرسها في جذور الهوية المغربية ، فتارة تدفع بالأمازيغية للدخول في صراع مع اللغة العربية ،مع العلم أن كليهما يشكلان العمود الفقري لهذه الهوية ، وتارة أخرى يتم إقحام العامية في هذا الصراع عن طريق جعلها بديلا للغة العربية بالمؤسسات التعليمية ،وبهذه الممارسات الدونية نقول لدعاة الفرانكفونية، أن سلب ثقافة وتاريخ شعب ناضل بكل ما أوتي من قوة أيام الاستعمار الحاقد ، ظل متمسكا بهويته وبدينه في وقتنا الراهن، وقدم للعالم مثالا للتضامن و التضحية من أجل نصرة الدين والوطن و الانتصار للهوية ، مؤكدين على أن الشعب المغربي كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى.