لا زالت شخصية الكولومبي بابلو إسكوبار الذي قُتل في تبادل لإطلاق النار سنة 1993 مع الجيش الكولومبي تثير الكثير من الجدل والتساؤلات، نظرا لتاريخه الطويل والعنيف في مجال تجارة الكوكايين الذي يُعتبر هو واحد من أكبر مروجيه على مر التاريخ، وقد بلغت ثروته إلى أزيد من 30 مليار دولار وفق مجلة “فوربيس” لسنة 1989 بسبب هذه التجارة. ورغم رحيل بابلو إسكوبار منذ أزيد من عقدين من الزمن، إلا أن أسرار هذا الرجل لازالت تظهر بين الحين والأخر لتكشف مزيدا من جوانب شخصيته المثيرة، الشخصية التي كان طموحها أن تتربع على عرش الرئاسة في كولومبيا، لولا أن الأقدار كان لها رأي أخر. مؤخرا انتشرت على نطاق واسع العديد من السلسلات والأفلام الوثائقية والتقارير الإعلامية التي تنبش في سيرة بابلو إسكوبار، وأشارت إلى كيفية قيام بابلو إسكوبار ببناء شبكة المافيا التي كانت تابعة له في مدينته ميديين الكولومبية، بالإضافة إلى بنائه لشبكة واسعة من العلاقات الدولية التي كان يستعين بها في تهريب الكوكايين. وأشارت مصادر إعلامية عديدة، إلى أن قبل ذيوع صيت بابلو إسكوبار في أواخر الثمانينات كبارون شهير في الكوكايين، كان قد قام قبل ذلك بسفريات متعددة إلى أمريكا وباقي الدول الأخرى لتوسيع شبكة تهريبه وتوسيع طرق التهريب، وهو ما جعله على علاقات وطيدة مع العديد من كبار تجار المخدرات في العالم. في منتصف الثمانينات كان المغرب حينها يعرف قفزة نوعية في تجارة الحشيش، خاصة في منطقة الشمال، وكانت بعض الأسماء الشهيرة في هذه التجارة مثل حميدو الذيب واليخلوفي والتمسماني يسيرون بنفس الوتيرة التصاعدية لبابلو إسكوبار في كولومبيا سواء من حيث أنشطة التهريب أو من حيث الشهرة. السؤال الذي يبقى مطروحا، في فترة قيام بابلو إسكوبار بتوسيع شبكة علاقاته الدولية، هل وصلت علاقاته إلى بارونات الحشيش في شمال المغرب، وهل فعلا زار بابلو إسكوبار مدينة طنجة في أواخر الثمانينات والتقى بحميدو الذيب الذي كان هو البارون الأول في طنجة؟ في تقرير كانت قد أعدته الصحيفة المغربية “تيل كيل” عدد 257 الصادر في 2007، حول علاقات المغرب مع تجارة الكوكايين والهيرويين، جاء في هذا التقرير أن بابلو إسكوبار زار طنجة في الفترة الممتدة بين 1986 و 1988، وكان يمتلك فيلا في حي مرشان حيث التقى باحميدو الذيب والشعيري. ورغم أن التقرير لم يقدم أي دليل عن زيارة بابلو إسكوبار إلى طنجة، إلا أن هناك عدة عوامل تشير بقوة إلى إحتمالية زيارة بابلو إسكوبار إلى طنجة وإلتقائه بمجموعة من بارونات الحشيش المغاربة الذين كان قد ذاع صيتهم في العالم أنذاك. فالفترة الممتدة بين 1986 و 1988 هي بالفعل الفترة التي قام بابلو اسكوبار خلالها بمجموعة من الزيارات لعدة دول عالمية لتقوية شبكة علاقاته، ونظرا لأن المغرب كان حاضرا بقوة في خريطة التهريب الدولي للمخدرات في تلك الفترة، فهناك احتمال قوي أن بابلو إسكوبار زار شمال المغرب وبالخصوص طنجة لربط علاقات مع بارونات المخدرات هنا. في هذه الفترة أيضا، كان محمد اليخلوفي الذي كان على رأس بارونات الحشيش في تطوان أنذاك، كان يُعتبر من أشهر مهربي الحشيش في العالم، وكان على علاقة وطيدة مع الزعيم الكوبي فيديل كاسترو، حيث كان ينشط في تهريب السجائر إلى كوبا خلال فترة الحصار الأمريكي عليها، وهذا قد كشف عنه المحامي المغربي محمد زيان في تصريحات سابقة له. علاقة اليخلوفي بهذا الموضوع، أن في فترة علاقته مع فيديل كاسترو، كان بابلو إسكوبار قد ربط علاقة سرية مع فيديل كاسترو عن طريق أخيه راوول من أجل تسهيل عبور الكوكايين إلى أمريكا عبر كوبا، وقد تم الاتفاق بالفعل، وهو ما يرجح أن بابلو إسكوبار كان على علاقة باليخلوفي أيضا وربما يكون الأخير هو من دعا بابلو إلى زيارة المغرب. تقارير عديدة كانت قد نشرتها إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية “DEA” في أواخر الثمانينات أشارت فيها إلى أن أشهر بارونات المخدرات في العالم ينسقون في بينهم لتسهيل أنشطتهم التهريبية، وكان بارونات المخدرات المغاربة، وعلى رأسهم اليخلوفي والبارون الكولومبي بابلو إسكوبار على رأس قائمة أشهر المهربين الدوليين في لائحة هذه الإدارة. كل هذه العوامل لا تجيب بالجزم على زيارة بابلو إسكوبار إلى المغرب وطنجة بالخصوص، إلا أنها تشير بقوة إلى ذلك واحتمالية ارتباطه بعلاقات وطيدة ببارونات الحشيش المغرب في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات.