– محسن الصمدي: يعتبر دوري الحي أو "كامبيوناطو" كما يسميه الطنجاوييون أن ، من بين أبرز العادات المميزة لشهر رمضان الكريم بعاصمة البوغاز، حيث يصر العديد من الشباب على إعادة إحياء هذه السُنة الحميدة من خلال تنظيم منافسات خاصة بكل حي، يطغى على أجواءها المرح والتنافس وكذا الرغبة في حصد الجائزة الكبرى من خلال الوصول إلى المباراة الختامية. فلم تمنع حرارة الجو القاسية ولا صعوبة الإمتناع عن الأكل وشرب طيلة اليوم، هؤلاء الشباب من تنظيم مثل هذه التجمعات، التي تكون فرصة للترويح عن النفس والخروج من جو الروتين والرتابة، ومناسبة لتفريغ الطاقات والمواهب التي تظل مسجونة ومقموعة طيلة أيام السنة. عادة قديمة يتوارثها الأجيال ويعتبر دوري الحي من العادات المتغلغلة في الطقوس اليومية لسكان مدينة طنجة خلال شهر رمضان الكريم، حيث يحرص الشباب على إحياءها كل سنة، ويبدأ التحضير لها منذ بداية شعبان، عبر إيجاد الملعب المناسب وإقتاء الهدايا والجوائز التحفيزية للفائزين، وكذا تسجيل أسماء ومعلومات الفرق المشاركة. ورغم أن تاريخ بدايتها وكذا العلاقة التي تربط هذا الشهر بكرة القدم تبقى مجهولة وغير معروفة، لكن يرجح الجميع أن الأجواء الحميمية التي تطبع هذه الفترة وكذا وقت الفراغ الكبير المتوفر نظرا لتغييرات التي تحصل على أوقات العمل، كلها عوامل تساعد على تنظيم مثل هذه التظاهرات، التي تناقلت من جيل إلى جيل لتصل إلينا الأن. دوريات رمضانية حفرت في الذاكرة ويبقى الدوري الرمضاني الذي كان يحتضنه ملعب الشريف في السابق، من بين أبرز التظاهرات التي تعرفها المدينة خلال هذا الشهر الكريم، حيث كانت الجماهير تحج إليه من كل حدب وصوب من أجل متابعة أهم المباريات التي كانت تجمع بين أبرز لاعبي أحياء مدينة البوغاز. وكانت الفرق المتنافسة في هذا الدوري تتغير من سنة إلى أخرى، إلا أن أبرز النوادي التي تركت بصمتها وتوجت أكثر من مرة، نجد فريق حي المصلى، وفال فلوري، وكذا حومة كولومبيا وعقبة سيريانتس، بالإضافة إلى كل من فريق المطافي وعين الحياني، حيث كانت المباريات التي بين هذه الفرق تشهد إقبالا منقطع يفوق أحيانا المقابلات الرسمية التي يحتضنها ملعب مرشان. مبادرات فردية لضمان الإستمرارية ورغم قلة الملاعب والفضاءات العمومية المخصصة لمزاولة رياضة كرة القدم المصغرة، إلا أن شباب مدينة طنجة حافظ على إستمرارية هذه العادة بتنظيم دوريات بمجموعة من الملاعب الخاصة المتواجدة بالمدارس، بالإضافة إلى بعض الفضاءات العمومية ك "كامبو تراب" بمنطقة البرانص وملعب "سيربانتس" بالقرب من سوق الجملة سابقا. هذه الدوريات تنظم من طرف جمعيات الأحياء أو بعض المتطوعين، الذين يتكلفون بدفع مصاريف كراء الملعب وكذا شراء الجوائز التحفيزية، مقابل مبالغ رمزية يقوم كل فريق راغب بالمشاركة بدفعها، في سبيل الحفاظ على هذه العادة وحمايتها من النسيان.