رئيس مؤتمر عمداء مدن الولايات المتحدة يشيد بالرؤية الملكية لتنمية مدن الصحراء المغربية        التنسيق النقابي ببني ملال بقطاع الصحة يصعد من احتجاجه ضد "سوء" التسيير والتدبير و"ضياع" حقوق الشغيلة الصحية    جيتكس دبي.. آيت الطالب يكشف عن رؤية المغرب للتحول الرقمي في قطاع الصحة        وليد الركراكي يشيد بأداء اللاعبين الجدد خلال مباراة إفريقيا الوسطى        أبيدجان.. تسليط الضوء على الخطوات الكبرى التي اتخذها المغرب لإقامة مدن مستدامة    القدرة على الادخار..مندوبية: توقعات أقل تشاؤما لدى الأسر خلال الفصل الثالث من سنة 2024    زلزال بقوة 6.3 درجات يضرب منطقة شرق تركيا    أكادير.. إعطاء الانطلاقة الرسمية لفعاليات النسخة الثالثة عشر من الحملة التحسيسية بالوسط المدرسي    المنتخب المغربي يواصل عروضه القوية بفوز جديد على نظيره لإفريقيا الوسطى (4-0)    كوريا الشمالية تعلن تطوّع أكثر من مليون شخص في الجيش    قاضي التحقيق يأمر بإيداع مالك مجموعة "سيتي كلوب" سجن عكاشة    رئيس الوزراء القطري: قاعدة العديد لن تُستخدم لأي هجمات على دول في المنطقة    رئيس البنك الدولي يحذر من تداعيات اقتصادية عالمية في حال توسع الصراع في الشرق الاوسط    تصنيف دولي : جامعة مولاي إسماعيل تحتل الصدارة في جودة البحث العلمي بالمغرب    مدرب إفريقيا الوسطى يستنجد بالمغرب    درك سيدي إفني يعترض مخدرات    خنيفرة تستعد لاحتضان الدورة الخامسة لمهرجان إيزوران    زياش يحذف صوره مع المنتخب المغربي    في انتظار اجتماع مجلس الأمن: توقع تجديد ولاية بعثة "المينورسو" .. وعقبات كبيرة ما زالت تعترض عملية السلام    الجيش الملكي يحسم في هوية خليفة تشيسلاف ميشنيفيتش …!    المنتخب المغربي يواصل عروضه القوية بفوز جديد على نظيره لإفريقيا الوسطى    المغرب يفتح باب استيراد اللحوم المجمدة لمواجهة ارتفاع الاسعار    أرقام رسمية: التساقطات المطرية الأخيرة تحسن وضعية السدود بالمغرب    ‮مناسبة ذكرى قراري‮ ‬محكمة‮ ‬لاهاي‮ ‬الدولية‮ وتنظيم‮ ‬المسيرة الخضراء‮:‬ ‮ ‬ما الذي‮ ‬يزعج الجزائر‮ ‬في‮ …. ‬البيعة؟        الجالية وقضية الوحدة الترابية من منهجية التدبير إلى مقاربة التغيير    الشعب المغربي يحتفل يومه الأربعاء بالذكرى ال49 للإعلان عن تنظيم المسيرة الخضراء المظفرة    منصات التواصل تشهد "تسونامي" من الصور التاريخية المزيفة المُبتكرة بالذكاء الاصطناعي    'معرض جيتكس دبي': وزارة الصحة تسلط الضوء على المشروع الملكي لإصلاح المنظومة الصحية    المفوضية الأوربية تطرح قانونا جديدا يسرع ترحيل المهاجرين السريين    زخات قوية قد تكون عاصفية محليا يومي الثلاثاء والأربعاء بعدد من أقاليم المغرب    صناعة التفاهة.. تهديد صامت للوعي الاجتماعي    الدورة 14 من المعرض الجهوي للكتاب بمراكش    زمن الجماهير    أمير قطر يعلن عن تعديلات دستورية وطرحها للاستفتاء بعد موافقة مجلس الشورى    اتهامات جديدة ضد مبابي: نجم ريال مدريد يرد على الشائعات    الوزير بنموسى يعلن في البرلمان عن خطة للنهوض بالرياضة بعد نكسة الألعاب الأولمبية    الضريرة مُعارَضة لقصيدة "الأرملة المرضع" لمعروف الرصافي    شبح ارتفاع المحروقات يطارد المغاربة رغم توقعات الانخفاض العالمية    مغاربة يحتجون تنديدا بمحرقة جباليا وتواصل المطالب بوقف المجازر وإسقاط التطبيع    الشامي: المغرب لا يستفيد من فرص سوق صناعة السفن.. 11 مليار دولار حجم سوق التصدير سنويا    حملة استنكار مغربية تقود إلى إلغاء حفل الجزائري الشاب بلال بميدلت    افتتاح الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الخامس والأربعين    نتنياهو: المصلحة تحدد الرد على إيران    شكاوى جديدة ضد شون "ديدي" كومز بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر    الصحة العالمية: سنة 2024 شهدت 17 حالة تفش لأمراض خطيرة    دراسة: تناول كمية متوسطة من الكافيين يوميا قد يقلل من خطر الإصابة بألزهايمر    دراسة: تناول كميات طعام أقل قد يكون له تأثير إيجابي على متوسط العمر المتوقع    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عوضنا على الله
نشر في طنجة 24 يوم 06 - 12 - 2014

مرارة قاتلة يحس بها المرء حينما يجد نفسه خارج دائرة الاهتمام المطلوب داخل وطنه. و حسرة ما بعدها حسرة تنتابه بعدما يجد نفسه متموقعا في الدرجة السفلى من لائحة انشغالات المسؤولين عن الشأن العام والخاص بالبلاد، وخارج تغطية المؤسسات العامة التي تعتبر ملكاً للشعب باعتباره أصل الدولة، ومصدر السلطة التي تُستمد منه لتحكمه.
و إن كانت هذه في الواقع معادلة طبيعية. إلا أن الذي ليس طبيعيا هو تنكر الهيئة السياسية التي فوض لها الشعب تسيير أمره بمقتضى تعاقد شهدت عليه صناديق الاقتراع شفافة كانت أم داكنة، لكل ما يتعلق بهمومه وأحزانه، وتجاهل صراخاته ونداءاته، ومعاكسة رغباته وطموحاته. وكذلك هو وبكل أسف حال المجتمع المغربي مع حكومته، ومختلف المؤسسات العامة التي تحت تصرفها، وعلى رأسها الإعلام العمومي، ونخص بالذكر هنا القنوات التوركو- مكسيكو- هندو - فرانكو - مَغْرِبُفُونية.
هذه القنوات التي أشبعتنا حتى التخمة لقطات العراء، واستعراض كل تفاصيل الجسد الأنثوي، ما أُبيحت رؤيته وما حرمت، وعلمتنا شتى أنواع فنون التحرش رغم تجريمه، ولقنتنا كمّاً هائلا من عبارات العشق والغرام بلغة بلاد الشام التي صرنا نتقنها أفضل من لهجاتنا، أبت إلا أن تتجاهل نداءات الشعب، ومطالبته إياها بالتوقف عن عرض المسلسلات الأجنية، وكل البرامج الفكاهية والترفيهية، حداداً على أرواح ضحايا أحداث الفيضانات التي عرفتها مختلف مناطق الجنوب، وما خلفته من أحزان وجروح عميقة نخرت جسد أسر عديدة أبانت رغم صدماتها عن تماسكها و تضامنها وقت الحزن و الآلم، كما هو حال العائلة المغربية الكبيرة التي أبانت عن ذلك من خلال الحداد والسواد الذي عم مختلف الصفحات والحسابات الفايسبوكية التي تفاعلت فيما بينها، و وحدت مشاعرها تجاه ضحايا ومنكوبي الجنوب. منددة بالموقف السلبي للحكومة المنتخبة ( شعبياً ) تجاه هذا التجاهل المرفوض من قنوات تلفزية هي تحت وصاية وزارتها في الاتصال، لكن ماذا نقول لحكومة لم تستطع حتى تطبيق ما أنجزه وزيرها من دفاتر تحملات بشأن هذا القطاع ؟
والحقيقة أن هذا الأمر ليس بغريب عن المواطن المغربي، لأنه لم يكن يوما موضع اهتمام هذه القنوات، اللهم في بعض المناسبات التي يتم فيها أخذ ارتساماته المقرونة بابتسامات عريضة صفراء بما للكلمة من مفهوم خبيث، ليعلن وعند الحاجة أن كل شيء عل ما يرام، وأن الأمور بخير وعلى خير. أو تقوم بتصويره و هو يرقص أمام منصات موازين على إيقاعات ملايير الدراهم. دون أن ترافقه في معاناته ومصائبه ومآسيه، إلا في ما يخص تصوير توزيع الإعانات والمساعدات الذي أقل ما يقال عنها أنها صدقة يتبعها أذى. دون القيام بدورها المفترض في الكشف عن السلبيات التي تعتري مختلف جوانب حياته. باختصار، فهي تستعمله كأداة من أدوات التزيين التي بدونها لا تكتمل اللوحة الجميلة حتى تَسُرَّ الناظرين.
وليست القنوات الحكومية وحدها التي خذلت المواطن في محنته تلك، بل الحكومة الوصية عليها أيضاً، ففي وقت الحاجة، وبعد أن كنا متيقنين أننا سنتلقى خبر الإعلان عن حداد وطني على أرواح عشرات الضحايا الذي جرفتهم مياه الأمطار الأخيرة، اكتفت بما لم يتغير في شيء عن تلك التحركات المعتادة من قَبل في زمن أسلافها، باستثناء الحالات الخاصة، و التي يكون فيها التسويق الخارجي ذو أهمية كبرى. فاكتفت بزيارات لوزائها هنا وهناك، وخرجاتهم الإعلامية، وقراراتهم توقيف بعض المسؤولين. وتبرئهم من عدد من القناطر التي كانت سببا في الفاجعة باعتبارها أنجزت في عهد أسلافهم، دون اعتزام محاسبتهم، مؤكدين بذلك أن فعلا لا شي تغير في هذا البلد إلا من البشر و خطاباته.
و وسط هذه المعانات التي يعيشها سكان أقاليمنا الجنوبية، بين حزن على فراق أحبة جرفتهم مياه الأودية، وانهيار بيوت بفعل الأمطار الطوفانية، ونفوق بهائم، وإتلاف محاصل زراعية ومؤن، ومدن وقرى صارت في حكم المناطق المنكوبة رغم إصرار السلطات عدم الاعتراف بهذا الوضع الذي بدت معه سوءات كل حامل لصفة مسؤل بهذا البلد مهما كان حجمه وموقعه. ووسط هذا الإحساس بالغربة في وطن لطالما حلم أبناؤه بالارتقاء من موقع الكادحين إلى مصاف الصالحين، الفالحين، الناجحين، الرابحين...، أطلت علينا اليوم شركة اتصالات المغرب لتحثنا على المشاركة في مسابقة للفوز بتذكرة سفر لمتابعة إحدى مقابلات فريق "بارشلونة" الإسباني، مؤكدة في ختام الرسالة أن اتصالات المغرب شريك رسمي ل"إف سي بارشلونة"، مبروك علينا إذاً هذه الشراكة، وهل كنا أقل من قطر ببترولها ودولاراتها؟
كم أنت كريم ياوطني، وكم هو دافئ حضنك يا بلدي، فيك يحلم الناس بالخبز والزيت، وفيك تُحمل الجثامين في شاحنات النفايات، وفيك تلد النساء على الأرصفة، وفيك تردد كل الشعارات الزائفة عن الوطنية وحب الوطن، ومنك تطير المساعدات بالأطنان إلى شعوب تعاني الجوع والفقر والعلل، وتقيم المستشفيات، و تقدم مختلف الخدمات، وأبناؤك يموتون جوعا بين ثلج وبرد ووديان، ويعانون الفقر والبطالة والنسيان، أموالهم تُبعثر خارج الحدود، وهم في معانات بلا حدود!
فلا نخجل إذا من قول أن لا شيء تغير، و أننا كنا في حلم نسأل الله تعالى أن يجعله خيرا و سلاماً، و عوضنا عليه في تغيير ظنَنَّا انه واقع لا محالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.