كلنا يرى ما يحدث في تونس , ومصر , وهما طليعة الشعوب التي ثارت على الظلم , ونرى ما يحدث في ليبيا من اتهامات للتيارات الإسلامية . ونرى هجمات متتالية على التيار الإسلامي , واتهامات وتخويف بل ويصل إلى تخوين التيار الإسلامي , واتهامه بالعمالة لأمريكا والغرب وحتى للعرب . انه نوع من الاستغفال للمواطن العربي , أن نتحدث عن مؤامرة أمريكية عربية إسلاميه على الوطن العربي المسلم . كأن الطواغيت السابقون كانوا مثال للوطنية والإخلاص لبلادهم . أنهم يستخدمون نفس الاتهامات التي كان بن علي وحسني مبارك و القذافي يستخدمها ضد حركات التحرر العربي . وكانوا يخوفون الغرب و العرب من الإسلاميين . كلنا يعلم كيف حوربت التيارات الإسلامية في الكثير من الدول العربية , ونحن مسلمون , بحيث كان من يكرر صلاة الفجر في المسجد يتم القبض عليه والتحقيق معه . كلنا يذكر إلغاء نتائج الانتخابات في الجزائر بعد فوز الإسلاميين , ودخول الجزائر إلى النفق المظلم , وكلنا يذكر كيف عوقب الشعب الفلسطيني على اختيار حركة حماس بانتخابات اقر بنزاهتها الجميع . هل تتكرر نفس هذه السيناريوهات ؟ لنقرر أولا , هل نطالب بالديمقراطية أم لا ؟ إن كنا نطالب بالديمقراطية فلنقبل بالنتائج التي تصدر عن صناديق الاقتراع , وأن لا تكون ديمقراطيتنا هو أن نقبل بها إذا أتت بمن نحب وما نريد , وإن كانت غير ذلك فنحن مع الحكم التسلطي ونتهم الشعب بالجهل وانعدام الوعي السياسي . وهي نفس اتهامات السلطات القمعية . اليوم نجد اكبر التخوف هو من الأخوان المسلمين , ولكنهم رغم الصراخ والعويل والحملات الشرسة التي يتعرضون لها , يتفوقون على الجميع , تفوق الإسلاميين في انتخابات تونس , وفي انتخابات مصر , واليوم تفوق الأخوان المسلمون في انتخابات الكويت . هل نستطيع أن نتهم كل هذه الشعوب بالجهل؟ الأخوان المسلمون تنظيم عالي الكفاءة , وهذا ما يعيبه عليه مخالفيه , ولا أعلم احد يعيب على تنظيم انه عالي الكفاءة , ويتهمونهم بأنهم منظمون , ولا أعلم أي نوع من الاتهام هذا , الذي هو ميزة نتمنى أن توجد لدي كل التيارات السياسية . هناك من يتهم الإخوان المسلمون بالعمالة للخارج , وبل وقرأت للبعض بتسميتهم بالإخوان الخائنون , ولا اعلم ما هي الخيانة التي يتكلمون عنها , هل لأن فكرة الإخوان المسلمون نشأت في مصر بداية ؟ ولكن الم تنشا الديمقراطية أساسا في أثينا ؟ الم تنشا الشيوعية في ألمانيا ؟ والليبرالية في فرنسا ؟ والعلمانية في ايطاليا ؟ بل حتى الإسلام ظهر في الجزيرة العربية . والمسيحية في فلسطين واليهودية في مصر , فهل كل هؤلاء مرتبطون بمناطق نشأة الحركة ؟ ونتهم من ينتسب لها بالعمالة ؟ هذه أفكار ومناهج عمل وليست عمالة . أما اتهام الإخوان بالعمالة للغرب , فهذه تهمة تحتاج إلى أدلة , ولم أقرأ أو أطلع على أي دليل , سوى بعض الأخبار أن فلان اجتمع مع فلان , وفلانة اجتمعت مع فلان , وهذه اتهامات واهية أوهى من بيت العنكبوت . كما أن هناك اتهام لا أعرف كيف أسميه , وهو وجود أجندات غير معلنه, ولا أعلم كيف عرف المتهمِون هذه الأجندات بما أنها غير معلنة ؟ والاتهام الأخر ' وهو أن المجتمع يرفض التطرف , ويطالب بالإسلام الوسطي , ولكن لا أعلم كيف صنفوا الإسلام السياسي , والأحزاب الإسلامية السياسية بأنها متطرفة . فهم وافقوا ان ينشئوا أحزاب حسب الدستور القائم , ووافقوا على مبدأ تبادل السلطة , فكيف نتهمهم بالتطرف , وما هو مفهوم التطرف في هذه الحالة ؟ بالطبع نحن جميعا ضد الحاكم " الثيوقراطي " , الحاكم الذي يستعمل نظرية التفويض الإلهي , وان من يخالف الحاكم يدخل جهنم , ومن صبر على ظلم الحاكم وحني ظهره لكي يركب عليه الحاكم المفوض من الله يدخل الجنة . هذا يجب أن يزال فليس هنالك حاكم مفوض من الله , إنما هو عقد اجتماعي بين المجتمع والحاكم ينطبق عليه نفس شروط العقود والوكالات . ولكن إن اختار الشعب تيارا معينا في انتخابات شفافة وصادقة , فيجب أن نرضخ للشعب , ونقبل بإرادة الشعب . لا أقول أن نسكت على أخطاء الحاكم الذي تم اختياره , بل نراقبه ونحاسبه , بل وننحيه إن ثبت عليه جرم , كما حدث مع الرئيس نيكسون , ولكن لا نخوّن ولا نرمي بالتهم جزافا , ولا نخلق بلبله لا تخدم إلا أعداء الأمة . يشهد الله إني لست أخوانيا , ولكني ديمقراطيا , أحب الشعب , واحترم رأي أي شعب في اختيار حاكمه , واختيار نظام حكمه . فأن نجح الحاكم كان بها , وإن فشل فلا يجدد له . والشعب هو صاحب السلطة . أرجوكم احترموا شعوبكم , احترموا خيارات الشعوب ولا تكونوا ديمقراطيين ولكن ... وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي