نظمت اللجنة الوطنية للتضامن مع سكان اميضر، بمشاركة جملة من الهيئات الحقوقية والسياسية والنقابية والجمعوية، قافلة وطنية تضامنية مع المعتصمين في اميضر، وقد عرفت القافلة مشاركة أكثر من 200 شخص من مدن ومناطق مختلفة من المغرب، حيث انطلقت القافلة من الرباط مرورا بمراكش... لتحط الرحال باميضر صبيحة يوم السبت 10 نونبر 2012 .اخبار الجنوب كانت بعين المكان لتنقل لكم تفاصيل يوم كامل في " جمهورية أبان " مدرسة النضال. مرحبا في المغرب المنسي. الرحلة إلى "جبل ألبان" سفر بطعم خاص، سفر من حيث المكان باعتبار قطع مئات الكيلومترات، لكنه أيضا سفر عبر الزمان، وكأنها عودة إلى الماضي في كبسولة الزمن، ليس في فيلم من الخيال العلمي لكن في واقع لازال يتمنع على الزوال، واقع يكثف كل أشكال "الحكرة" والإهانة وانتهاك كرامة الانسان. في الطريق إلى جبل ألبان أو إلى اميضر لن تصدق إن علمت أن المقصود هو منطقة حيث يوجد أحد أكبر مناجم الفضة في العالم. "هذا حال المغرب غير النافع لأهله" كما علق أحد مرافقينا. صورة من المغرب الاخر ...الذي لا يوجد في حسابات "هؤلاء" الجالسون في المكاتب المكيفة كما يضيف اخر. بدءا بطرق تيشكا الملتوية وتهرب الدولة الأكثر التواء مرورا بدواوير تحمل كل ملامح وآثار "العقاب" الجماعي... ورزازات، سكورة، بومالن دادس، تنغير... في دولة ألبان. تقع الجماعة القروية إميضر في عمالة تنغير بالجنوب الشرقي المغربي بين جبال صاغرو الأطلس الصغير والأطلس الكبير الأوسط على بعد نحو 150 كلم عن وارزازات، بمجرد الوصول إلى المعتصم، تجد عالما اخر، إنه مدرسة للحياة أو مدرسة للنضال للتدقيق، حسن استقبال وطيبوبة وابتسامة لا تفارق الفم مع نظرة امل دائمة، تنظيم محكم وتقسيم ادوار راق، كيف لا ونحن في حضرة أبناء وحفدة عسو اوباسلام بطل بوغافر...شباب وشيوخ، نساء ورجال وأطفال...يعيشون منظومة من القيم المدنية والحضارية تجعلنا نمثل المعتصم ب" دولة " بمفهومها المدني باعتبارها سياسة للإنسان في الفضاء، كل يعرف دوره وواجبه وحقه، هناك لجنة للأكل ولجنة للإعلام ولجنة للحوار ولجنة للحراسة... وكل الأموار تناقش في "أغراو" بالامازيغية – الساحة العمومية – ( ولا يخفى على القارئ التقارب اللفظي للكلمة مع الأغورة الاثينية ) الكل يناقش ويحاور ويعترض ...بصوت مسموع ورأس مرفوع...إننا ببساطة بصدد معايشة مجتمع تشاركي ديموقراطي جماهيري. ولأن الدولة المغربية تناستهم كما يقولون، ولأنه لا وجود للدولة في هذه المناطق إلا بمعناها الأمني القمعي، أسسوا معتصمهم هنا للمطالبة بالمواطنة المغربية وباعتراف الدولة بهم كمواطنين كاملي المواطنة. يسمون حركتهم "حركة على درب 96 " وهي حركة إحتجاجية سلمية منبتقة من ساكنة الجماعة القروية لإيميضر إقليم تنغير للتنديد بالسياسة الاقصائية و التهميش الممنهج ضد ساكنة الجماعة وضد استنزاف الثروات الطبيعية بشكل غير قانوني من طرف شركة معادن إميضر للفضة التابعة للهولدينغ الملكي 'اونا'، فالحركة هي المؤطرة لاحتجاجات الساكنة والاعتصام الذي تخوضه منذ غشت 2011 دفاعا عن حقوقها المشروعة المسطرة في ملف مطلبي سوسيو إقتصادي التفت حوله دواوير الجماعة السبع ( ايت امحند، ايت علي، ايت براهيم، انونيزم، ايزومكن، تابولخيرت و إيكيس ). ذاكرة الصمود حسب المعتصمين فالشركة المستغلة لمنجم الفضة بالمنطقة لا تعرف لا الوطن ولا المواطن، همها الوحيد هو الزيادة في ارباح مالكيها ولو على حساب الانسان و المحيط، مما دفع بهم الى الوقوف في وجه هذا "الاستغلال البشع" الذي استمر منذ بداية اشغال المنجم سنة 1969، فكانت انتفاضة 1986 ، ثم اعتصام 1996، فإحتجاجات 2004 و 2010 ثم الاعتصام الحالي الذي لا يزال مستمرا منذ فاتح غشت من العام الماضي و الذي يعتبر الاطول من نوعه في تاريخ المغرب. حيث تجددت بسبب النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب و أيضا تفاقم المشاكل الاجتماعية بما فيها البطالة في صفوف شباب الجماعة، لتسقط القطرة التي افاضت الكأس عندما رفض مسؤولو الشركة المنجمية تشغيل طلبة الجماعة بشكل موسمي خلال فترة الصيف كما تنص على ذلك إتفاقية موقعة بين الشركة والساكنة معمول بها منذ سنين. في مارس من سنة 1986 اقدمت الشركة المسماة على محاولة حفر احد الابار لمدها بالمياه الصناعية و الصالحة للشرب و اختارت لذلك مكان يبعد امتارا عن الضيعات الفلاحية للساكنة وبدون أي سند قانوني، مما اضطر الساكنة الى الاحتجاج، فخرجوا في مسيرات احتجاجية لثلاثة أيام ضد أشغال الحفر التي كانت تتم تحث حماية العشرات من قوات الأمن، ولإسكات صوت المحتجين تم اختطاف 6 ستة مناضلين وزج بهم في السجن لمدة شهر كامل دون محاكمات، ليستمر استغلال مياه البئر الى يومنا هذا بدون أي سند قانوني أو أي تعويض يذكر للفلاحين الذين اضطروا الى مغادرة ضيعاتهم الفلاحية بسبب جفاف ابار الري الفلاحي نتيجة استنزاف الفرشة المائية من طرف الشركة. بعد 10 عشر سنوات سنوات ستعود الاحتجاجات على شكل اعتصام بداية من 25 يناير 1996، رفضا لما يعتبرونه إستمرارا لإستنزاف الثروات المائية والرملية والمعدنية وثلويت البيئة، ورفضا لتكريس سياسة تهميش المنطقة و إقصاء ابنائها من العمل بالمنجم بسبب العمل ببروتوكول "غير ديمقراطي تهميشي" اضحى بموجبه العمل بالمنجم وراثيا حيث نص في مادة السادسة على تخصيص فرص الشغل المتوفرة لأبناء العمال فقط، في خرق سافر لمدونة الشغل ومبدأ تكافئ الفرص. وقد قوبلت مطالب الساكنة بالتجاهل و اللامبالاة لينتهي بفض الاعتصام الذي دام 45 يوما إثر تدخل الاجهزة القمعية ليتم التنكيل بالمعتصمين بدون سابق انذار والاعتداء عليهم ونهب ممتلكاتهم ليخلف ذلك اعتقال 21 مواطنا من بينهم امرآتان ليتابعوا بتهم سياسية خطيرة كالتمرد، وتكوين تجمع ثوري، والعصيان المدني و التحريض عليه و الاعتداء على القوات العمومية إضافة الى تخريب املاك خاصة. وكان أبرز معتقليها مصطفى اوشطوبان ولحسن اوسبضان شهيد هذه القضية الذي تحول إلى رمز يغذي الذاكرة الجماعية لأهالي إميضر. المعتصمون يطالبون "مناجيم" باحترام الدستور يؤكد المعتصمون أنهم مواطنون، وأن هذه أرضهم ولا رغبة لهم لا في الهجرة ولا في تخريب بلدهم، فقط يطالبون الشركة باحترام دفتر التحملات تجاه المنطقة، حيث سطروا ملفا مطلبيا يلخص مطالبهم تلك، إذ يطالبون بالتميز الإيجابي للكفاءات العليا بالمنطقة أثناء أي لجوء للتوظيف في الأطر والتقنيين. وبمساهمة الشركة في تكوين الطلبة لتطوير كفاءتهم كما هو معمول به من طرف المكتب الشريف للفوسفاط OCP ، التعويض عن الاستغلال غير القانوني للاراضي وتحديد المساحة المستغلة والرفع من ثمن الكراء، جبر الضرر الجماعي عن الاستغلال اللاقانوني للموارد الطبيعية من الماء و الرمال و الاراضي، بناء سدود تلية للحفاظ على التوازن الطبيعي والفلاحة بالمنطقة وتقوية فرص إنتاجية الشركة. المساهمة في التشجير من أجل الحد من انجراف التربة في المقالع الرملية مع اتخاذ تدابير جدية في حماية الأراضي الفلاحية من الإتلاف والانجراف، الالتزام بالمعايير الدولية لتدبير سياسة البيئة داخل وخارج المؤسسة الإنتاجية، مساهمة الشركة في تنمية القرية المنجمية إميضير. يطالبون الشركة بأن تكون شركة مواطنة وذات مسؤولية اجتماعية تساهم في تنمية المنطقة. وذلك لتطوير أساليب الإنتاج وانفتاحها على محيطها الخارجي واحترامها لمبدأ حقوق الإنسان، وذلك بتفعيل توصيات ISO 26000 والمساهمة في إنشاء مشاريع تنموية، ثقافية ... بشراكة مع المجتمع المدني... في ساحتهم العمومية "اغراو" تحدث الطفل والشاب والشيخ والمرأة الكل يجمع على مشروعية مطالبهم وعلى خيار النضال السلمي، أم مصطفى اوشطوبان، أحد معتقلي القضية، طالبت كل غيور بالوقوف إلى جانب المعتصمين وفضح تواطؤ القضاء بتلفيق التهم وتزوير المحاضر ضد أبنائهم. و بصوت طفولة مغتصبة، اشارت طفلة صغيرة إلى ضعف حالة مدارسهم ونقص الاطر والتجهيزات...ليردف أحد الشيوخ متسائلا ما اذا كانت الدولة تنتظر أن يفقد المعتصمون الأمل في خيار النضال السلمي. كانت شركة "مناجم" المكلفة بمنجم اميضر قد أصدرت مؤخرا بيانا تؤكد فيه أن "المنجم ساهم في إقامة عدد من المرافق الاجتماعية، منها مستوصفات ومسجد ومركز ثقافي وحضانات وملاعب للرياضة ونادي نسوي، بالإضافة إلى حي سكني يضم أكثر من 300 أسرة، مع العمل على دعم وتوسيع وتجهيز المؤسسات التربوية بإميضر، والتكفل بالنقل المدرسي لأكثر من 150 تلميذا وإدماج ما يناهز 200 طالب في إطار التداريب التي ينظمها المنجم خلال العطل الصيفية " لكن الزيارة الميدانية التي قمنا بها بمجمل الدواوير التابعة للجماعة تكذب مثل هذه المعطيات، لم نجد سوى مستوصف وحيد مغلق وغير مجهز أقرب ما يكون إلى سكن مهجور أو مستوصف في حالة غيبوبة، فهو ذاته يحتاج إلى "طبيب" يعالج حالته...لا مركز ثقافي ولا حضانات ...مساحة أرض جرداء يسميها الأطفال ملعبا...توقفنا عند مقالع للرمال والحجر يقول المعتصمون أن الشركة تستغلها دون احترام ما تم الاتفاق عليه في دفتر التحملات الموقع مع الجماعة...ويضيفون أن الجماعة لا تستفيد شيء من تفويت هذه الصفقات مادامت الشركة لا تحترم المعايير المعمول بها قانونيا...كما زرنا مجموعة من المطفيات والآبار التي عاد إليها الماء بعد أن قطع المعتصمون الماء عن المنجم، مما يبين حسبهم أن جفاف ابارهم ومطفياتهم راجع إلى استنزاف الفرشة المائية من طرف الشركة. للمتتبع أن يتساءل بكثير من السذاجة، كيف لأرض تبيض فضة خالصة أن تترك أهلها بلا مدارس حقيقية ولا مستشفيات ولا طرقات سالكة ولا برامج تنموية ملموسة. فخلال تجولنا بين الدواوير التابعة للجماعة لا شيء ينبئ أننا على بعد عشر كيلومترات من المنجم رقم واحد في انتاج الفضة بالمغرب والعاشر افريقيا،...غادرنا "دولة ألبان" ونحن على يقين أن تلك الفضة التي تملأ خزائن وأرصدة وقصور قلة قليلة تحرق في الان ذاته احلام وآمال كثيرين. تضامن وطني ودولي تفاعلا مع القافلة أصدر الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان يوم 5 نونبر 2012 بيانا يجدد فيه تضامنه مع سكان إميضر المعتصمين بجبل "ألبان" من أجل حقوقهم الإنسانية والحياة الكريمة، ويستنكر فيه أسلوب التهديد والوعيد والسب والقذف والاتهامات الخطيرة الموجهة لمنظمي القافلة التضامنية مع المعتصمين المتضمن في الرسالة الموجهة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في شخص رئيستها. وقد أشار البيان إلى أن هذا الموقف من القضية يتأسس اعتمادا على المرجعية الكونية لحقوق الإنسان التي تستوعب مجمل المطالب المرفوعة من طرف المعتصمين والتي تتلخص في الحق في ظروف عيش إنسانية والحق في التنمية المستدامة وفي البيئة السليمة وفي الكرامة والعدالة الاجتماعية؛ كما كد استناده إلى مضامين قرار الأممالمتحدة بشأن الاحتجاجات السلمية الصادر في 18 أبريل 2012، وخاصة منه ما يهم: مسؤولية الدول في سياق الاحتجاجات السلمية، بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها و منع انتهاكها، وحق كل فرد في التعبير عن مظالمه أو تطلعاته بطريقة سلمية، بما في ذلك من خلال الاحتجاجات العامة، دون خوف، ودون التعرض لأي أذى بدني أو للضرب أو التوقيف والاحتجاز تعسفًا أو التعذيب أو القتل أوالاختفاء القسري . كما أن جمعية العقد العالمي للماء بالمغرب،أكدت في بيان لها أناه تعتبر قضية سكان إميضر هي قضيتها، بسبب محورية سؤال الحق في الماء فيها، وباعتبار أن الحركة الاحتجاجية هناك اندلعت سنة 1986 على إثر إقدام الشركة على حفر بئر تاركيط بجانب الأراضي الفلاحية التي كانت تعاني أصلا من ضغط الجفاف بدون سند قانوني، وبحماية من المسؤولين المفروض فيهم الحرص على مصلحة المواطنين. بالإضافة إلى أن الجمعية المغربية لحقوق الانسان أدانت الرسالة الموجهة لرئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والموقعة من طرف رئيس جماعة إميضر، والتي تدعي الحديث باسم المنتخبين والأعيان وفعاليات المجتمع المدني، لما تتضمنه من تحريض ضد المعتصمين ومسا بحقهم في الاحتجاج السلمي ولما تتضمنته من تهجم على القوى الداعمة لمطالب سكان جماعة إميضر، ودعوة علنية لانتهاك للحق في التنقل لمن سيقرر المشاركة في القافلة التضامنية المبرمجة من طرف “اللجنة الوطنية لدعم ساكنة إيميضر” يوم 9 نونبر. كما حملت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان السلطات كامل المسؤولية في ما قد ينتج عن التصرفات اللامسؤولة لأي جهة كانت ضد الحركة التضامنية مع سكان إيميضر، بسبب التغاضي عن أفعال لاقانونية وتصريحات داعية للعنف مما يعتبر شكلا من أشكال تشجيعها. وجددت بالمناسبة تضامنها مع النضالات السلمية لسكان إمضير المعتصمين لأزيد من سنة في ظروف لاإنسانية، وطالبت المسؤولين بالاستجابة لمطالبهم الحقوقية المشروعة وفتح تحقيق فيما تعرض له بعضهم من اعتقالات تعسفية ومحاكمات جائرة. عود على بدء في واقع الأمر تبدو القضية الاميضرية صورة مصغرة عن أزمة الدولة المغربية بشكل عام...شعب بئيس على جبل من فضة (مغرب بمناجيمه وفوسفاطه وبحوره...) و" شركة" قادمة من بعيد تستنزف كل شيء، البشر والدواب والشجر والمعادن والماء مرورا بالرمل والحجر...ولا تكتفي بذلك بل تعمل على تلويث الارض بفضلات أنشطتها...ودفتر تحملات ( دستور ) لا يتم احترامه...ومكتب المفروض فيه أنه يمثل الساكنة ( حكومة ) يحذر ويسب ويخون المتضامنين مع المعتصمين ويقول أن هناك بعض الايادي الخفية ( تماسيح وعفاريت ) تعرقل الحل (الاصلاح).