استخدام العاهرات وطرق الاستقطاب بواسطة عاهرات تمكنت المخابرات من إيقاع حزبيين كبار ونقابيين ومسؤولين في تنظيمات طلابية وقطاعية، عن طريق استغلال نقط ضعفهم وجرهم إلى المساومة. وغالبا ما تستعمل المخابرات عاهرات شابات جميلات لاقتياد الضحايا إلى الفخ وجعلهم في وضعية مخالفة للقانون والأخلاق. أضحت الوصفة معروفة، إذ تقوم العميلة بإغراء الشخصية المستهدفة، ثم ممارسة الجنس معها في أوضاع ملفتة للنظر، آنذاك تقوم عناصر المخابرات بعملية التصوير في وضعيات فاضحة ومشينة، ثم تأتي مرحلة التهديد، فالسقوط إلى الهاوية بقبول التعاون والانصياع إلى طلبات المخابرات. حسب التقارير المكشوف عنها بخصوص إسقاط المسؤولين في فخ التعاون مع المخابرات، كانت الانطلاقة الأولى من دراسة مستفيضة للسمات الشخصية والمزاجية للمستهدف قبل مباشرة عملية الاقتراب منه لربح ثقته.. وتبرز أربعة عوامل للإيقاع بالضحية وهي: - المال والمصالح. - العاطفة (الانتقام، العداوة...). - الجنس والمرأة. - الخوف من انكشاف سر أو جريمة أو خطأ فادح يراد التستر عليه. وغالبا ما تكون النتيجة جعل المستهدف يشعر أنه في وضعية مخالفة للقانون أو للأخلاق. لإعداد الفخ النهائي وضمان تصويب الضربة القاضية، تعمل عناصر المخابرات على جمع المعلومات حول الشخصية المستهدفة بشتى الطرق والوسائل عن طريق تجنيد "البارميطات" أو النادلين أو مستخدمي الفنادق أو السكرتيرات أو السائقين أو الحراس الليليين أو عيون المخابرات الدائمة بالحي (البقال، الإسكافي، منظف السيارات، البواب..)، وكذلك المومسات المشتغلات بالحانات والملاهي الليلية التي يقضي فيها المستهدف بعض أوقات فراغه. أما العاهرات المكلفات، حسب أحد ضباط "الديستي" المتقاعدين، من السهل استقطابهن، إذ يقبلن عرض أجسادهن للخدمات السرية للمخابرات دون أن يعلمن شيئا عن الهدف من ذلك، مقابل مبالغ مالية قد تكون زهيدة، بل أحيانا يكتفين بما يجود به عليهن الشخص المستهدف من هدايا ومال. وذلك - يضيف المصدر - لأنهن يعلمن، حين قيامهن بالمهمة، أنهن في حماية يد أمينة، حريصة على أن تتم العملية في هدوء ودون أي مخاطرة، وهذا يكفيهن للقبول، علاوة على أن العاهرات يتنافسن فيما بينهن للاقتراب من رجال الأمن والفوز بصداقتهم. ومن المعلوم أن أغلب العاهرات، إن لم يكن كلهن، على اتصال برجال الأمن أو المخابرات، إذ يعتبر، من شروط العقد الضمني بين الطرفين، التجسس على الزبناء وتبليغ الأخبار عنهم حتى وإن لم تكن مطلوبة. فكل عاهرة، سوءا كانت من المجندات من طرف المخابرات أو لم تكن منهن، تعمل بهذه القاعدة مهما كان وضعها وإينما مارست الدعارة. إنها عقدة دائمة بين العاهرة والسلطة، بكل تلاوينها، فكل عاهرة تعتبر عين وأذن المخابرات، سواء قبلت ذلك أو لم تقبله. غير أن استخدام المرأة والجنس لإسقاط الضحية في شباك المخابرات يتطلب مجموعة من الشروط، بينها ضمان الاستجابة من جانب المستهدف، المراد إغراؤه و"اصطياده جنسيا"، وكذلك إعداد العاهرة اللعوب القادرة على الإغراء، سيما إذا كان الغرض هو الحصول على معلومات وليس الإيقاع فقط. في هذه الحالة يتم اختيار المرأة المناسبة، التي تتوفر على مواصفات معينة، منها سرعة البديهة وقدر من الذكاء للحصول على ما تسعى إليه، وأيضا، عليها أن تكون ذات خبرة وتجربة في إعداد الضحية والوصول بها إلى درجة تجعل رغبتها في إشباع "جوعها الجنسي"، مساوية للاستعداد لتقديم المطلوب من معلومات دون تفكير في العواقب أو تردد. حسب مصدر أمني، متقاعد حاليا، تقوم المصلحة بتكليف إحدى عناصر المخابرات بالتحري عن المرشحة للقيام بمهمة استدراج الضحية، وعن أفراد أسرتها. وبعد الحسم في الاختيار، يجري معها عنصر المخابرات القريب منها لقاءا خاصا لتوجيهها، فتبدأ مراقبتها التي لا تتوقف إلا بعد إنجاز المهمة. وقد اشتهرت عدة محلات، في الستينات والسبعينات، تألقت بعض عاهراتها في التعامل مع المخابرات لإسقاط العديد من الشخصيات. بالدار البيضاء، يمكن ذكر الكثير من الحانات والملاهي الليلية، نشير منها على سبيل الاستئناس، إلى "لافونتين" و"الدونكيشوط" و"لاكانبير" و"عند مدام توتون" و"لوكاروسيل" و"فيكتوريا" و"لوبوليرو" و"لاتيراس" و"لي بيريني" وملهى "لوفيلاج" وكابريه "ويشيتا" وفندق "سفانكس" بالمحمدية. أما بالقنيطرة، فكانت المخابرات تستعين بفتيات الملهى الليلي "ماماس" لصاحبته "مدام داهان"، اليهودية المغربية الحاملة للجنسية الفرنسية والعميلة للموساد، وكذلك فتيات مرقص "دوبل زيرو سات" (007) لصاحبه سيمون اليهودي المغربي، وفتيات نادي "الفليت" الذي كان يسيره كولونيل أمريكي كان يعمل بالقاعدة العسكرية بالقنيطرة. وفي الرباط حظيت فتيات حانة وملهى "كيوم تيل" باهتمام خاص من طرف عناصر المخابرات، بما فيهم إدريس البصري خلال بداية مشواره عندما غرم بإحداهن. فيما بين 1961 و1964، كان عناصر "الكاب 1" غالبا ما يلجأون إلى فتيات "كيوم تيل" بباب الأحد، والذي كان صاحبه تحت حماية علي بنيعيش - حاجب بالقصر الملكي - وذلك لاصطياد بعض السياسيين وإرغامهم على التعاون مع المخابرات. كانت تعمل بهذا المحل فتيات نادلات ومتصيدات زبائن، جميلات وأنيقات لا يتعدى سنهن 20 عاما، وجلهن لم يكن يتوفرن على بطاقة تعريف، وبذلك كن تحت رحمة رجال الأمن، ومستعدات مسبقا لتنفيذ كل أوامرهم بالحرف.