انطلقت المشاورات الوطنية حول الميثاق الوطني للبيئة و التنمية المستدامة وفق أجندة زمنية تغطي ربوع المملكة ، ولا يسعنا إلا أن نثمن هذه المبادرة التي تحظى برعاية وتتبع ملكي سامي ، وذلك ضمن سياق دولي ما فتئت الأصوات تتعالى محذرة من تفاقم المشهد البيئي لكوكبنا الأزرق. ونستبشر كشبكة مغربية للإعلام البيئي والتنمية المستدامة بمرامي هذا الميثاق الذي يجسد رغبة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في خطاب العرش لسنة 2009 ، من أجل انبعاث وعي بيئي جماعي و تغير في الممارسات مع الانخراط القوي لجميع الفاعلين وكذا حماية التنوع الإحيائي و جودة الموروث الطبيعي و التاريخي ثم تحقيق تنمية متوازنة في إطار مشروع مجتمعي وحداثي، سيدخل المغرب عهدا جديدا في الحكامة البيئية. لكن يمتلكنا شعور موزع بين الارتياح للحماس الذي يميز برنامج المشاورات حول المشروع فضلا عن تعبئة جل الأطراف المعنية ، و بين الوجل من أن تخبو جذوة عاطفته وعطائه ويرنو نحو مثيلاته من الحملات الموسمية كالحوار الوطني حول الماء مخافة أن يتحول هذا الميثاق ألى موضة العصر تستدعي الامتثال والاندماج في سيرورتها كي تمر الحملة وفق مسار عاطفي وحماسي. وفي هذا الإطار تناشد الشبكة المغربية الإعلام البيئي والتنمية المستدامة الجهات المسئولة لإرساء معالم المفاهيم البيئية في سياساتهم التدبيرية. وتدعو إلى إعادة صياغة القوانين البيئية الجامدة كي تكون قابلة للتطبيق ، وتفعيل ما يسمى بالشرطة البيئية بكامل الجدية والجزر المناسب، فضلا عن أجرأة صيغة" الملوث يؤدي" . وبالتالي لا مناص من استخراج النصوص التشريعية من الرفوف وإسقاطها على المشهد البيئي المغربي ( قانون الساحل و التربة و الضجيج...) الذي يئن من وطأة التدخل البشري الجائر في مختلف المناحي والأبعاد. ونسوق في هذا المجال، على سبيل المثال، إشكالية المقالع والفراغ القانوني غير المحدد والمدقق في دراسة التاثير على البيئة و تصنيف ما يستخرج من باطن الأرض والجبال من الأحجار و الرمال وعدم الحديث عن الرخام و الكرانيت مثلا .... وما يرتبط من ذلك من تاثيرات بيئية جد حرجة حيث لا يتضمن قانون 03-12 في لائحة المشاريع الخاضعة لدراسة التاثير على البيئة إلا مقالع الرمال والاحجار مما يتسوجت خضوع المواد الاخرى للدراسة وعدم التغاضي عنها . كما أن تهيئة المجال الحضري غير واضح في التشريعات القانونية لكون عملية البناء بدورها غير خاضعة لدراسة التأثير على البيئة خصوصا وأن هناك انحرافات في الوديان والتي تنتج عنها فياضات وتدمر البنايات المحادية. هذا فضلا عن وجوب إيجاد إطار هيكلي إداري بيئي مستقل كوكالة أو مكتب غير ملحق بإدارة أخرى تختلف جذريا مع توجهاتها وتنظيماتها كي تعطى الصلاحيات اللازمة للادارة الوصية مع كامل الاستقلالية في تدبير الملف البيئي بمختلف المدن المغربية من تشخيص دقيق وبرنامج عمل طموح تحت رعاية تشريعات قانونية جلية البنود والمراسيم تحفظ للمجتمع حقوقه الانسانية و تستشرف أفاق حياة سليمة لأجيالنا القادمة في مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . وهكذا تدعو الشبكة جل الاطراف المعنية إلى : - إعطاء هذا المشروع صبغة قانونية والحرص على إلزامية تنفيذ مبادئه التي ينخرط فيها الجميع، مع إنشاء هيئات لتتبع وتطبيق مقتضياته. - وضع ميثاق جهوي للبيئة يعتمد على مرتكزات الميثاق الوطني، وإبراز دور الجماعات المحلية فيه . - التنصيص على تجريم من يلحق الأضرار الخطيرة بالبيئة . - تعزيز الترسانة القانونية المتعلقة بالبيئة واستكمال المراسيم التطبيقية. - تفعيل آلية القرارات التنظيمية الجماعية للحفاظ على البيئة والصحة العمومية بما في ذلك احترام المعايير البيئية ا في استعمال المبيدات الفلاحية - ضرورة القيام بدراسات للتشخيص البيئي بشكل علمي مدقق، وتسهيل الولوج إلى المعلومة البيئية عبر إحداث موقع إلكتروني وإصدار نشرة دورية منتظمة. - إدماج البيئة في المناهج التربوية وفي الموعظة الدينية، وترسيخ مبدأ المواطنة البيئية وتخصيص جوائز وطنية في مجال البيئة. - ضرورة مباشرة عمل تواصلي عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية بشأن المحافظة على البيئة وتحسين إطار عيش السكان مع التركيز على أهمية توعية وتأطير الفلاحين في ما يتعلق بالتدبير المعقلن للأسمدة والمبيدات الكيماوية للحد من آثارها السلبية على الموارد الطبيعية وعلى الصحة. - التأكيد على ضرورة إضافة ملاحق للميثاق تضم بعض المكونات البيئية الوطنية التي تتعلق بالاستنزاف او التي هي في طريق الانقراض : اركان ، ابومنجل الاصلع ، الرمال ، اسد الاطلس ،الخ