"واعتبارا للمكانة التي خولها الدستور للمجتمع المدني ووسائل الإعلام، في ترسيخ قيم المواطنة المسؤولة، فإنها مطالبة بالنهوض بدورها الفعال في الملاحظة القانونية والمستقلة والمحايدة لسلامة العمليات الانتخابية". انتهى كلام صاحب الجلالة. كان كلام ملك البلاد واضحا فقد وجه جلالته كلامه إلى كل شرائح المجتمع، الأحزاب السياسية والسلطات العمومية والمجالس المنتخبة، المواطن المرشح والمواطن المصوت، ودعا الجميع لتحمل مسؤوليته حيث قال جلالته: "ومن هنا، فإن الرهان الحقيقي، الذي ينبغي كسبه، في المرحلة السياسية الحالية، ليس هو اعتبار الانتخابات المقبلة مجرد تنافس حزبي مشروع، للفوز بأكبر عدد من المقاعد، بل هو الارتقاء بها، إلى معركة وطنية نوعية، حول اختيار أفضل البرامج والنخب المؤهلة، لتحقيق انطلاقة جيدة لتنزيل الدستور، ولإعطاء دفعة قوية للتحول السياسي الحاسم، الذي تعرفه بلادنا. اذا كانت الدعوة لكل شرائح المجتمع لتحمل مسؤولياتها لتحقيق هذا الرهان، فإن على المجتمع المدني، خاصة الجمعيات الفاعلة في مجالات التنمية والثقافة وغيرهما، أن تلعب دورها في الانتخابات المقبلة في التعبئة والمراقبة بل أكثر من ذلك بالخروج للاحتجاج في حالة ظهور انحرافات وإفساد للعملية الانتخابية، وكذا الاحتجاج ضد كل الأحزاب والمرشحين الذين تنبعث منهم رائحة الانحراف وعدم المصداقية. فالعديد من الجمعيات استطاعت توفير الماء والكهرباء والطرق، وعملت على إنجاح مشاريع نافست من خلالها المصالح المختلفة للحكومة، واستطاعت من خلالها عملها الاجتماعي في مجالات الصحة والتعليم توفير الحد الأدنى من الخدمات خاصة بالعالم القروي والمناطق النائية، فهي اليوم ملزمة من تجاوز حيادها السلبي تجاه العمل السياسي والانتخابي لكي تلعب دورا رائدا في حماية العمل الديمقراطي لأنه بدون الديمقراطية وبدون الكرامة لا قيمة لمشاريعها التنموية. إن جمعيات المجتمع المدني باستطاعتك أن تقوم بأدوار مهمة في الانتخابات النيابية المقبلة، أدوار لم يسبق للأحزاب السياسية أن اضطلعت بها، تتعلق بالتعبئة والتأطير والمراقبة قبل الاقتراع وبعده، وكذا التحريض والاحتجاج ضد الفساد والمفسدين في الفترة الانتخابية، لأن قربها من الساكنة ومصداقية عملها وحيادها السياسي وثقة السكان في أطرها يمكن أن يجعل أدوارها أكثر تأثيرا. من المعلوم أن عددا من الجمعيات ذات البعد الوطني ساهمت في فترات سابقة في مراقبة الانتخابات بشكل نسبي وفي بعض المناطق تحديدا، لكن دعوتنا اليوم موجهة لكل الجمعيات بالمدن وبالقرى، جمعيات وطنية أو محلية، والدعوة تستند إلى روح الدستور الجديد وإلى خطاب جلالة الملك بمناسبة ثورة الملك والشعب 2011، فلم يعد مقبولا من الجمعيات أن تدير الظهر للعمل السياسي وتجريمه داخل حقل العمل الجمعوي فالتجربة المغربية أبانت على فشل هذا الطرح، فلا معنى لكي تشتغل الجمعيات في مجالات التنمية طيلة الوقت وفي فترات الانتخابات تغلق مقراتها، وتترك السياسيين يعبثون في الأرض دون رقيب ولا حسيب، ويدنسون الكرامة التي تحاول الجمعيات إقامتها، فيا أيها الجمعويون اخرجوا من مقراتكم واحموا مشاريعكم فالسياسيون قادمون ومن بينهم مفسدون.. اخرجوا لحماية إرادات مواطنيكم وحماية كرامتكم.