بعدما اقترب العد العكسي لنهاية موسم المهرجانات المغربية ، وبعدما وضعت جل المهرجانات القوية أوزارها ، ظهر الغث من السمين ، وظهرت المهرجانات النوعية التي تسعى لتحريك الفعل الثقافي وجعل الفن في خدمة التنمية ، من مهرجانات الإسفاف والنمطية التي شوشت على المهرجانات الرصينة . هاته السنة دخلت مدينة بوعرفة وإقليم فكيك نادي المهرجانات الدولية الكبرى واكتسحت سوق التباري ، بمهرجان يليق بتاريخها وبطموحات أبنائها . المهرجان الدولي للناي والفنون البدوية ، الذي تم تنظيمه بروح الدستور الجديد في شق المقاربة التشاركية ، حيث تم إشراك السلطة والمنتخبين والمجتمع المدني في تناغم قل نظيره في مهرجانات هاته السنة ، حيث انبرت جمعية أفاق للتنمية والمواطنة تحت رئاسة الرجل الحكيم والمتزن الأستاذ محمد جبوري ، بجرأة فاجأت الجميع لتنظيم النسخة الأولى من هذا الحدث الكبير ، مؤازرة من طرف المنتخبين ، يتقدمهم رئيس المجلس البلدي لبوعرفة السياسي المخضرم السيد قادة الكبير ، الذي حرص رفقة باشا المدينة على الوقوف على أدق تفاصيل المهرجان في صورة معبرة لاتوجد في أي مهرجان أخر، زاد في جماليتها رعاية عامل الإقليم للمهرجان والتزامه رسميا بأن يصبح المهرجان أيقونة إقليم فكيك عبر إنضاجه وتجاوز هفوات السنة ليصبح موعدا سنويا يشد الأنظار ، ويساهم في جعل الإقليم قطبا إقتصاديا واعدا ، يلبي تطلعات أبنائه ويساهم في فك العزلة عن هذا الإقليم الذي قدم الشيء الكثير للدولة المغربية خصوصا في الحصول على الإستقلال أو في بناء صرح الدولة المغربية الحديثة ، وهي مناسبة لإستثمار الإمكانيات البشرية والطبيعية لأحد أكبر الأقاليم في المملكة . كلمة عامل إقليم فكيك أثلجت صدور ساكنة الإقليم في الحفل الختامي ، بعدما أثبتت أن الدولة هاته المرة لها من الجدية والإرادة في الإلتفات إلى الإقليم التفاتة قوية في أفق الإستعداد لورش الجهوية الموسعة ، حيث الغاية واحدة إقليم بتنمية مستدامة ، والوسائل متعددة ، فكان هذا المهرجان الذي لايشكل ثورة فنية مؤشرا قويا ومصاحبا للأوراش الكبرى التي فتحت في الإقليم حيث أصبح الإقليم ورشا مفتوحا يخضع للتأهيل على مختلف المستويات . المهرجان الذي كان ثريا بفقراته المتنوعة ، صفع مهرجانات هاته السنة ، حيث حضرت الندوات العلمية ، وحضرت الرياضة بكل أصنافها وخصوصا الأصيلة منها كالفروسية ، ونصبت الخيام للإطلاع على تراث الإقليم العظيم ، كما تم تنظيم سهرات موازية جعلت مدينة بوعرفة تفارق حزنها وتدخل في عرس مفتوح وبهيج . أما الإضافة القوية التي انفرد بها المهرجان ، هي الحظوة التي أعطيت لشباب ومواهب الإقليم في الأربع سهرات الكبرى ، حيث غنى على سبيل المثال لا الحصر شاب موهوب محمد الصغير قبل أمير الراي الشاب مامي ، وهي دليل على حسن نوايا المنظمين ، عكس الإقبار الممنهج التي تسلكه باقي المهرجانات في حق الشباب الصاعدين في المغرب . السهرات الأربع الكبرى التي شهدت حضور قياسي ، حيث خرجت ساكنة إقليم فكيك عن بكرة أبيها ، للتجاوب مع فقرات مهرجان اندمج فيه ماهو محلي بماهو وطني وعالمي ، فحضر نجوم محليين ، وكذا رموز الأغنية والموسيقى المغربية ، وكذا نجوم الشعبي يتقدمهم الستاتي والمختار البركاني ملك أغنية الركادة والنجم العالمي الشاب مامي بعدما تعثرت المفاوضات مع الشاب خالد الذي سيكون حتما في النسخة القادمة بالإظافة إلى رزمة من الفنانين الكبار . نجاح مهرجان الناي والفنون البدوية لايمكن أن يهال عليه التراب ، فهو تأسيس لنوعية جديدة من المهرجانات ، بعمق استراتيجي ، وبنتائج ملموسة ، وبتجاوب جماهيري ، وبعدالة أنصفت الإقليم وأبنائه ، فهنيئا للمؤمنين بمواهب هذا الوطن الجميل .