بدأ صعود أردوغان السياسي في تسعينيات القرن الماضي. في تلك الفترة شكل سياسيون إسلاميون حزباً إسلامياً جديداً منشقاً عن حزب نجم الدين أربكان، دُعي حزب «العدالة والتنمية»، وكان أربكان يرفض الاقتصاد الرأسمالي. أما اردوغان وعبد الله غول فقد تبنيا نظام الليبرالية الجديدة. وفي العام 2001 فاز الحزب الجديد بالأغلبية في مجلس النواب، متحدياً النخبة العسكرية الأتاتوركية. بدأ أردوغان نشاطه الاقتصادي بخصخصة المؤسسات الحكومية الكبرى مثل شركة الاتصالات «ترك تليكوم» وصناعة النفط والغاز، والمرافئ والمطارات، وتحرير سوق العمل ونجح في مكافحة التضخم. نما الاقتصاد التركي في عهد أردوغان بنسبة تسعة بالمئة سنوياً وارتفع معدل دخل الفرد من 3500 دولار إلى عشرة آلاف دولار. وترافق ذلك النمو مع خلل بنيوي تمثل في عجز في الميزان التجاري الذي بلغ الآن 10 مليار دولار بعد ان كان من قبل 16 مليار دولار فقط. تبقى الاستثمارات الأجنبية في تركيا قصيرة المدى أو ما يسمى «بالنقود السريعة». وتلك الاستثمارات يمكن سحبها بسرعة مما يهدد الاقتصاد التركي بالانهيار. وقد اضطر البنك المركزي التركي إلى بيع كميات كبيرة جداً من الدولارات من شهر تموز الماضي للدفاع عن قيمة الليرة. وتقدر تلك المبالغ ب 2,25 مليار دولار. ولكن الليرة تابعت تراجعها. وقد اضطرت الحكومة أيضاً إلى رفع نسبة الفائدة المصرفية، مما يؤثر في المستثمرين ويجعل عملهم أكثر صعوبة. وقد سجلت نسبة النمو الاقتصادي في سنة 2012 ما يعادل 2,2 بالمئة، وهي نسبة تقل كثيراً عما عرفه الاقتصاد التركي من نمو قوي في السنوات الماضية. يواجه أردوغان أكبر أزمة منذ صعوده إلى رئاسة الوزارة. لقد بنى سمعته على أساس استمرار النجاح إلى زمن غير محدد. ويأتي تراجع الاقتصاد قبل الانتخابات البلدية والرئاسية التي ستجرى في السنة المقبلة. قدمت منظمة التعاون والتنمية مقترحات عدة لتفعيل الاقتصاد التركي وذلك بواسطة رفع القدرة الانتاجية، إذ لا تشارك المرأة التركية في النشاطات الاقتصادية. كما أن قسماً كبيراً من القوة العاملة تفتقد الكفاءة المطلوبة. وعلى أردوغان أيضاً مكافحة الفساد، إذ إن تركيا تحتل الموقع رقم 54 في جدول الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية بعد جورجيا ورواندا. وينتقد عالم الاقتصاد التركي دارون عاصم أوغلو، أستاذ الاقتصاد في جامعة «MIT» الأميركية عدم الربط بين المشاريع الاقتصادية، والتطورات السياسية. واجه أردوغان قبل أشهر عدة تظاهرات صاخبة جراء تداعيات أزمة حديقة غازي في ميدان تقسيم في اسطنبول. وقد استطاعت الشرطة التركية إيقاف التظاهرات بعد سقوط خمسة قتلى وثمانية آلاف جريح. وقد اتهم أردوغان «لوبي الربا» بالوقوف وراء التظاهرات، أما نائبه بشير اتالي فاتهم «الدياسبورا اليهودية». يقول يغيت بولو كبير مستشاري أردوغان إن أغلب الدول الأوروبية خاسرة، وتقف على شفير الانهيار الاقتصادي. أما تركيا فهي في الطريق إلى أن تصبح دولة كبرى في مرتبة كل من الصين والولايات المتحدة. عن السفير