ليس ثمة شك أن جميع الأمراض المزمنة والمستعصية قد ركبتني،ابتداء بالسكري وانتهاء بالكوليسترول... ورغم ذلك فشهيتي للأكل مازالت مشرعة على آخرها ولم تزدها تحذيرات الأطباء إلا شرها ونهما...الأطباء يقولون مالا يفعلون.. _ بركة عليك يا الراجل...راك زعمة مريض بليسطوما... تصيح الزوجة..ويرد الابن ساخرا: _ مريض بليسطومبي (laisse tomber ) مشي ب ليسطوما!!! ياله من وغد ولكن "غادي نشوفوه"! ما أجمل رشاقة أصابعي وهي ترعى أرض الجيران ووتتجول في الخوان...وكأنها تعزف سمفونية لا يختمها إلا صرير الطبق تحت وقع شدقي التاريخي الذي اختص في توقيع هذه اللوحات الخالدة.وجبل من العظام المتكدسة كأنك حظيت بالجلوس بجانب عالم آثار انتهى لتوه من الكشف عن مقبرة جماعية. أعرف أن الأصدقاء أصبحوا يتحاشون الجلوس بجانبي في الولائم والمياتم.لأن شهرتي طبقت الآفاق وأصبحت أشهر من نزهة المشتاق.. يا لتهلل أساريري عندما يبدأ أهل الدار بتقديم "شْلال" ويتوقف فكري عن التفكير إلا في تكتيكات الكر والفر في الميدان.ويبدأ ريقي بالتحلب عندما ألمح طرف الأطباق الكبيرة...ويالخيبة أملي عندما أسمع صرير الملاعق و تختصر الوليمة في طبق ك *** يتربع على هامته قليل من اللحم والزبيب والبصل فأنفرد بالعظم النحيل و معالق القوم في صليل أو طبق "غارق" ترقد وسطه الشوربة "لسان الطير" وبعده طبق كسير غارق في الزيتون و" الماء وزغارت".ما بهم هؤلاء القوم لم يدخلوا عصر الغلقة عفوا العولمة من" أيْدَم "أبوابه ؟وما بهم محافظون على الأصالة محبون للتراث؟ ألم يراجعوا دروس شميسة ونوفيسة؟تبا لهم من متخلفين. فعلا أنا ألتقط ضحاياي من ضعاف الشهية لأستغل الفرصة أبشع استغلال ...ويا لحظي التعس إذا كان رفاق المائدة من الكواسر الذين يفوقونني براعة فيأكلون اللحم ويدقون العظم ،وقتها ليس من بد في مغادرة أرض القتال والالتجاء إلى الحلم بزردة عند علية القوم حيث الخرفان المشوية والطيور المكتفة والحيتان الضخمة التي تنام قريرة العين وسط الشرمولة. يبدو أن انتظار المناسبات أصبح مريرا والقوم في بخل متنام ولوائحهم أصبحت تشمل فقط أقرب المقربين مضحين بالجوار وبالأرحام.لذلك يجب التفكير في طريقة جهنمية تكفل اطراد" الزرود" ولا يجدون بدا من وضعي على رأس اللائحة "زرودية" فلأحفظ بعض الآيات البينات وبعض الأناشيد الدينية وبعض الأدعية المفصلة على مقاس المناسبة ومقاس أهل البيت ..