رشيد باحة / وصلت العلاقة بين حزبي العدالة والتنمية والاستقلال حد القطيعة، إذ ينتظر أن تتسع رقعة المواجهات بين الطرفين في الأيام القليلة المقبلة. وبرزت أولى مؤشرات هذا الصراع في الانتقاد شديد اللهجة الصادر عن الفريق الاستقلالي، أثناء اجتماعه أمس (الاثنين) بمجلس النواب، لبلاغ الحكومة، الذي تلاه وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، وحمل فيه انتقادا مباشرا لنواب الاستقلال بسبب مواقفهم المعبر عنها أثناء مناقشة مشروع قانون المالية. وشددت مصادر من الفريق الاستقلالي على أن الأخير سيصدر بلاغا ناريا ضد رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بسبب ما اعتبره مصادرة لحق النواب في مناقشة مشروع قانون المالية، و«تعليق فشل الحكومة في حل مشاكل المغرب على مشجب حزب الاستقلال»، كما شدد المصدر ذاته على أن النقاش داخل اجتماع الفريق الذي حضره الأمين العام حميد شباط، انصب كذلك على مفارقات الحزب الذي يقود الحكومة في التعامل مع المؤسسة التشريعية والأغلبية على السواء، فبينما يسمح بنكيران، تضيف المصادر ذاتها، لرئيس فريق حزبه بالبرلمان عبد الله بوانو بانتقاد الحكومة وتوجيه الرسائل يمينا ويسارا إلى من يهمهم الأمر، لربح نقاط سياسية إضافية، يرفض مواقف نواب الاستقلال المنتقدة لمشروع قانون المالية. في السياق ذاته، انتقد الفريق الاستقلالي الاجتماع الأخير للأغلبية، الذي غاب عنه شباط، واعتبره حفل عشاء استغله بنكيران لتوجيه رسائله «المستفزة» إلى حزب الاستقلال عبر تأكيده أنه لا يريد تحالفا إلا ربعا. من جهة أخرى، يرتقب أن ينتهي اجتماع اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، المنعقد مساء أمس (الاثنين)، إلى اتخاذ قرار يدين بلاغ الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، الذي انتقد، باسم الحكومة، مداخلات الفريق الاستقلالي بمجلس النواب ضد مشروع قانون المالية. وأفادت مصادر مطلعة من اللجنة التنفيذية أن حزب الاستقلال اعتبر ما صدر عن الناطق الرسمي باسم الحكومة، يدخل في باب «عسكرة» الأغلبية وتكميم الأفواه، مشددا على أن ضعف تجربة الحزب الذي يقود الحكومة، جعله لا يميز بين المواقف المعبر عنها في مجلس النواب، والقرار السياسي داخل الأغلبية، وذكرت المصادر ذاتها بمواقف الحزب إبان حكومة التناوب التوافقي التي كان يقودها عبد الرحمان اليوسفي، والتي انتقد خلالها مجموعة من القرارات التي اتخذتها الحكومة وهو مشارك فيها. من جانب آخر، ساءت علاقة وزير الاقتصاد والمالية بالأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط بسبب فسحه المجال أمام الوزير المنتدب المكلف بالميزانية إدريس الأزمي للدفاع عن مشروع قانون المالية، بشكل يوحي بأنه نتاج خالص لحزب العدالة والتنمية، من خلال تأكيده في خرجات إعلامية سابقة أن حكومة العدالة والتنمية نتاج خالص للإرادة الشعبية، وأنها ستحاسب غدا على مشروع قانون المالية بمناسبة انتقاده مواقف الباطرونا المعبر عنها إزاء المشروع، وهو ما لا يشاطر فيه حزب الاستقلال العدالة والتنمية. توضح مصادر استقلالية مقربة من شباط، أن حزب بنكيران عاقد العزم على الدخول في مواجهات مع الباطرونا والنقابات، بشكل لم يسبق للمغرب أن عاشه من قبل، وهو ما يعكس، تضيف المصادر ذاتها، توجها هيمنيا لحزب بنكيران يروم ابتلاع باقي مكونات الأغلبية، خاصة، تضيف المصادر ذاتها، أن حزب الحركة الشعبية يتحاشى الدخول في مواجهات مع العدالة والتنمية ويفضل في الوقت الراهن التزام الصمت، فيما ساهمت العلاقة الحميمية التي تجمع نبيل بنبعد الله بعبد الإله بنكيران في مباركة التقدم والاشتراكية لقرارات ومواقف العدالة والتنمية، فيما فضلت قيادة الاستقلال لوحدها، وضع حد لطموح تنميط الأغلبية الذي يسعى إليه ال "بي جي دي". من جهة أخرى، افادت المصادر ذاتها أن حزب العدالة والتنمية يسعى اليوم إلى استغلال قيادته الحكومة لتهييء الأرضية المناسبة لاكتساح مقاعد مجلس النواب في الانتخابات المقبلة وضمان أغلبية مريحة تجعله بمنأى عن التحالف مع أحزاب سياسية أخرى، رغم أن سيناريو من هذا القبيل صعب التحقق في ظل نمط الاقتراع المعمول به وطبيعة البنية السياسية والاجتماعية السائدة بالمغرب.