قبل فوات الأوان، ساكنة مهددة بالترحيل بعيدا عن" أمها" الأرض التي احتضنتها أجيالا تلو أجيال دون كلل ولا ملل وبصدر رحب معطاء. واليوم يريد لها البعض أن تتشرد وتتيه ويرمى بها إلى عالم المجهول وغول العيش في" الحضيرة" بما يحمل ذلك من مخاطر الضياع وسط هول المدينة هم مئات العائلات المهددة في وجودها بأطفالها شبابها نسائها ورجالها قد يضحى بها فداء لمشروع "حضري" عبارة عن محطة تصفية مياه عادمة لم تجد من موقع لمعالجتها غير الأرض الأكثر خصوبة والأوفر نتاجا بمعيار المعمر الفرنسي كما كان يصطلح عليه آنذاك حينما أخذ تربة تلك الأرض لتحليلها وسط نماذج من مواقع شتى فكان الحكم بصلاحيتها لتنزع أول مرة من أصحابها الأصليين مقابل مال زهيد ولتصبح الأرض عبارة عن ضيعات بمواصفات "الضيعات النموذجية" لإنتاج الحبوب والعنب ذات جودة ناذره وإنتاجية عالية. واليوم تصبح نفس التربة ذات الجودة أهلا لاحتضان محطة تصفية مياه عادمة ليس إلا. فشتان ما بين اليوم والبارحة. فهل من آذان صاغية وقلوب رحيمة لإنقاذ هذه الأرض وأصحابها من خطر الضياع إلى الأبد والذهاب سدى فدية لمصالح شخصية ضيقة لم تطق أن توجد إلى جوارها محطة تصفية مياه عادمة بالرغم من صواب اختيار وانتقاء موقع تنزيل مشروع المحطة بما تمليه الطبيعة لا الإنسان. مشروع محطة تصفية المياه العادمة لمدينة تازة كغيرها من المدن مشروع محمود لكن الغير محمود هو أن يسار إلى تصفية ما تبقى من خيرة الأراضي الفلاحية المتاحة للمدينة والتي ليست بالكثيرة على كل حال والتي ضاع منها الكثير في مشاريع بناء أقل ما يقال عنها أنها شوهت وجه المدينة ولم ترق حتى إلى مصاف "مركز حضري" وواقع الحال شاهد على ذلك من قلب المدينة نفسها فلا الناس سكنت ولا الأرض تركت لتغذي الأفواه المفتوحة المتزايدة التي تبحث عن لقمة العيش. البدائل متوفرة بما يكفي ويلبي الحاجة ويبقي على رضا جميع الأطراف والمطلوب فقط صواب الاختيار الذي تضمنه الدراسة المتأنية وإشراك المعنيين بالمشروع عملا بمبدأ المشروع الناجح هو الذي ينال رضا وقبول المعنيين به لا ذلك المفروض عليهم وفي رضى وقبول الناس سر النجاح وصواب الاختيار والموضوعية والتجرد بعيدا عن الذاتية والانحياز. لم يسبق أن سجل أي مشروع و لا حتى التفكير في مشروع لفائدة الساكنة وكجزاء على صبر وتحمل هذه الساكنة لحالة التهميش ولإهمال يراد لها اليوم أن تتحمل تبعات وعواقب ونتائج الاستهلاك الذي تجني ثماره جهات أخرى فأين نحن من مبدأ: "Pollueur payeur" المعمول به على نطاق واسع والذي تبنته بلادنا كمظهر من مظاهر الإنصاف واين نحن من مبدا التنمية المستدامة؟ فلا هذه الساكنة تستفيد من الدورة الاقتصادية المحلية ولا هي تركت في تهميشها؟ إذ يراد لها اليوم أن تؤدي ثمن توسع المدينة غيرالمنظم والاختيارات غير المبررة اقتصاديا، اجتماعيا وبيئيا. وتجدر الاشارة الى ان المعاير التقنية والمعطيات الاقتصادية التي ارتكزت عليها الدراسة لمحطة المياه العادمة بمدينة تازة ، والذي اختير من خلالها دوار سيدي حمو مفتاح لم تاخد في الحسبان الا المردودية الاقل تكلفة لتشغيل وصيانة المحطة و لم يأخذ بعين الاعتبار الثمن الحقيقي للأرض والانعكاسات السلبية الاخرى والتي تتمثل في: - تكاليف الانجاز المرتبطة بنوعية طبقات الأرض ومشاكل صيانة العديد من محطات الضخ والشبكات الضرورية . -ضخ المياه العادمة الى ارتفاعات كبيرة نظرا لطبغرافية الأرض المعاكسة للمجرى الطبيعي؛ -لم تأخذ الدراسة بعين الاعتبار التكلفة الاجتماعية لساكنة هذه الايالات والتي تعد قرية نمو دجية(حي اهل للسكان)؛ - أن الدراسة البيئية السطحية التي تم اعتمادها لم ترقى في انجازها للمعايير المعتمدة ولاسيما فيما يخص تصرب المياه العديمة الى الفرشة المائية. كما ان رحة "البحيرات الضحلة دات التهوية" في أكترمن 80 محطة بالمغرب لم تعط اكلها. ويجب التذكير ان هدا النوع من المعالجة الدي يحتاج الى عدة هكتارات يتأثر بالعوامل المناخية والتي قد تساهم في نشر المزيد من الروائح الكريهة خاصة في ظل وجود هاته المحطة في وسط السكان وبالقرب من المطار و الدي قد يؤثر في استقطاب السياح وانتشار الأمراض المائية. كما أن مشروع المعالجة المقترح غير مستدام بحكم أنه سيصبح في قلب المدينة بعد بضع سنوات نظرا لتوسع السريع للمدينة في نفس الاتجاه وبالتالي سيطرح المشكل من جديد في وقت قريب. ونظرا لهذه الحيثيات يجب على الدوائر المعنية، الراعية للمشروع اعتماد مبدأ المقاربة التشاركية لإنجاز مشروع مستدام والبحت عن البدائل دات الجودة العالية للتطهير والتي تحترم البيئة و تعتمد مبدأ "عملية الحمأة المحفزة" الدي يحتاج لمساحة صغيرة من الارض ودلك في موقع ملائم وأقل ضرر على السكان على غرار المشاريع التي تم انجازها حديتا في مدن فاس، الناظور والحسيمة. وايمانا بمسؤوليتها اتجاه الساكنة المتضررة من المشروع المقرر انجازه والذي سيسبب ضررا كبيرا على الصعيد البيئي والا قتصادي قررت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني والناشطين المغاربة داخل وخارج الوطن الانخراط في الدفاع عن مصالح الساكنة بكل الوسائل القانونية .