وجدة :سعيد سونا / نظم مركز الدراسات والبحوث الإجتماعية بوجدة بتنسيق مع ماستر الدراسات الدستورية والسياسية بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية جامعة محمد الأول اليوم الجمعة 6 يناير، مائدة مستديرة في موضوع :انتخابات 25 نونبر وانعكساتها على المشهد السياسي المغربي . وقد أطر هاته الندوة كل من الأستاذ محمد الظريف ،والدكتور مصطفى المرابط والدكتور محمد الوزاني ،وكذا الدكتور سمير بودينار مدير مركز الدراسات والبحوث الإجتماعية بوجدة الذي افتتح الندوة بالتذكير على أن هاته المائدة المستديرة تأتي في إطار سلسلة الندوات المتواصلة التي ينظمها المركز منذ تدشينه من طرف الملك قبل ستة أشهر من تاريخ اليوم ، هاته الندوات التي تساهم في فتح النقاش حول مختلف القضايا العلمية عبر استدعاء المفكرين والأكادميين لإلقاء محاظرات تساهم في إغناء البحث العلمي عبر تأطير الطلبة الباحثين وإشراك الكل في مناقشة قضايا الساعة، وخاصة ماتشهده بلادنا من حراك توج بدستور صوت عليه الشعب مرورا بانتخابات 25 نونبر موضوع الندوة وتداعيتها على المشهد السياسي المغربي خصوصا بعد تعيين الحكومة من طرف الملك . وبعد ذلك أخذ الكلمة الأستاذ محمد الظريف ليؤكد على أنه يجب التمييز بين الحكومة والحكم حتى نتمكن من فهم اللعبة السياسية بالمغرب، مؤكدا على أن الأليات التي يعتمد عليها الحكم في المغرب تبقى نفسها ولكن بدستور صاغها بطرق جديدة ولم يغير من مرتكزاتها، وأن اللغط الذي صاحب الترويج للدستور لن يصمد أمام إخضاع مضامين الدستور لقراءة شاملة ،كما أشار على أن الصلاحيات التي أعطيت لرئيس الحكومة تبين بالملموس أنه سرعان مايتم الإلتفاف عليها بمواد في الدستور نفسه تقزم الحكومة لصالح الحكم،وأعطى مثالا بكون أنه ليس من حق الملك دستوريا إعفاء رئيس الحكومة لكنه في المقابل يمكن فعل ذلك بالمادة التي تعطي الحق للملك في حل البرلمان ،وأضاف أنه رغم وجود نص دستوري صريح يمنع الترحال السياسي، تفاجأ المغاربة للطريقة التي قدم فيها وزير الفلاحة الحالي عزيز أخنوش استقالته من حزب الأحرار ليلتحق بالحكومة ،هاته الأخيرة حسب كلامه قامت بخرق ميثاق الأغلبية الذي ينص على تقوية دور المرأة في الوصول إلى مطبخ صنع القرار ،وأن عبد الإلاه بن كيران كان بإمكانه إبلاغ أعضاء الأغلبية بضرورة اقتراح استوزار نساء في الحكومة. واعتبر الأستاذ محمد الظريف أن بصمات الهمة كانت حاضرة بقوة فيما جرى حتى يظهر للدول الأروبية وأمريكا والرأي العام الوطني أن وصول الإسلاميين للحكومة يعد ردة لبعض المكتسبات التي تحققت وخصوصا فيما يخص قضايا المرأة ،واعتبرأن الهمة كان كل همه التخطيط لإعطاء صورة مفادها أن العدالة والتنمية حزب قاصر ولم يأت بجديد، وهذا ما يظهر مع توسيع وزارات السيادة رغم أن الدستور ينص على أن الحكومة ستكون سياسية بجميع حقائبها وهو الأمر الذي تنازل عنه بن كيران بل ساهم في تبرير هذا التراجع بأنه هو من اقترح الوزراء غير المنتميين على الملك وهذا أمر لايحترم ذكاء المغاربة يضيف الأستاذ الظريف، كما عبر باستهزاء كبير على تبرير بنكيران لإستوزار عبدالله بها وزيرا بدون حقيبة وأن الأمر يتعلق بالصداقة التي تجمع بينهما واصفا الأمر بالعبثي وأنه كان مقبولا مع اليازغي والعنصر وقبل التصويت على الدستور الجديد، لكن الأمر الأن لايعطي مؤشرات على أن بنكيران كان مستعدا لقيمة هاته اللحظة التاريخية التي يمر منها المغرب وخصوصا أن حزب العدالة والتنمية كان يستهجن وجود وزراء بدون حقائب، وكان يستهجن حكم العائلات في المغرب وهاهو يدخل في صفقة مع عباس الفاسي باستوزار عائلته وكذا استوزار العمراني التي لاتربطه أية علاقة مع حزب الإستقلال ، وهي وصمة عار على هاته الحكومة على حد وصف الأستاذ الظريف، ستجرها لإخفاق كبير في أول امتحان لها عندما سيصوت بعض البرلمانيين الغاضبين من حزب الإستقلال على ماقام به عباس الفاسي ضد البرنامج الحكومي ونفس الأمر سيحدث مع البرلمانيين المحسوبين على تيار سعيد السعدي في حزب التقدم والإشتراكية، وكذا الشأن بالنسبة لبعض البرلمانيين الغاضبين المنتميين للحركة الشعبية من استوزار عبد العظيم الكروج الذي لاتربطه أية علاقة مع الحركة الشعبية، كلها أمور تظهر أن الشعارات والبهرجة التي صاحبت تصدر العدالة والتنمية لنتائج الإنتخابات سرعان ماتكسرت على واقع تقاليد الحكم، وأن المعارضة تبقى سهلة مقارنة مع مهمة الوصول إلى صنع القرار،كما اختتم مداخلته في الأخير أنه توصل بتقرير من أحد مراكزالأبحاث الأمريكية تفيد أن الإنتخابات في المغرب لم تكن نزيهة، وأن نسبة المشاركة لم تتجاوز 30 في المئة،كما أن نسبة الأوراق الملغاة بلغ 20 في المئة،الأمر الذي أزعج عبد العزيز أفتاتي النائب البرلماني، وعضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الذي تدخل عندما فتح باب النقاش والذي كان وفيا لعادته عندما قال أن حزبه ليس بحاجة لمن يلقنه دروسا في الديموقراطية، وقال أن الوزراء المنتميين للعدالة والتنمية انتخبوا بطريقة يجب أن تدرس في الجامعات العالمية،ولم يقدموا على ترشيح أنفسهم كما يفعل جل الوزراء في الأحزاب المغربية،وأن المرأة الوحيدة الموجودة في الحكومة تنتمي للعدالة والتنمية وتم انتخابها بطريقة شفافة ،كما أضاف أن حزب العدالة والتنمية فور صدور النتائج تقدم بطعونات لدى المحاكم حتى في الدوائر التي حصد فيها أكثر من مقعد نظرا للإستعمال المفرط للمال وتدخل الإدارة الترابية في إفساد العملية الإنتخابية ، وأضاف أنه لايجب التشويش على العدالة والتنمية والدخول في قراءة النوايا، وإن ثبت تدخل الهمة أو أي شخص أخر سيتخد الحزب الموقف المناسب الذي يتناسب مع مبادئه يضيف أفتاتي، وأن وزراء العدالة والتنمية سيقدمون الدروس في الإلتصاق والتواصل الدائم مع المجتمع المغربي، كما نالت إشارته التصفيق بخصوص التنازلات التي قدمها وزراء الحزب بتخليهم طواعية عن البروتوكولات، وعن السيارات الفارهة، وخاطب الظريف قائلا :إطمئن نحن قوم لاتهمنا الكراسي وسنتركها إذا كان ذلك في صالح الشعب المغربي، وأنه شخصيا من مؤسسي حركة 20 فبراير، وسينتقد أي توجه لايحترم الثقة التي وضعها المواطنون في العدالة والتنمية بل سيعارض حتى بعض خيارات حزبه من خلال الشارع لأن الرأي حر والقرار ملزم كما تنص عليه أدبيات العدالة والتنمية . وهنا قاطعه الأستاذ الظريف ونبهه إلى الإرتباك الحاصل في خطاب بعض القياديين في العدالة والتنمية، وخاطب أفتاتي قائلا : كيف لرجل قيادي مثلك يوجد في الأمانة العامة للحكومة يتناقض مع نفسه فإذا كان القرار ملزم فأنت مجبر على الخضوع لقرار الأمين العام للحزب القاضي بعدم الخروج في مسيرات 20 فبراير لكونها تهدد الإستقرار وتهدد النظام الملكي وأضاف الأستاذ الظريف أن هذا يدل على وجود أشياء قد تفجر الحزب من الداخل متوجها إلى القاعة قائلا:هل رأيتم أو سمعتم أنه في أول اجتماع حكومي في حكومة ما يدخل وزير مع رئيس الحكومة ينتميان لنفس الحزب في بوليميك قوي يدل على نقص في الإستعداد للمرحلة التي فاجأت العدالة والتنمية ، مشيرا لما وقع بين بن كيران والرميد في المجلس الحكومي المنعقد أول مرة فيما يخص أحداث تازة ،وفي نهاية مداخلته أكد الأستاذ محمد الظريف على الصداقة التي تجمع بينه وبين عبد العزيز أفتاتي والتي تمتد لعشرين سنة على حد قوله لكن هذا لا يمنعه من ممارسة مهامه كأستاذ باحث في إظهار الحقائق وفق المعطيات المتوفرة. وفي محاولة منه لتطويق هدا السجال أحال الدكتور سمير بودينار الكلمة إلى الدكتور مصطفى المرابط مدير مركز الجزيرة سابقا الذي تجنب الدخول في تفاصيل الإنتخابات والحكومة، وأكد أنه كأكاديمي ملزم بأخذ مسافة من الأحداث واستخدام مناهج ومفاهيم علمية لمحاولة إدراك اللحظة، وفي هذا الإطار كانت مداخلة الدكتور مصطفى المرابط في جلها عن الحراك العربي بصفة عامة ،وأن مايميز المغرب عن باقي الدول العربية هو التجاذب الناعم بين الدولة وحركة الشارع، وأنه على الأطراف المعنية بالأمر أن تحافظ على هدا المكتسب الإستراتيجي، حتى لايتحول التجاذب بين النظام المغربي وقوى الشارع إلى تجاذب عنيف، ومن ثم يسقط ما يطلق عليه بالإستثناء المغربي يظيف الدكتور المرابط وأن المعجم المتداول في هذا الحراك، يجب أن يتغير حتى نتمكن من تملك اللحظة وفك تمظهراتها بدل استعمال مصطلحات مثل الخصوصية والثورة والربيع العربي...وهي مصطلحات يقول الدكتور مصطفى المرابط تجعل الكل يعيش تحت ضغط كبير ،مؤكدا على أن الإصلاح لا يأتي تحت الظغط وأنه رغم ما تطمح إليه الجماهير فإن السياسات التوافقية تبقى إلزامية، مذكرا بمعطى جديد ظهر في الغرب اصطلح عليه بالديموقراطية التوافقية، وبالتالي يضيف لايمكن عزل مايجري حاليا عن معطيات المناخ العالمي، من تحول في موازين القوى والأزمة الإقتصادية الذي ضربت الإقتصاديات الكبرى والتي لعبت دورا كبيرا في هذا الحراك كعامل موضوعي خارجي فضلا عن تداعيات الحرب الباردة التي لازالت لم تلفظ أوزارها حتى الأن على حد تعبير الدكتور المرابط لكن هذا لايعني عدم وجود أسباب داخلية عجلت بظهور هذا الحراك، كالإستبداد ومظاهر الهشاشة الإقتصادية والإجتماعية ...يضيف الدكتور لمرابط ،كما أشار أنه من الناحية الأكاديمية الإستراتيجية لايمكن اعتبار صعود الإسلاميين في الوطن العربي مفاجئا فالأمر كان منتظرا بالنسبة للباحث العلمي الحصيف، كما أنه لايوجد نمط ديموقراطي واحد ،ولايوجد إسلام سياسي واحد ،فالديموقراطية التي كانت في الحضارة اليونانية ليست هي الديموقراطية التي تنادي بها النخبة الحداثية اليوم ،وأن ظاهرة الإسلام السياسي تغيرت وفقا لتغير المناخ الدولي ،وكلها مفاهيم وكائنات تتحرك مع تغير مستجدات التاريخ ،ليخلص الدكتور مصطفى المرابط في الأخير لكون المرحلة تستدعي إعمال العقل والمعايير العلمية حتى نستطيع أن نتوج كل مايجري بما يستجيب مع انتظارات وتطلعات المرحلة . ليفسح المجال بعد ذلك لتدخلات الطلبة الباحثين، التي تفاعلت مع ماجاء في تدخلات الأساتذة المؤطرين لهاته الندوة التى حاولت أن تقف عند تداعيات انتخابات 25 نونبر على المشهد السياسي المغربي .