"وجدة باي نايت" واقع ملموس نستشف خصوصياته الصادمة من ردهات مصالح الديمومة بمدينة وجدة حيث يمكن للفرد ان يعاين حقيقة مدينة تعيش ليلا غير عادي تؤثثه الجريمة والممارسات الجنسية الشاذة والدعارة الشعبية التي يمكن ان تمارس على قارعة الطريق وقد زكى هذه الوضعية ضعف البنيات التحتية بالمدينة ذلك ان مجلسنا البلدي لم يستطع بعد ان يجد حلولا مرضية لاشكالية الانارة ما يجعل احياء بكاملها تعيش في ظلام دامس ناهيك عن بعض الطرقات و الشوارع التي لا تبعد عن الشوارع الكبرى كشارع محمد الخامس الا بامتار معدودة مما يشجع على اقتراف الجريمة وارتكاب المناكر وعلى الرغم من النداءات المتواصلة لاصلاح الانارة بالمدينة فيبدو ان مجلسنا البلدي الجديد لا زال لم يجد طريقه امام اشتداد عود معارضة مشاغبة في كثير من الاحيان... مجلس بلدي لم يجد بعد طريقه خاصة و أن الإرث الذي يحمله عن المجلس السابق ثقيل ، مما يجعل نسبة كبيرة من المدينة تعيش في ظلام مرعب يفتح شهية المجرمين و قطاع الطرق و الشواذ جنسيا على اقتراف جرائمهم و يتزكى هذا الوضع بقلة الموارد البشرية في ولاية الأمن وضعفها في الدوائر الأمنية من هنا تصبح المعادلة الأمنية صعبة تعترضها الكثير من الحواجز ،ولعلنا نقترب أكثر من المعاناة الحقيقية لرجال الشرطة عندما نقوم بجولة على غير موعد في مصالح الديمومة التي لم تعد تستوعب حجم المشاكل التي ينتجها ليل مدينة وجدة ... قد يصاب المرء بالدهشة والغثيان أمام الحالات الكثيرة التي تحال على هذه المصلحة ولتقريب القارئ العزيز مما يحدث ويدور في فلك مدينة وجدة ارتأت جريدة الشرق المغربية أن تتجشم معاناة الوقوف على حجم القضايا والمشاكل التي قد يأخذ بعضها بعدا إنسانيا . في مصلحة الديمومة بولاية امن وجدة أول ما يثير انتباه الزائر الذي يسير به حظه العاثر نحو مكتب المصلحة ، بؤس الفضاء من حيث بنياته التحتية ، عبارة عن قاعة تمتد على طول 12 مترا وعرضها لا يتجاوز أربعة أمتار ، تقع في الجانب الخلفي لولاية الأمن ، ذات صباغة قديمة تبعث على الحزن والتشاؤم ،لا تحفز على بذل أي مجهود ، تتوفر على مكاتب اسمنية وأخرى خشبية قديمة تعلوها آلات للكتابة جد تقليدية لا تتوفر المصلحة إلا على حاسوبين وبعض مصابيح القاعة معطلة "الحاصول بحال راك فشي زنزانة من زنازن لاندوشين "أما الموارد البشرية فهي جد قليلة ، نتيجة التعب و التوتر يظهر التعب على وجوه رجال الشرطة ،عليهم أن يشتغلوا على ملفات كثيرة خلال كل ليلة ، ملفات جد متنوعة لقضايا عصيبة، كارتكاب الجرائم و الضرب والجرح واعتراض السبيل والشذوذ الجنسي وممارسة الدعارة والسكر العلني والصراعات العائلية وسوء الجوار والاعتداء ضد الأصول والتشرد وكل ما يخطر على بال الإنسان من قضايا ومشاكل ،قد تجتمع هذه المصائب كلها في ليلة واحدة إلى درجة أن المسؤولين عن الديمومة لا يستطيعون بإمكانياتهم المحدودة أن يعالجوا بشكل قانوني سليم كل قضايا مدينة يفرض ليلها غير العادي تجنيد كتائب من رجال الشرطة لتجنب المصائب. يمكن أن نكتشف الوجه الآخر لمدينة الألف سنة من خلال هذه المصلحة المناضلة ، ففي نفس الوقت التي عاينت فيه الشرق المغربية القضايا المحالة على هذه المصلحة تمت كتابة محاضر كثيرة يصعب تصنيفها منها على سبيل المثال لا الحصر ، قضية شاب مخمور جاء يشتكي من محاولة اعتداء جنسي بالشارع العام ونتيجة فعل السكر نقل هذا الشاب الوقائع كما حدثت بأسلوب زنقاوي يستعمل فيه الالفاظ الشاذة ولما رأى أن الشرطي لا يتجاوب معه فقد اخذ يصيح:"آآآالشاف راه بغا...بزاف عليه أنا راجل... انا راجل.... تواجدت بالمصلحة بعض الأسر لحظة تجاوز الشاب لأصول الاحترام ،وأمام وقاحة التعبير لم يجد الشرطي من وسيلة لإسكاته سوى الصفع وتهديده بالاعتقال ، ثم يأتي دور عاهرة تم اعتقالها في الشارع العام تتحرش بالمارة جنسيا ، وعلى الرغم من خرقها للقانون إلا أنها دافعت بحدة في محضر قانوني عن حقها في ممارسة الدعارة لأنها وسيلتها الوحيدة لكسب قوتها اليومي خاصة وأنها قادمة من مدينة بعيدة تركت وراءها والدها العاجز عن العمل والغير قادر على إعالة إخوتها الصغار ، الشرطي لا ينهار أمام دموعها ويأمر باعتقالها حتى تحال على أنظار المحكمة ... تعد قضية الشذوذ الجنسي والدعارة من أهم القضايا التي تعرض على مصلحة الديمومة إضافة إلى السرقة بشتى أنواعها والتي يحال فيها الأظناء على الوكيل العام . يبدو أن ليل مدينة وجدة طويل وخطير خاصة في أيام الشتاء الباردة إذ تشهد المصلحة توافد الأفراد الذين تعرضوا للسرقة واعتراض السبيل بالسلاح الأبيض ليقدموا شكاياتهم لعل الشرطة تلقي القبض على اللصوص وترجع لهم ما تم سلبه منهم. لا يقف دور مصلحة الديمومة عند هذا الحد بل يمتد لتصبح امتدادا للصراعات الأسرية وصادفنا في تلك الليلة أسرة متكونة من زوج وزوجة وثلاثة أطفال لم يسمح لهم بالدخول إلى بيت العائلة أين يقطنون نتيجة خلاف عائلي ليصبح الشارع ببرده و مخاطره مأواهم فلم يجدوا بديلا من التوجه إلى مصلحة الديمومة بأبنائهم في تلك الليلة لعلهم يجدون بين رجال الشرطة من ينصفهم أو يجد حلا لمشكلتهم ... أما صراعات سوء الجوار فهي كثيرة ومتنوعة تبدأ بمجرد ما يسدل الليل ستاره على المدينة يقول احد رجال الشرطة المداومين في تلك الليلة "غي ياذن المغرب اللي فيه شي فيس يبان" تنشب معارك ضارية خاصة بالأحياء الشعبية تبدأ بالسب والشتم لتصل إلى الضرب والجرح وتنتهي في المستشفى ومصلحة الديمومة ، أمام هذه الحالة على الشرطي أن يتسع قلبه ليستمع لكل الأطراف المتصارعة خصوصا عندما يتعالى الصراخ وأطرف ما عاينته الشرق المغربية في هذه الليلة قدوم مجموعة من الرياضيين كانوا يتدربون تحت إمرة مدرب بإحدى القاعات الرياضية المخصصة للكاراطي غير أنهم في لحظة ما لم يمتثلوا لأوامره مما دفع بالمدرب إلى أن يوجه لكمة قاضية لأحد تلامذته فشد الجميع الرحال نحو مصلحة الديمومة يقدمون شكاية ضد المدرب العنيف. لم تدم إقامتنا بمصلحة الديمومة إلا ساعات قليلة، كانت كافية كي نكتشف الوجه الآخر لمدينة وجدة "وجدة باي نايت"وجدة الشذوذ الجنسي والدعارة والسكر والسرقة والاعتداء على الأصول واعتراض السبيل والسرقة الموصوفة . أمام هذه الوضعية لا يسعنا إلا أن نحيي رجال الأمن بمصلحة الديمومة على سعة صدرهم ولكن في نفس الوقت لا بد أن نذكر أن رجال الديمومة ونتيجة الضغط يفقدون أحيانا أعصابهم فيستعملون نفس اللغة التي يستعملها اولئك الذين يحالون على المصلحة . فضاء الديمومة يضيق نتيجة كثرة القضايا ولا يمكن أن تسع الزنزانة المخصصة للاعتقال "السيلون" كل المحالين و المرتكبين للجرائم حيث يتم خلط الذكور بالإناث و عندما تمتلئ الزنزانة يختلط المجرمون بباقي المشتكين و نتيجة الظروف المزرية فان الوقاية الصحية تصبح مفقودة مما قد يؤدي إلى تهديد صحة المواطن ورجال الشرطة على حد سواء ولا بد أن نشير إلى أن العدد المحدود لعناصر الشرطة المخصص للديمومة لا يمكنه ابدأ أن يغطي حجم القضايا المعروضة ومن هنا نلتمس من المسؤولين المباشرين أن ينظروا إلى أهمية هذه المصلحة في توفير الأمن وبالتالي نلتمس منهم العمل على ترقيتها .