تواجه البشرية تحدّيات مستمرّة تهدّد استمراريتها، من الاحتباس الحراري الذي ينذر إن تفاقم بنهاية الحياة، إلى الفيروسات المتنوّعة التي تظهر كلّ فترة، وتثير موجة من الذعر وتتكاثر حولها نظريات المؤامرة. ويبدو أن للحيوانات نقمة خاصة على الإنسان، فمن إنفلونزا (H5N1) التي تنتقل عبر الطيور الى فيروس (H1N1) الذي ينتقل عبر الخنازير، تواجه البشريَّة اليوم وباءً جديدًا يعرف ب "كيو" الذي ينتقل عبر الماعز. وقد ظهرت العدوى في عدد من الدول الأوروبية والعربية، وتنذر بخطر جديد بسبب سرعة إنتشار الوباء التي تفوق إنتشار الفيروس (H1N1). ويستمر الإنقسام المثير للجدل حول مسببات الفيروسات. أمستردام، عواصم: أصاب وباء "كيو" الجديد المسبب لانفلونزا الماعز حتى الآن اكثر من 2300 شخص... وفقًا لتقارير نشرتها مواقع اخبارية على الانترنت من بينها وكالة الانباء البلجيكية "بيلغا" وموقع "داتش نيوز" الهولندي وموقع "ذا فويس اوف رشا" (صوت روسيا) وموقع وكالة صوفيا البلغارية للانباء، فإن الوباء الجديد اصاب حتى الآن اكثر من 2300 شخص حول العالم، 11 هولندا توفي من بينهم 6 على الأقل، و19 آخرين ببلجيكا، و21 في أميركا و4 في كندا بفيروس "كيو" المسبب لانفلونزا الماعز، وبهذا يكون العالم في مواجهة وباء لا يقل خطورة عن سابقيه. يشار أن الأمر لم يتوقف فقط عند الدول الأوروبية، بل ظهر ايضا بدول عربية، اذ ذكرت صحيفة الشروق الجزائرية في عددها الصادر امس انه "تم تسجيل حالات اصابة بانفلونزا الماعز في دول أخرى حول العالم من بينها دول الخليج ومصر ودول عربية اخرى، حيث تم رصد 7 حالات في السعودية و3 في البحرين و6 في قطر و16 في الامارات و8 في مصر و2 في عمان و32 في الدول العربية الاخرى". حقائق علمية حول انفلونزا الماعز ونقلت التقارير عن مصادر صحية قولها ان انفلونزا الماعز تعرف ايضا باسم (Q) وانها تصيب الماعز والاغنام بشكل اساسي وان السبب في الاصابة بها يرجع الى نوع من البكتيريا يعرف باسم "كوكسيلا" وهي البكتيريا الضارة التي تنتشر بسرعة وسهولة عندما تصاب الاغنام والماعز بالاجهاض المفاجئ. ونقلت التقارير عن وزارة الزراعة الهولندية تأكيدها على أنه قد تم اكتشاف انتشار فيروس انفلونزا الماعز في اكثر من 55 من مزارع الاغنام في هولندا وتحديدا في منطقتي ايندهوفن وتيلبورغ. وذكر موقع "داتش نيوز" الاخباري ان وزارة الزراعة اعلنت في مؤتمر صحافي قبل بضعة ايام انها ستبدأ قريباً في تنفيذ حملة لإعدام قطعان من الاغنام والماعز التي تم اكتشاف اصابتها بذلك الوباء، حيث من المتوقع ان تشهد تلك الحملة اعدام مايتراوح بين 15 و20 الف رأس من الماعز والاغنام في سبيل محاولة منع انتشار الوباء، كما سيتم ذبح جميع الحيوانات التي تم تطعيمها ضد المرض وكذلك اناث الماعز والاغنام الحوامل في جميع المزارع التي تم اكتشاف المرض فيها. وفي محاولة للتخفيف من حدة المخاوف، سارع اختصاصيون في مجال الصحة إلى الاشارة إلى ان مرض انفلونزا الماعز لا ينتقل إلى الانسان إلا من خلال الاتصال المباشر مع الحيوانات المصابة. واوضح اولئك الاختصاصيون ان اعراض ذلك المرض تتشابه الى حد كبير مع الانواع الاخرى من الانفلونزا بما في ذلك احتقان الحلق وارتشاح الانف وآلام الاطراف والصداع وارتفاع درجة حرارة الجسم بالاضافة الى الشعور بالغثيان والرغبة في التقيؤ في حالات الاصابة الشديدة التي تؤدي عادة الى الوفاة اذا لم يتم علاجها سريعا بالشكل المناسب. وحتى الآن لم يتم رصد أي حالة انتقال لعدوى انفلونزا الماعز من شخص إلى شخص حيث ان جميع الاصابات البشرية التي تم رصدها حتى الآن ناجمة عن انتقال الفيروس من حيوانات الى بشر من خلال الاتصال المباشر. وقد سارعت الدول المجاورة لهولندا الى اتخاذ جميع التدابير والاجراءات الاحترازية اللازمة لمنع انتشار الفيروس إلى أراضيها. اذ أصابت تقارير الإصابة بالمرض العديد من الدول بالهلع من بينها بلجيكا حيث عقد كريس بيترز رئيس الحكومة البلجيكية - الذي يشغل أيضا منصب وزير الزراعة - اجتماعا عاجلا مع الوزراء لبحث الإجراءات المتعين اتخاذها لمواجهة انتشار المرض فيما قررت السلطات الهولندية ذبح جميع إناث الماعز "العشر" كإجراء وقائي لمواجهة المرض الذي ظهر بأراضيها. وأوضح الإطباء أن ما أصاب الماعز فى هولندا ومعظم دول العالم هو نوع من البكتيريا تسمى علميا "الحمى المجهولة" ولا علاقة لها بالفيروسات، وهى تصيب الماعز والأغنام والأبقار وتسبب الإجهاض للإناث الأعشار منها فقط وأحيانا الوفاة. ورغم أن المرض ينتقل إلى الإنسان إلا أنهم قللوا من خطورته، مؤكدين أنه يتسبب وفاة 1% فقط من المصابين به. و أشار الخبراء إلى أن انتقاله إلى الإنسان يتم عن طريق المخالطة للحيوانات خاصة الماعز، وكذلك عن طريق الأجنة المجهضة أو السوائل الناتجة من الحيوانات كاللبن، وتتسبب فى إصابته بالحمى والقىء. كما أشاروا إلى أن علاج الحمى المجهولة بسيط وسهل جدا، وذلك عبر تناول عقار يسمى "دوكسى سياكين" فى نفس يوم ظهورها، وأضافوا: لا تنتقل بكتيريا الحمى المجهولة من إنسان إلى إنسان، لكنها تنتقل من الحيوانات إلى الإنسان، ولأشخاص معينين وهو مرض موجود فى معظم دول العالم ,. وقال أحد الأطباء إن المرض يتسبب فى إجهاض الحيوانات الأعشار كما يتسبب أيضا فى الإسهال وارتفاع درجة الحرارة وهي أعراض مشابهة لأعراض فيروس الأنفلونزا لكنها ليست أنفلونزا، مشيرا إلى احتمالية انتقاله إلى الإنسان ولكنه ليس خطيرا. مشيرا إلى وفاة 50% من المصابين به فقط، مؤكدا ظهور هذه النوعية من البكتيريا فى هولنداوبلجيكا وحتى أستراليا لأنه مرض متوطن هناك. وأوضح نفس الطبيب أن المرض ينتقل عبر الإفرازات والسوائل الحيوانية التى تخرج من الحيوانات المصابة بالبكتيريا وقال: "عندما تتساقط هذه السوائل إلى الأرض وتجف تتطاير الجرثومات إلى الإنسان ومن هنا يمكن ان يصاب بالمرض وتتسبب فى التهابات رئوية وكبدية وإسهال وقىء وأحيانا الوفاة".