يبدو أن حكومة بنكيران قد مرت إلى السرعة القصوى في تنزيل القوانين المعادية لحقوق الإنسان، باستهداف الطفولة هذه المرة، من خلال قانون يرمي إلى السماح بتشغيل الطفلات القاصرات كخادمات في البيوت. فبنكيران بهذا القانون الذي يحدد السن القانونية لتشغيل الفتيات كخادمات في البيوت في 16 سنة عوض 18 سنة، يضرب بعرض الحائط الدستور المغربي ومعه كافة الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب في مجال حماية الطفولة، ويدفع بالقاصرات خارج أسوار المدرسة حيث العلم والمعرفة إلى داخل أسوار البيوت حيث القهر والعبودية. إن هذا القانون هو تجسيد للمخاوف التي طالما عبر عنها الحقوقيون المغاربة، وهم يرون حكومة بنكيران ترفض التصديق على اتفاقية العمل الدولية رقم 189 المتعلقة بالعمال المنزليين، والتي تنص في الفقرة الثانية من مادتها الرابعة على أنه: “تتخذ كل دولة عضو تدابير تضمن ألا يَحرم العمل الذي يقوم به العمال المنزليون دون سن 18 عاماً وأعلى من الحد الأدنى لسن القبول في الاستخدام، هؤلاء العمال من التعليم الإلزامي أو يتعارض مع فرص مشاركتهم في التعليم العالي أو التدريب المهني”. وهو تجسيد أيضا لانحيازات طبقية لا طالما عبر عنها حزب العدالة والتنمية منذ أن صار هو الحزب الحاكم، من خلال رفضه لفرض ضريبة على الثروة، وسياسته القاضية بعفا الله عما عما سلف التي متع بها المفسدين، ومن خلال اتجاهه المعلن لإلغاء مجانية التعليم وضربه للقدرة الشرائية للمواطنين في كل المجالات، ومن خلال تمتيعه للوزراء بسيارات المرسيديس الفاخرة على حساب نهب صندوق تقاعد العمال والموظفين. لقد أصبح جليا أنه لا أمل يرجى لا من بنكيران ولا من حكومته ولا من الأغلبية البرلمانية المكونة من حزب العدالة والتنمية وباقي الأحزاب المشكلة لهذه الحكومة، والتي مررت يوم أمس قانون العار هذا، في انسجام تام مع نظرة الحزب الحاكم القروسطوية للمرأة، والتي تجد صداها في تأويلات منحرفة للقرآن والسنة في كل ما يخص قضايا المرأة، والتي يتم اختزالها عند إخوان بنكيران في مجرد وسيلة رخيصة لخدمة الرجل وإمتاعه، حتى وإن تعلق الأمر بطفلات قاصرات لا ذنب لهن سوى أنهن ولدن في بلد يرأس حكومته رجل يستقوي على الضعفاء من نساء وعمال وأطفال، وينبطح أمام الأقوياء ممن يملكون السلطة والنفوذ والثروة. إن الصمت على هذا القانون هو جريمة لا تقل فظاعة عن جريمة الحكومة التي سنت هذا القانون، والبرلمانيين الذين رفعوا أصابعهم بالموافقة على بنوده. لذلك فإن الأمل كل الأمل هو على المجتمع المدني الذي عبر منذ علمه بالموضوع، على غضب عارم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، ذلك الغضب الذي يجب أن يتحول إلى مبادرات تترجم على أرض الواقع حتى يعود الحق إلى أصحابه، فما ضاع حق وراءه طالب خصوصا إن كان هذا الحق هو حق الطفولة في الحياة والتعلم بعيدا عن خدمة البيوت، حتى لا نترك لتجار الدين والسياسة الفرصة ليرقصوا على دموع القاصرات. رئيس مركز الحريات والحقوق