أقوى معارضان للنظام العسكري في الجزائر يحلان بمدينة بني انصار في المغرب    إبراهيم دياز مرشح لخلافة ياسين بونو ويوسف النصيري.. وهذا موقف ريال مدريد    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    إقليم الحوز.. استفادة أزيد من 500 شخص بجماعة أنكال من خدمات قافلة طبية    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    بنكيران: مساندة المغرب لفلسطين أقل مما كانت عليه في السابق والمحور الشيعي هو من يساند غزة بعد تخلي دول الجوار        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    مناهضو التطبيع يحتجون أمام البرلمان تضامنا مع نساء فلسطين ولبنان ويواصلون التنديد بالإبادة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    إعطاء انطلاقة خدمات 5 مراكز صحية بجهة الداخلة وادي الذهب    إسدال الستار على الدورة الحادية عشرة لمهرجان "فيزا فور ميوزيك"        ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..        موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    الإعلام البريطاني يعتبر قرار الجنائية الدولية في حق نتنياهو وغالانت "غير مسبوق"    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    "كوب-29": الموافقة على 300 مليار دولار سنويا من التمويلات المناخية لفائدة البلدان النامية    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب        عمر حجيرة يترأس دورة المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بوجدة    الأرصاد: ارتفاع الحرارة إلى 33 درجة وهبات رياح تصل 85 كلم في الساعة    ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    قاضي التحقيق في طنجة يقرر ايداع 6 متهمين السجن على خلفية مقتل تلميذ قاصر    ترامب يستكمل تشكيلة حكومته باختيار بروك رولينز وزيرة للزراعة    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    الاحتفال بالذكرى السابعة والستين لانتفاضة قبائل ايت باعمران    كوب 29: رصد 300 مليار دولار لمواجهة التحديات المناخية في العالم    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    غوتيريش: اتفاق كوب29 يوفر "أساسا" يجب ترسيخه    دولة بنما تقطع علاقاتها مع جمهورية الوهم وانتصار جديد للدبلوماسية المغربية    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تسقط حكومة بنكيران في يوم واحد وبدون قلاقل؟؟
نشر في الشرق المغربية يوم 20 - 03 - 2016

هذا العنوان من نوع وجنس عناوين الكتب المنتشرة في أرصفة وسواري المدن الكبيرة بالمغرب ، من نوع كيف تصبح مليونيرا في خمسة ايام بدون رصيد ؟ او كيف تتعلم الانجليزية في خمس ساعات وبدون استاذ ؟ او كيف تصبح رئيسا للولايات المتحدة الامريكية بدون ان تكون امريكيا؟ وكان من الممكن ان اختار عنوان آخر لهذا المقال البسيط ويحمل خلاصة ما اود قوله على الشكل التالي : بنكيران واليوسفي في المسار والمصير بحال بحال ، لان الرجلين ولصدف ومكر التاريخ عانيا نفس المسار وسيلقيا نفس المصير ، وبدرجات مختلفة وباشكال متنوعة من تضييق وتعسف على حكومتيهما واستدرجا لمعارك مجتمعية خاسرة الهدف منها اعدامهم شعبيا قبل تأبينهم رسميا ، فاليوسفي استدرج لقمع الصحافة المستقلة ومنع الحقوقي المغربي العالمي اللامع حرية التعبير والرأي وسجنت الصحافة في عهده ، وهذه كانت هي الخطيئة الاولى لليوسفي ، والخطيئة الثانية قبوله وزراء من الاتحاديين ومن الاحزاب الاخرى كان هدفهم ايقاف اليوسفي وطموحه الاصلاحي عند حده وتشكيل حكومة داخل الحكومة . الخطيئة الثالثة لليوسفي انه فرط في النقابة وساهم في قتل ذراعه الاحتجاجي ؟، فعندما اراد اليوسفي الاحتجاج على الانقلاب على المنهجية الديموقراطية وجد الفوت فات كما يقول المغاربة . الحزب تمت تصفيته وقتله باغراقه بالاعيان والاتحاديين المستوردين والنقابة تم تشتيتها والشبيبة تم قمعها ، لذلك لم يبقى للميت بعد الممات الا تكريمه.
بالنسبة لبنكيران القضية مماثلة وان اختلفت السياقات السياسية والدستورية، السيد بنكيران ارتكب اخطاء سياسية كبيرة وان لم تكن بمثل اخطاء اليوسفي الثلاثة: قتل الحزب وتصفية الشبيبة وتشتييت النقابة ، السيد بنكيران تواطئ مع المخزن العميق لاغتيال حركة 20 فبراير، فكان الاغتيال بقبول اسماء في حكومته لا علاقة لها بالحراك وبافكاره وبفلسفة التغيير التي اوصلت رئيس الحكومة الى ما وصل اليه سياسيا. بنكيران كذلك استدرج لمعركة استنزافية ضد كل الطبقات الوازنة شعبيا في السياسة المغربية أي الفئات التي سبق لها ان صوتت لبنكيران وحزبه بل سكت هو ووزير عدله عن محاكمات النشطاء الفبرايريين وتلفيق التهم لبعضهم وتواطؤا ظلما مع قامعي الاساتذة المتدربين رغم انهم يعلمون ما لا نعلمه عن اصل وفصل اوامر القمع . الهدف اذا تحقق باستدراج بنكيران ليكون خصم الجميع ، خصم الفئات الشعبية التي صوتت عليه، فاقتراح المرسومين من طرف من اوحى لبنكيران ذلك، ضربة معلم وجهوها له وهم يعلمون علم اليقين ان عنجهيته وعزته بالاثم ستمنعه من الاعتراف بالخطأ المرتكب ، قبل ان يستنزف كليا في معركة خاسرة سياسية لحزبه ولشخصه. ، عزل القضاة وقضاة الراي كان الهدف منه احداث شرخ بين الجسم القضائي من قضاة ومحاميين وموثقين و بين العدالة والتنمية، لكن وزير العدل بعجرفته وخبايا اخرى لا نعلمها رضخ لهذا القمع المخزي لشخصة وتاريخه ووقع في خطأ تاريخي ، وخسر الدنيا والاخرة. حكومة بنكيران واجهت النقابات بل الاصح هو ان النقابات تم توحيدها وتناست خلافاتها بشكل سريع وغريب واتحدت ضد بنكيران وسياساته الاجتماعية الظالمة ، لكن الاصح اكثر هو ان القوى الماورائية"الجنون" التي استطاعت ان تجمع النقابات ضد بنكيران ، استطاعت ان تقنع النقابات بالتصعيد الدائم ضد بنكيران وتأليب الراي العام الوطني ضده، ونتمنى ان تستمر الوحدة النقابية مستقبلا، رغم ان ذلك صعب جدا ، فمن يستطيع ان يجمع الفاتحي بالعزوزي والاموي بموخاريق ، فهو قادر على فعل اي شئ في المغرب ، لان جمعهم اقرب من جمع الشياطين والملائكة في جحر واحد؟
حكومة العدالة والتنمية كانت اول حكومة شعبية في المغرب فرضتها موازين قوى مالت لصالح الشعب المغربي لمدة قصيرة، قبل ان تنتكس الامور محليا واقليميا ودوليا، لذلك كل محاولات اركاع الحكومة واسقاطها كان بهدف معاقبة الناخبين على اختياراتهم خصوصا وان حكومة العدالة والتنمية لم ترتكب ما ارتكبته الحكومات السابقة من نهب وسلب ، فلا فضيحة نجاة ولا تهريب للعملات ، كلما يغيض في بنكيران شعبيته الجارفة وربما نظافة يده وهذه من المحرمات الغير مقبولة في بلد يعيش حساسية من تنازع الشرعيات ، دليل ما اقوله ليس دفاعا عن العدالة والتنمية فهو حزب معظم قادته جاهلون للتاريخ ولا يقرؤون الاحداث التاريخية وفهمهم للامور بسيط جدا وساذج احيانا ، والا لما وقعوا فيما وقع فيه اليوسفي ، اي الاستكانة والهوان ،فالرحيل المذل. منتهى غاية رئيسهم هو كسب رضى الملك وعطفه ،رغم ان ذلك ربما يكون تملقا وتقية فقط ، فالذي يحب ملكه وشعبه هو الذي يستطيع ان ينقل بلاده نحو الدمقرطة والتقدم الصناعي ونحو العلمنة السياسية والفكرية التي بنت اوطانا كانت مثلنا تخلفا الى الامس البعيد والقريب ، فالملك محمد السادس بشهادة الجميع في الداخل والخارج ، ملك حداثي ديموقراطي، ربما هو الآخر يعاني من اسر المخزن العميق، فطموحاته هي في بناء مغرب متقدم يفتخر به لدى الامم، وليس مغرب يقبع في اسفل الدرجات من التنمية البشرية والاقتصادية .
المفارقة الكبرى اليوم هو ان المعارضين الاشداء اليوم في الساحة السياسية المغربية للعدالة والتنمية، لا يستطيعون ان يتبنوا العلمانية وهي شرط ضروري للقطع مع استغلال الدين في السياسة وشرط مؤسس للاقلاع الاقتصادي والاجتماعي والعلمي . اذا كنتم تعارضون العدالة والتنمية لانه حزب اسلامي يستغل الدين في السياسة ،فالشعب المغربي لن يخذلكم بعدما يختبر نواياكم وممارساتكم في الميدان، في الجماعات المحلية في المؤسسات العمومية التي تديرونها وان تكشفوا مصادر ثرواتكم للمواطنين ، ولكن ان تعلنوا كذلك عن علمانيتكم وعن خططكم لفصل الدين عن الدولة ،عندما تصلون الى الحكم، وعن مشروعكم الاقتصادي البديل ، لكن يبدو انكم تريدون فقط ان تصلوا الى الحكم والوسائل لايهم كيف ستكون، ومن بعد ذلك تتصالحون مع جهلنا المقدس وتحافظون على البنيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المتخلفة مادامت تأبد الاستغلال وتعطيكم الخيرات .
المعركة ضد بنكيران ابتدأت اولا مع اخراج لشكر من الحكومة قبل تأليفها ، فالمكان الطبيعي لحزب القوات الشعبية هو الاصطفاف الى جانب بنكيران وحزبه حسب القانون الاساسي للحزب الذي ينادي بالاصطفاف الى جانب الطبقات والفئات الشعبية لكن ربما اغلب الاتحاديين اليوم ليسوا اتحاديين اصلاء ، و لم يقرأوا حتى قانونهم الاساسي ،ولكن القوة التي همست ليلا للرفيق ادريس لشكر برفض الدخول الى هذه الحكومة -وهو الذي اختار ان يكون وزيرا لاشهر قليلة وبحقيبة لا تليق بحزب القوات الشعبية لدى عباس الفاسي- وقبل ان تهمس في اذنه، ساعدته قبل ذلك في الوصول الى قيادة حزب القوات الشعبية باصوات الاعيان والمرتشيين.
المعركة الثانية هو صنع شباط كأمين عام لحزب الاستقلال ثم من بعد ذلك اخراجه من الحكومة قبل التخلص منه في الانتخابات الجهوية ، والهدف طبعا ليس تقوية شباط او حزبه ، انما اضعاف بنكيران ليسهل مضغه وان يتنازل طوعا عن اختصاصاته ويستكمل مشروعه التصفوي لحركة 20 فبراير ويقدم استقالة طوعية بعدما سدت امامه الابواب داخليا وخارجيا . وشباط نفسه اعترف لاول مرة في حياته(ربما اول مرة) بالحقيقة عندما قال ردا على بنكيران :الذين اخرجوني من الحكومة هم الذي ادخلوك اليها . والصحيح كذلك تتمة للجملة ان الذين اخرجوه من الحكومة هم الذين ادخلوا الاحرار اليها ،رئيس الاحرار الذي يقول في هذه الايام في تصريح مهم وتاريخي ان الإسلاميين صنعوا في الجامعات من اجل وقف المد اليساري في نقد جذري قاعدي مفاجئ لرئيس الديبلوماسية المغربية للاسلاميين .هذا التصريح فيه جزء من الصحة ولكن الجزء الاخر من الحقيقة هو، ان يقول السيد مزوار ان حزب الاحرار كذلك وجد لوقف مسيرة اليسار وطموحاته وافكاره في السبعينات والثمانينات .فكلاهما، الاسلاميون والاحرار ، سبب وجودهم لم يكن طبيعيا ،انما الهدف كان ولا يزال هو وقف المسار الديموقراطي الحقيقي للبلادفي فترة من الفترات .
الهدف الاساسي للمعركتين الأوليتين هو ابعاد الاسلاميين عن "الكتلة الديموقراطية " اي عن الاحزاب التاريخية وابعاد احزاب الكتلة الديموقراطية عن حزب العدالة والتنمية .الهدف النهائي هو ترسيم العداوة بين الاحزاب التي تملك رصيدا شعبيا حقيقيا فيما بينها ليموت الجميع في النهاية في المعارك البينية وتسجل حياة جديدة للاحزاب المصنعة مخبريا وهي معروفة في تاريخ المغرب. .

المعركة الثالثة او الخطيئة الكبرى لبنكيران ، القبول بدخول حزب احمد عصمان للحكومة . بنكيران في هذه الصيغة الثانية للحكومة لم يعد هدفه الاصلاح او التنمية ومحاربة الفساد والاستبداد كما وعد بذلك الناخبين في الحملة الانتخابية. انما "النضال " فقط والاستماتة من اجل بقاء الحكومة مستقرة ومستمرة وهو رئيسها ولو على انقاض المبدئ والقيم ،اي ان بنكيران في هذه اللحظة التاريخية اصبح اسير المنصب وضعف امام اغراءاته ، فاختار الاحرار ليبقى اسيرا ، ومتى كان الاحرار احرارا يا بنكيران ؟.

سبب اختيار هذا العنوان هو كثرة الراغبين اليوم عن حق او عن غيره في اسقاط حكومة العدالة والتنمية ، فالعنوان هو تاكيد على ان اسقاط حكومة العدالة والتنمية في يوم واحد وبدون قلاقل او مشاكل ، امر ممكن وفي يوم واحد فقط، اي يوم الاقتراع العام ل 7 اكتوبر 2016 وما عدا هذا اليوم فلا الاساتذة المتدربين ولا القضاة المعزولين ولا الفقراء المقهورين بالغلاء والمضاربات ولا الفلاحين المضطهدين بالقحط وديون الابناك وغلاء الاعلاف وسوء توزيعها، ولا الاحزاب السياسية المتربصة بالحكم قادرة على اسقاط العدالة والتنمية وحزب الاسلاميين المغاربة اليوم ، لان المغاربة لم يعودوا يثقون كثيرا في الصراعات السياسية والتصريحات الما قبل الانتخابات ولم تعد تؤثر في تصويتهم الانتخابي ، فلا يتوهمن احد ان الاسقاط يكون بطرد رئيس الحكومة من هذا اللقاء او وزيره الفلاني في لقاء آخر او الضغط على نوابه او اسقاط الحسابات الادارية للجماعات والبلديات التي يترأسها الحزب الاسلامي الاغلبي. الذي سيسقط الحكومة هو المشاركة المكثفة والواعية للمواطنين والمواطنات المغاربة في الانتخابات التشريعية المقبلة وان يستطيع منتقدو العدالة والتنمية ان يقدموا نماذج من المرشحين يمكن للمواطنين والمواطنين التصويت عليهم . الذي يقع اليوم هو ان معظم الاحزاب المعارضة للحكومة تقدم المرتزقة والخونة والسماسرة وعديمي الضمير وتفرض بالاموال التصويت عليهم وفي هذه الحالة يختار المواطن البسيط العدالة والتنمية او المقاطعة او اخذ الفلوس والتصويت على الجميع اي احتساب صوته صوتا ملغيا ، ومادامت العدالة والتنمية هي الحزب الاكثر تنظيما والاكثر انضباطا ،فكلا السيناريوهات الثلاث ينفعها ، لذلك الكرة في ملعب المعارضة وفي ترشيحاتها، ولكن الذي تعود على المنشطات لا يمكن ان يربح بدونها في المسابقات . هذا بالنسبة للعنوان ، اما بالنسبة لهدفي من هذا المقال فهو تأكيد ثلاثة امور رئيسية واساسية اراها برؤيتي المتواضعة ،كملاحظ فقط لما يحدث من تطاحن سياسي بين العدالة والتنمية من جهة، ومن جهة اخرى تحالف عريض من الاطياف والالوان والتيارات والقوى التي لها مصلحة او هيئ لها ذلك في اسقاط حكومة العدالة والتنمية .
الامر الاول :حكومة العدالة والتنمية حكومة فاشلة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، هذا ما اكدته التقارير الوطنية والدولية لمؤسسات ذات الاختصاص في تقييم السياسات العمومية وبينت ذلك في مقالات عديدة ولا تحتاج الى بيان ، وعبد الاله بنكيران يعلم في قرارة نفسه انه فشل في ايقاف الفساد المستشري في ثنايا الادارة المغربية و الذي تغلغل في البر والبحر ، بنكيران نفسه يعترف في فشله في التعليم والتشغيل وفي اشياء كثيرة يعلمها، لكن عباس الفاسي والاخرون السابقون ، كذلك فشلوا في نفس الامور ولم يتم التآمر على حكومتهم بكل هذا الاصرار وباستعمال جميع الوسائل ، ولم يتم التحقيق معهم في نهبهم للاموال العمومية ولاموال المعطلين المنهوبة من طرفهم في قضية النجاة على سبيل المثال ، ولا سئل من هدر وتصرف في اموال السياش والصفقات العمومية المشبوهة لقطاعات مهمة في وزارات يتحملون مسؤولية تسييرها سابقا . فلماذا حكومة بنكيران بالضبط ؟ .
ان بنكيران يؤدي ضريبة تخليه عن حركة 20 فبراير وعن جهله العميق لتاريخ المغرب ولمتطلبات الانتقال الديموقراطي ومن هذه المتطلبات الرئيسية ، ان يستطيع ان يضرب الطاولة عندما يجب ولكن لانه فضل استقرار حكومته على الاصلاح وعلى الاستقالة ،فقد خذل نفسه وخذل معه التجربة "الديموقراطية" الوليدة في المغرب وسيؤدي الثمن غاليا هو وحزبه.
الامر الثاني : بنكيران كان من الممكن ان يلعب دورا حقيقيا في دمقرطة وتحديث المغرب لكن سياسته البسيطة المبنية على التصريحات المدغدغة للعواطف وتنازلاته المفرطة في صلاحياته وأدواره الدستورية وخنوعه وثقافته السياسية النظرية البسيطة فوتت عليه وعلى المغاربة فرصة التقدم خطوات الى الامام .هذا لا يعني ان الهجوم الكبير الذي تعرض له بنكيران ، ليس ممنهجا او من السهل الانتصار عليه، فجميع المعارك والاستدراجات الكبرى التي تعرض لها بنكيران ، كان الهدف منها هو اسقاطه او على الاقل اضعافه ليسهل مضغه وبلعه في المستقبل ، ولكن بنكيران والاسلاميين المغاربة يستفيدون من فراغ الساحة وغياب المعارضة الشعبية الحقيقية وفساد القيم السياسية لدى البدائل المفترضين ، بنكيران وحزبه ليسوا اقوياء ولكن معارضوه ضعفاء .
الامر الثالث : الدول المحيطة بنا والبعيدة عنا شمالا وشرقا تريد ان ينتهي كابوس العدالة والتنمية بالمغرب بشكل سريع ، هذا الحلم المزعج الذي يعطي للاخوان المسلمين بارقة امل في العالم ويهدد النظم الخليجية المرعوبة من الإسلاميين ،- رغم ان بنكيران يتنكر لاصوله الاخوانية كما يتنكر لحركة 20 فبراير - لان المغرب هو البلد الوحيد الذي نجح فيه الاسلاميون وبقوا في الحكومة حتى لا نقول الحكم -وتركيا ليست نموذجا مادامت تركيا بلد علماني ، والعلمانية فيها مدسترة ومطبقة- . وربما يرهن البعض مساعداته السخية للمغرب بذهاب العدالة والتنمية كما حدث مع مصر و مع دول اخرى ،اذ سرعان اما نهالت عليهم المليارات من الدولارات بعد الانقلاب على الاخوان . وليس من المستبعد ان يكون الخوف من سيطرة الاخوان المسلمين على الحكم في سوريا ما بعد بشار ، هو ما يعطل الحل في سوريا .لكن الفرق بين ضغوطات الشمال والشرق لاقصاء الاسلاميين، هو ان الشمال يريد اقصاء الإسلاميين بطريقة ديموقراطية سلسة عن طريق التصويت العقابي ضدهم ،اما الشرق فيفرض اقتلاع الإسلاميين وبأي الطرق ، القمع الناعم مقابل الاعدام .
وختاما في اطار الحرب المفتوحة على تجربة الإسلاميين المغاربة ،فثمة اصوات معارضة كثيرة فتحت لهم الابواب للتحرك والنضال وسمح للبعض بالتطاول ونسف اجتماعات رئيس الحكومة ولكن ، هذا التساهل في الحريات العامة والخاصة وفي التجمعات والسكوت عن الاضرابات العامة نتمناه ان يكون طويلا ومستداما .لكن مؤشرات ما يحدث في الاعماق لا يؤكد ان دولتنا اصبحت ديموقراطية اوروبية بضربة سحرية ،يرمى قادتها بالطماطم فيكون ذلك عاديا ،انما ما يجب ان نعلمه جميعا والتاريخ سيكشف ذلك قريبا، ان الصراع ضد العدالة والتنمية في المرحلة الراهنة ولحسابات ظرفية مضبوطة ، فتح الباب امام المناضلين وامام غيرهم لسب وشتم الحكومة وهذا حقهم بطبيعة الحال ، ولكن الاقتناع بحقوق المواطنين والمواطنات من طرف الماسكين بزمام امورنا ليس اقتناعا استراتيجيا، انما تراجع تكتيكي عن القبضة الامنية ، لفسح الطريق امام جميع الحركات والتنظيمات والتيارات المعارضة للإسلاميين لضربهم وتصفيتهم واضعافهم شعبيا ، قبل ان تعود المياه الى مجاريها الاولى ويصفى جميع الخيرين والمناضلين المخلصين ويعود القمع والامن والضبط الاجتماعي والاقصاء السياسي وتستمر المعركة السياسية الى ان يبني الشعب وقواه الخيرة بدائل سياسية مستلهمة من التجارب الديموقراطية الحقيقية وليست المزيفة .فلا ينخدعن احدكم بان النضال ضد الحكومة اليوم يكفي لبناء الديموقراطية. فالديموقراطية بناء قاعدي معمد بالتضحيات والنكسات ، واوروبا كنموذج جدير بالتقليد ، لم تبني بلدانها الا بالعلمانية والعلم وحقوق الانسان .
انغير بوبكر
باحث في العلاقات الدولية
المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.