المغرب العربي على صفيح ساخن مطالب اجتماعية أو ثورة الخبز الحافي . كانت بداية الشرارة . الأولى من مدينة العيون , ثم الجزائر وسيدي بوزيد بتونس,الفرق الوحيد بين تلك الاحتجاجات أن الضحايا كانوا في مدينة العيون من رجال الأمن.وكانت مفاجئة لكل المتتبعين حتى أولئك الذين كذبوا الرواية الرسمية للإحداث بحيث لأول مرة يسقط هذا العدد من الضحايا في صفوف الأجهزة الأمنيةأما في الجزائروتونس فقُتل المحتجون بالرصاص الحي , ودائما حجة الأنظمة المغاربية أن هناك أطرافا خارجية تحاول زعزعة الاستقرار الداخلي ونشر الفتنة وكأن هذه الأطراف الخارجية استهدفت المغرب والجزائر و تونس دفعة واحدة . مبررات واهية لتغطية الشمس بالغربال فالشعوب المغاربية تعيش تحت عتبة الفقر واستحواذ فئات قليلة على خيرات الأوطان المغاربية, وانتشار اقتصاد الريع والامتيازات التي لاتعد ولاتحصى التي تمنح للطبقات الغنية على حساب الفئات الشعبية المحرومة من كل شيء والتي ترضى دائما بلا شيء. فحقوق الطبقات الشعبية في التعليم الجيد والصحة والشغل والعيش الكريم تداس صباح مساء, الشيء الذي دفع الشباب إلى ركوب قوارب الموت والمثل يقول "حتى كلب مايهرب من دار العرس" .وجعل آخرين يخرجون إلى الشوارع يحرقون ويدمرون كل ما يصادفهم انتقاما وسُخطا على الأوضاع المزرية والإحباط واليأس. أما الذين يتبعون سياسة "جوٌع كلبك يتبعك" فحذاري ثم حذاري قد يجوع هذا الكلب أكثر من اللازم فيأكل صاحبه, فقوة الشعوب لن توقفها الجيوش والدبابات والقمع وإنما بالإصلاحات السياسية والدستورية اعتمادا على مبادئ العدل والحق والمساواة يستتب الأمن والطمأنينة وتسترجع الشعوب الثقة في حكامها . فهل هذه الاحتجاجات في بلدان المغرب العربي هي بداية ثورات اجتماعية تغيير من واقع الحال الذي تعيشه الشعوب؟ كل إرهاصات وأسباب ومسببات الثورات الاجتماعية عبر التاريخ تتوافر الآن . فعلى سبيل المثال كانت أسباب الثورة الفرنسية عام1789: إجتماعيا: وجود طبقات تستفيد من الامتيازات الاقتصادية والسلطوية والسياسية وطبقات كادحة تعاني من ثقل الضرائب والقيام بأعمال تصب في مصلحة الطبقات الأولى. إقتصاديا: أزمة اقتصادية خانقة سببها توالي سنوات عجاف على الميدان الفلاحي أثرت في الإنتاج وانتشرت المجاعة وتحول الفلاحون إلى قطاع طرق. سياسيا: احتكار السُلط وترويج فكرة الحق الإلهي أي أن الحاكم يستمد سلطته من الله وبالتالي فطاعته واجبة على كل المواطنين. الآن نفس الواقع نفس الأسباب مع فارق وحيد هو أننا نعيش في الألفية الثالثة مع كائنات بعقلية العصور الوسطى فهل تواكب هذه العقليات ما يجري عبر العالم وخاصة في فرنسا في ميدان الديمقراطية وحقوق الإنسان أم هي في حاجة إلى إعادة التاريخ بحذافيره. عبد الغاني مهدي