عبّر جميع أعضاء المجلس الجهوي للجهة الشرقية خلال دورته العادية لشهر يناير 2011، عن استيائهم العميق وامتعاضهم الكبير لما آلت إليه أوضاع الفلاحين ومربي الماشية بهذه الجهة التي تعاني من الجفاف وضعف البنية التحتية والتهميش والفقر واعتبروها منطقة منكوبة تتطلب تدخلا عاجلا من طرف الدولة ومن مجلس الجهة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وتساءل أول عضو متدخل عن مدى كفاءة إدارة المجلس التي ستلج البناية الرائعة التي تم تشييدها مقرا المجلس الجهة وإذا كانت في مستواه، مطالبا في ذات الوقت علي بلحاج رئيس المجلس بالتعامل مع جميع مكونات المجلس الذي يتشكل من 85 مستشارا بحكم أن المغرب يسير في دعم سياسة الجهوية. ومباشرة بعد افتتاح الدورة العادية التي تم عقدها صباح يوم الاثنين 31 يناير 2011، وترأسها علي بلحاج رئيس المجلس إلى جانب عبدالفتاح الهمام والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة/أنجاد وعامل إقليم جرادة وعامل إقليمبركان وممثلين عن الأقاليم الأخرى وبعض رؤساء المصالح المعنية إضافة إلى أعضاء المجلس الجهوي للجهة الشرقية، مباشرة بعد الافتتاح ، تم الشروع في مناقشة النقطة الخامسة من جدول الأعمال، نظرا لأهميتها القصوى والمستعجلة، والمتعلقة ب "الموافقة على رفع ملتمس للحكومة حول آثار ظاهرة الجفاف بالجهة الشرقية"، وهي النقطة التي سجلت ملاحظات قوية وغاضبة، قبل المرور إلى الدراسة والمصادقة على عرض محضر الدورة العادية لشهر شتنبر الماضي، وعلى الحساب الإداري لسنة 2010، وبرمجة فائض الميزانية الفعلي برسم نفس السنة قدره حوالي 21.7 مليون درهم من مجموع مداخيل المجلس برسم السنة المالية التي بلغت حوالي 83.6 مليون درهم، طالب مستشارو الجهة بتوزيعه (الفائض) بطريقة عادلة على الجماعات القروية الفقيرة بالجهة الشرقية. وكانت تدخلات جميع المستشارين تحمل في طياتها تخوفات كبيرة وقلقا على مستقبل المناطق القروية والإحساس بالتهميش والإقصاء وتساءلوا عن تضمين المجلس لجدول الأعمال النقطة الخامسة "رفع ملتمس" حول هذه الظاهرة في الوقت الذي كان على رئاسة المجلس دعوتهم إلى إعطائهم حلولا بحكم أن وضعية آثار الجفاف تمت مناقشتها في اللجان، وأكدوا على أن ظاهرة الجفاف أصبحت واقعا بنيويا في الجهة الشرقية، وخطيرة خاصة في أقاليم فكيك وجرادة وتاوريرت، وتتطلب تدخلا عاجلا ومتواصلا عبر إنجاز برنامج استعجالي لحلّ مشاكل الماء وإجراءات ميدانية وفعالة للحدّ من الأزمة الناتجة عن هذه الوضعية، واعتبروا أن سنة ممطرة هي الاستثناء، مشيرين في ذات الوقت إلى ضرورة تجاوز الحديث المتكرر في كلّ دورة عن "ظاهرة الجفاف" الذي أصبح واقعا معاشا وملازما لمناطق الجهة الشرقية. وذكر المتدخلون بمرارة بواقع الفلاحين ومربي الماشية ومعاناتهم في ظل غياب أي دعم ومساعدة إلى القليل من وزارة الفلاحة، حيث تمت الإشارة إلى أن قطان الجهة الشرقية يقدر عدد رؤوسها بنحو مليونين و953 ألف و500 رأس (14 في المائة من القطيع الوطني)، يأتي على رأس القائمة قطيع الأغنام ب2.3 مليون رأس، تليها الماعز بما مجموعه 564 ألف رأس، والأبقار ب 89 ألف و500 رأس، وتتطلب مصاريف أعلاف بحوالي 31 مليار سنتيم سنويا نساهم الدولة فيها ب1.5 مليار سنتيم. وأكدوا كلّهم بغضب أنه إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه وهي تسير إلى الأسوأ، ستشهد المنطقة ظاهرة الهجرة القروية والفلاحون عن أراضيهم والكسابون عن تربية المواشي ويلتحقون بالمدن لإقامة أحياء هامشية ومزاحمة ساكنتها. وحث أعضاء المجلس على وضع إستراتيجية استعجالية جهوية بهدف الحدّ من آثار الجفاف بمساعدة الفلاحين ومربي الماشية ودعمهم من أجل شدّهم إلى أنشطتهم، وإنجاز مشاريع تنموية وتنظيم لقاءات بالجماعات المتضررة والفقيرة بحضور مسؤولين من جميع القطاعات المعنية لمناقشة مشاكل ساكنة العلم القروي وانتظاراتها والعلم على الاستجابة إليها.