بعد أن وقعت الواقعة فى تونس سارع رجال الحاشية فى مصر بتكذيب كل الأخبار والتعليقات والتحليلات التى أكدت أن ما حدث لديكتاتور تونس قد هز عرش مصر .وأراد الله أن يفضحهم فاتفق أن مواطنا مصريا بسيطا قرر إحراق نفسه أمام مقر مجلس الشعب المصرى الذى نجح 95% من أعضائه بطرق أقل ما توصف به أنها غير مشروعة، ليفاجأ الشعب أن حكومته فجأة - ولأول مرة فى تاريخها- تقف على قدم وساق بسبب مواطن مصرى ، ليس أمريكيا ولا إسرائيليا ولا بريطانيا بل مصرى ، ونفاجأ بالرئيس الأبدى لمجلس الشعب فتحى بك سرور يرسل مندوبا إلى مستشفى المنيرة حيث يرقد المواطن المحترق وذلك لأن البك رأى أن إحراق المواطن لنفسه أمام مجلس الشعب كان استغاثة بالمجلس وهو ما يستدعى هبة للوقوف جوار المواطن !!! وإن كانت الحاشية نسَاءه فإن الشعوب أبدا لا تنسى مهما صمتت ومهما صبرت . لم ينس المصريون بعد عشرات العمال الذين عسكروا لأسابيع طوال منذ عام أمام المجلس – اعتقادا منهم بأنه مجلسهم- وطالت إقامة المحتجين وأسرهم فى الشارع فلا اهتز المجلس ولا انتفض رئيسه ولا سألهم نائب واحد من نواب الحزب الحاكم عما يؤلمهم . كان المحتجون يصرخون فى الشارع : - بلادى بلادى بلادى .. أنا مش لاقى قوت ولادى لماذا لم يرق قلب سرور لمرأى أطفال فى عمر الزهور يبيتون فى عراء البرد القارص ونساء تكشفت عوراتهن أمام المجلس عسى أن يرحم النواب أعراضهن المنتهكة فى شارع الاحتجاج ؟ وأين كان البيه وزير الصحة الذى هرول إلى مستشفى المنيرة بالأمس ومستشفيات الحكومة صارت مرتعا لعزرائيل تورد له المواطنين موتى وأين كان ضميره وهو يطبخ قانون التأمين الصحى الجديد ليحرم الفقراء من حقهم فى العلاج وكأنه ليس من حق الفقير أن يمرض؟ بل أين كانوا وأين كانت ضمائرهم عندما انتحر عبد الحميد شتا وعندما نحر خالد سعيد؟ ولكن هكذا هو حال كل الأنظمة الديكتاتورية تخاف متختشيش فمتى تفهم الشعوب المقهورة الرسالة فتؤدى الأمانة ؟