إن ما حدث فى الكويت يوم الخميس الموافق 9 ديسمبر 2010 لم يكن اعتداءا همجيا من كلاب الحراسة – الأمن- الكويتية على نواب المجلس التشريعى فحسب بل كان اعتداءا وحشيا على كل قيم المدنية وعلى تراث البشرية الحضارى منذ أن عرفت الكتابة ، وهى جريمة لا تقل بحال من الأحوال عن إحراق مكتبة الإسكندرية أو إغراق كتب بغداد فى النهر على يد المغول أو قتل الفيلسوفة السكندرية هيباتيا على يد رهبان حل الكره محل الإنجيل فى قلوبهم .. والمشهد الذى رأيته ورآه الملايين حول الكرة الأرضية آلمنى بقدر ما آلمتنى صور التعذيب فى جوانتانامو وسجن أبى غريب والأكثر إيلاما من مشهد النواب وهم يتدافعون أمام هراوات العسكر الكويتى هو تصريح وزير العسكر فى الكويت عندما أعلن بوقاحة -لا تقل عن وقاحة نيرون وهو يعزف على قيثارته منتشيا بحريق روما - أن ما حدث للنواب على يد العسكر كان تصرفا قانونيا !!!!!!!!! ترى عن أى قانون يتحدث الوزير ؟ أهو قانون *** ونيا ؟ أم قانون شريعة الغاب ؟ أم تراه يحدثنا عن القوانين التى كانت تطبقها محاكم التفتيش فى القرون الوسطى ؟ وهل للهمج قوانين تحكمهم ؟ ولكن يبدو أن معالى الوزير الكويتى لم يسمع بشريعة حامورابى ولا بروح القوانين لمونتسكيو ولم يقرأ – إن كان يعرف القراءة ولا أظن أنه يعرفها – عن الماجنا كارتا ولا عن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان. لقد كان النواب المحترمون يعدون لجلسة مساءلة لرئيس الوزراء الكويتى وهو حقهم بل واجبهم فلهذا خلقت المجالس التشريعية : التشريع ومراقبة السلطة التنفيذية ، ولكن الواجبات والحقوق فى عالمنا العربى ليست ثابته ولا معلنة بل خاضعة دائما وأبدا لأهواء وتقلبات الأنظمة الشمولية التى اتخذت لنفسها كلابا من البشر تسميهم مجازا بأفراد الأمن والحقيقة أنهم لا يهتمون بأمن الشعوب ولا بتأمين الأوطان بل كانت هذه الكلاب – الذين شبهتهم فى مقال كتبته قبل نحو ثلاثة سنوات بجن سليمان الذين ظلوا يخدمونه حتى بعد أن مات - مهتمة ومهمومة بحماية الحاكم وتثبيت الحاكم بل وتضليل الحاكم أحيانا لكى لا تصل له حقائق الأمور فى بلاد يحكمها فلا يسمع إلا صوته وأحيانا يسمعونه صدى صوته -على سبيل التغيير كى لا يمل- لم أسمع يوما بأن الشرطة قد اقتحمت البرلمان البريطانى لضرب النواب ولم أسمع أن البوليس الأمريكى سحل سيناتور فى الشارع أو اقتحم ندوة يعقدها أعضاء فى مجلس الشيوخ .. فقط فى عالمنا العربى المنكوب نسمع تلك الأساطير الوحشية بل ونراها رأى العين ، فقط فى عالمنا العربى المنكوب يزورون الانتخابات البرلمانية ويقصون المعارضة ويكممون الأفواه ويسحلون النواب فى الشوارع ويضعون قوائم سوداء بأسماء الشرفاء منهم ومن تابع المهازل الانمتخابية الأخيرة فى العراق ومصر والأردن سيتأكد أن الله قد خلق البهائم قبل أن يخلق الحكام العرب وعساكرهم بألف عام على الأقل ومن رأى ما حدث للنواب الكويتيين سيتأكد أن المسافة بين الوطن العربى وبين الحضارة والحرية لا تقل عن ألف عام أخرى تحتاج لقطعها إلى آلة زمن تفوق سرعتها سرعة الضوء .