عندما تغني للبلاد .. سيأتي من يقول لك: صوتك نشاز. وربما يأتي من يقول بريبة: لحنك مشبوه. ومن المحتمل أن يأتي صوت ثالث ليقول: “ابلع لسانك” ! (1) القارئ أصابه الملل من مواضيع الفساد والأخطاء القاتلة والإهمال وكل ما يتعلق بالشأن المحلي. أحدهم أرسل لي مُهدداً بأنه سيتركني ولن يعود لقراءتي لأنني أسبب له إحباطاً مضاعفا .. ويُطالبني بأن أكتب عن ( الدنيا ربيع / والجو بديع / قفّل لي على كل المواضيع ) .. وأنا بصراحة لا أريد أن أفقد أي قارئ في أي مكان. ولكن .. ماذا أفعل؟ أردت أن أغني له ( الدنيا ربيع ) فتلفّت حولي وإذا أنا مُحاصر بالقحط.. و “الشبوك”، والماشية يهددها الجوع، و “التبن” بخمسين ريالاً! أردت أن أغني له ( لنا الله ... ) وبدلاً من أن أكملها ب ( .. يا خالي من الشوق ) تحولت إلى ( لنا الله يا خالي من الكلسترول ).. إلى أن انتهت بهذا الشكل ( لنا الله .. يا وزارة الصحة ) ! حتى الست أم كلثوم أتخيلها تغني بهذا الشكل: ( بترومين .. اللي أنت جاي تقول عليه / أنت عارف قبله يعني الاستثمار أيه؟! ) ثم تقفز إلى رأسي المشاغب أغنيات من نوعية: ( يا حبيبي لا تسافر / في قطارات المشاعر ) و ( “صفرا” هواكم في ضميري تحكّم / يا “غاز” قلبي يا ربيع المواني يا مل قلبي لا مشى ثم نسّم / ما فيه بنشر غير “مرمر زماني” !) و ( واقف على بابكم / ولهان .. ومفلس ....... ) .. وضع في الفراغ ما يخطر على بالك من عبارات الاستجداء المكتوبة في أي معروض! (2) .. ولا أدري أين يكمن الخلل : هل هو في الأذن الموسيقية للقارئ، والتي اعتادت على الغناء الهابط، الذي يُكرّس لها يوميا، وعبر عشرات المحطات والقنوات؟ أم أن الخلل في “السلم الموسيقي” نفسه ؟! أم أنه في المايسترو وعصاه الصغيرة ؟! أم أن الوضع كله نشاز في نشاز ولا يقبل سوى الغناء الهابط.. والأداء الهابط ؟! الأكيد أن المسرح فوضى، وأن الأغنية التي تتسيّد المشهد الغنائي العربي الآن هي “بحبك يا حمار” ! (3) عزيزي القارئ الممتعض / المُحبط / القرفان: هل تريدني أن أغني لك ؟.. أم أغني عليك ؟! قبل أن تُجيب .. لا تنس أنك جزء من هذا “الكورال” الكبير !