ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدق أو لا تصدق نحن نتقدم
نشر في الشرق المغربية يوم 01 - 08 - 2010

نحن الذين دائما تصنفنا المعايير الدولية في المراتب الأخيرة وفي مجالات كثيرة ،وخاصة من حيث
النمو الاقتصادي والثقافي ، والاجتماعي ، وأصبحنا نؤمن بها ونقبل بجميع الدراسات حول بلادنا الآتية من المنظمات الغربية بدون تقييم موضوعي لها ، كما نقبل بجميع ما يقال بمبالغة كبيرة حتى ما يمس عرض نساء هذا الوطن ، وما تنشره الجرائد الوطنية في هذا المجال ، وبصور خليعة بدون استحياء مع العلم أنها توجد في أي بلد من بلدان العالم ، مسلم وغير مسلم ، فقط ربما بهدف المزيد من المبيعات على ما يبدو ، أو بنية التشويه بهذا الوطن ، وكأن هذا موجود فقط في هذه البلاد ، والواقع أنه مهما اتصفت هذه المعايير والدراسات بالجدية فهي عموما مبنية على نسب مأوية غير علمية ، لأنها وُضعت من طرف أشخاص أجانب أو مواطنين اعتمدوا على معطيات إحصائية قابلة للخطأ ، ومع ذلك نحن لا نرفض تقييم الآخرين لنا بالجملة ، لكن من حقنا تقييمهم ونقدهم، وإنصاف دولتنا ، وبالتالي من حقنا وضع معايير قارة واضحة نُصدر من خلالها أحكاما على بلادنا فقط ، حتى لا نسقِط معاييرنا على غيرنا ونَسقط فيما سَقط فيه غيرنا ، ولأن لكل بلد خصوصياته .
ولكن قبل ذلك لا بد من الحديث عن بعض المؤشرات والمعايير التي صنفتنا ، وهل هي على صواب ومدى قناعتنا بها ، وهل لا تزال لها الموضوعية ، أو لها أهمية التصنيف والترتيب ، باعتبار أن هناك مؤشرات كثيرة تُعتمَد في هذا المجال ، بدءا من مؤشر التنمية الاقتصادية التي تنتهجه الدول الديمقراطية أوالسائرة في طريق النمو وغيرهما على حد سواء ، لتبين لمواطنيها المجهودات التي تبذل من طرف أطرها في مختلف القطاعات والمجالات ، ولتقدمها كبرهان على جدية عملها أثناء الحملات الانتخابية .
إن قياس النمو الاقتصادي الذي يعبر عنه عادة من خلال النمو في الناتج الداخلي الإجمالي ، فيه اختلالات ، ذلك أن
الثقة الكبيرة في هذا المؤشر هو الذي أوصل العالم إلى الأزمة الحالية ، حيث أن الأرباح التي حققتها الشركات الكبرى كانت تُظهر أن هناك نموا اقتصاديا إيجابيا ، وهو في الواقع كان فخا كما يقول الاقتصاديون ، جر معه الاقتصاد العالمي إلى الأزمة الحالية - بعد الأزمة الكبرى - ، وهذا ما يثير التساؤل عن مدى مصداقية مؤشر الناتج المحلي الإجمالي كمقياس للتقدم الاقتصادي في الدولة ، ثم أن هذا المؤشر فهو يغفل مثلا ظاهرة الاقتصاد الخفي ، أو ما يسمى كذلك باقتصاد الظل، الذي اتسع انتشاره ولم يقتصر على المغرب ، فهو نافع لفئة عريضة من السكان رغم أنه اقتصاد غير رسمي أي لا يخضع لرقابة الحكومة . وهذا ما دفع بعض الاقتصاديين مثل جوزيف ستيجليتز ، ومارتين سينق... إلى الدعوة إلى تبني مفهوم جديد لقياس الأداء الاقتصادي للدولة ، ويفكرون في مؤشرات جديدة للنمو تتجاوز الجوانب المالية إلى الجوانب الإنسانية .
لذلك ألا يحق لنا أن نقول إن الجوانب الإنسانية موجودة عندنا منذ أن هل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي واضحة في تشريعاتنا الإسلامية ، وفي الاقتصاد الإسلامي .
وداخل هذا المجال يُعتمد الدخل الفردي ، كمؤشر آخر للتمييز وترتيب الدولة من حيث ارتفاع الدخل أو انخفاضه فإذا اعتبرنا هذا المؤشر كمقياس وكما أريد له واضعوه ، أي معرفة مستوى المعيشة لأفراد الدولة ، أو دلالة على المستوى الاقتصادي للأسرة ، فالمواطن المغربي لا ينفق على غذائه أكثر ماينفق على التجهيزات المنزلية ، وعلى الادخار لبناء المسكن ولمدة طويلة ، ومنهم من يُبذر وبسخاء في مناسبات معينة ، ما يستهلكه المواطن النرويجي الأكبر دخلا في العالم في ظرف سنة ، بل المواطن المغربي يشرك معه الآخرين في العيش بسلوكه الاحتفالي والادخاري ، فكيف لنا أن نعتمد هذا المؤشر ، ثم نصدر حكما بتقدم أو تأخرهذا البلد .
أما مؤشر نسبة الأمية الذي عادة يستخلص من الإحصاء العام للسكان والسكنى ،عن طريق أسئلة موجهة في الاستمارة تفيد معرفة المستوى الدراسي أو تحديد الشواهد المحصل عليها ، بينما خانة العصامي غير موجودة في الاستمارة، إذن هناك خلل بين الوعي والأمية ، بين الذي تعلم من بيئته وفي مجتمعه بدون أي مقابل ، وبين الذي تلقى تعليمه وقِيمهم في المدارس ، بل إن التعلم بهذا الشكل الذي نحن عليه ما يزيد المتعلم إلا سلوكات وأخلاق هدامة ، لا يمكن أن تبني المجتمع أو تخرج البلد من التخلف ، والخلل يكمن في كون الواعي المغربي واع بالتجارب التي تمر بها بلاده والتأمل فيها والتفاعل معها ، في الوقت الذي يقتصر المثقف على قراءة الأحداث والتأسف على وضع بلاده ، والتباهي بالآخرين ، وهو في ذلك معذورا لأنه اعتاد قراءة أرقام ونسب مأوية حول نسبة الأمية المتشائمة ، أقل ما يقال عنها أنها مخيفة ، وأن المغرب من بين أكبر الدول تخلفا في مجال التعليم ، وبالتالي يصعب عليه القضاء على التخلف ، أوتحقيق تنمية معينة .
غير أنه بالنظر إلى المشكل من الزاوية الموضوعية ، فيمكن التقليل من أهمية نسبة الأمية بدرجة الوعي الموجود لدى المواطن المغربي ، ذلك أنه إذا كان المواطن واعيا فإن أميته ليست خطرا لا عليه ولا على غيره أو دولته ، بل يساهم في التنمية والبناء ، ما دامت الأمية تنحصر في معرفة القراءة والكتابة ، بينما الوعي هو خاصية إنسانية أي هي تلك المعرفة والسلوك والأخلاق والنباهة ، فوعي المواطن تتجلى في جوانب كثيرة : يدل عليه حفظه لبعض سور القرآن ، أداؤه لفرائضه الدينية وما تتضمنه من معارف ، كصلة رحمه وما لذلك من تأثير على المجتمع ، وأجدادنا أو آباؤنا رغم أميتهم فهم يعرفون شجرة نسبهم بطلاقة وأسماء المد اشر، وبالتالي فإن المواطن الواعي يتصرف طبقا لضوابط والشعور بالوجود ...
وهكذا نجد أن فئة عريضة من المواطنين تلقت دراسة متميزة داخل محيطها ومن بيئتها ولكنها غير مصنفة في مؤشر التعليم ، في الوقت الذي ربما تسأل فيه شخصا تلقى دراسة جامعية لا يعطيك جوابا شافيا عن أسماء أجداده أو نسبهم ونسبه ، أو الحِكم المتداولة في عصره ، وربما يعيش شاردا لسبب من الأسباب ، ألا يحق لنا أن نقول أن هذا المؤشر حق يراد به باطل .
ثم إن مؤشر الأمية لم يكن متداولا في عصر النهضة الإسلامية ولا في عهد النهضة العربية ، ولم يكن انتشار المدارس بالشكل الذي هو عليه الآن ، وبالتالي فإن نسبة الأمية بدون شك كانت أكبر، أكان ذلك عائقا أمام التقدم العلمي ، والحضاري ، الذي عرفته الدولة الإسلامية ، ففي الوقت الذي كانت تنشط فيه الاختراعات كان الغرب يعيش في ظلام .
وحاليا هل المواطن الغربي الأوربي أو الأمريكي المثقف واعيا بما عليه من حقوق إزاء أقاربه ، هل يحفظ منذ صغره معارف تعود عليه بالنفع في كبره ، بالقدر الذي يقتصر فيه على تربية الكلاب ليستأنس بها ومعها ، ولا يدرك حتى ضررها ، هل هو قادرا على إدراك معرفة الله معرفة حقيقية ولماذا خلقه الله مثلا ؟ ومع ذلك فهو مقتنع بتقدمه وتقدم بلاده .
ثم نعرج على مؤشر التنمية البشرية الذي هو عبارة عن مؤشر إحصائي يعتمد على ثلاث مجالات في الغالب: الدخل الفردي، ومستوى التعليم ، وأمد الحياة . وهو كذلك يرتب ويصنف الدولة حسب المستوى الاقتصادي والاجتماعي ، وقد اعتمدته الأمم المتحدة للتنمية منذ سنة 1991م ، والقرار يأتي دائما من المنظمات وبتشجيع من الدول الكبرى صاحبة البرامج الاقتصادية التي تعود عليها بالنفع ، ولأنها تريد الاستثمار والتدخل في كل المجالات فلا يمكنها أن ترضى عليك ولا على مجهود أي دولة بدا لهم فيها مصالح ما ، ذلك أنه عندما نقرأ تقارير منظماتها نستحيي من أنفسنا ، ونلوم قادتنا ، ونتمنى مغادرة بلادنا ، ويبدو لنا ضعف مجهودات قادتنا ، رغم الاستثمارات العمومية في البنية التحتية والأوراش الكبرى التي أطلقتها بلادنا في العقار والبناء حيث أعلنت مجموعة من المدن بدون أحياء قصدير ،إضافة إلى المطارات والموانئ والطرق السريعة .
وعموما فإن الأوراش المفتوحة في معظم المدن المغربية تبين بجلاء سوء تقييم تصنيف المنظمات الدولية لنا ، ثم نضيف هل عندنا نقص في الماء أو في المواد الغذائية أو السكن...؟ فما معنى هذا الترتيب ؟ ... هل يتلذذون بتقديم نشرات إحصائية ضدنا ، أو إذلالنا ، أو يريدون تكريس تفوقهم علينا وتدمير كل آمال في تحقيق النمو بإمكانياتنا الذاتية ، إذن فهم يركزون إحصاءهم على أهمية الدولة من حيث الاستثمار فيرتبونها كيف شاؤوا ، فلماذا نثق فيهم وفي دراساتهم النسبية المغلفة بالخطأ .
يبدو أن المؤشرات المعتمدة لترتيب وتصنيف الدولة ، ذات أهداف تبنى على أساس مصالح ذات جوانب متعددة ، فهي من جهة تظهر الخلل في مجال ما ، وتبين خطورته لتقدم اقتراحات بشروط ومخططات لمعالجته بتقديم مساعدات مالية ودراسات ميدانية ، وما أعطوا إلا ليأخذوا ، ومن جهة أخرى لتكريس تفوقها بتبعيتنا لها ، بدليل أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تساعدك لتصبح متفوقا عليها ، إذن هذه لعبة مؤشرلا غير ، وتحقيق مكتسبات بذكاء . وهذا هو شكل الاستعمار الجديد ، يجب مقاومته بالعمل الجاد ومقاومة كل من يسير ضد التيار.
على كل حال إذا كانت تنظيرا تهم و مؤشراتهم تهدف إلى توضيح الخلل فيجب التعامل معها على أساس أنها دراسات ونعالج أوضاعنا ، لكن لا نأخذها لتحطيم المجهودات المبذولة ،ونكرس إملاءاتهم لنا ، ولنعتمد على مؤشرات موضوعية خاصة بنا تراعي جوانب العلاقات الإنسانية والدينية ، وهي كالتالي :
- أولا : يجب ألا تخيفنا هذه الدراسات بل يجب اعتبارها كعمل وظيفي يقوم به صاحبه ، كما تشعر أنت أثناء أدائك لعملك وتشعر بممارستك نوعا من الغش ، كما يجب علينا ألا نعطي أهمية بالغة لهذه المؤشرات الاقتصادية التي تُستخدم عادة لمتابعة الأداء الاقتصادي من طرف منظمات لها وظيفة تقوم بها لا غير.
- ثانيا : إن الفوارق الطبقية كمؤشر للتخلف موجود ببلادنا ، لكنه موجودا في بلاد أخرى ، كما أن هناك ضعف أداء حكومي ، لذلك نجد المجهود الملكي يهدف بالأساس إلى معالجة الوضع بذكاء كبار الحكام الديمقراطيين ، لاحترامه لقاعدة الانتخابات وفصول الدستور ، وكأنه يُدرس ويُكون بمدرسة ابتدائية أطرا قادرة على تحمل المسؤولية مستقبلا ، ذات مبادئ في القناعة ، والعمل الجاد ، والتواضع ، والإنسانية وما إلى ذلك ...لذلك سوف لن يطول العهد حتى نجد حكومة الأمل تأتي من الانتخابات التي نريد ، وليس من صناديق الاقتراع الذين يضعون فيها أصواتهم وأصوات أصدقائهم ومن تفاهموا معهم ، ألا ينقصنا اليوم فقط حكومة مشابهة لحكومة الظل كما ينعتونها، مع العلم أن لنا حتى في الحكومة الحالية وزراء يستحقون الثناء لكنهم قلة قليلة.
- ثالثا : إذا أسسنا سلوكاتنا على القول والفعل ، والقناعة وعودنا أبناءنا عليها ، واكتفينا بما قدره الله لنا من رزق ، ولا نطمع في أموال الغير ولا في أرزاقهم كيفما كانت الأوضاع أوالابتلاءات وبإيمان قوي ، واعتبار هذا السلوك تربية لأبنائنا أولا ، وفيه تأثير كبير على من حولنا ، والأجر مضاعف إن شاء الله . ونقتنع بأن الغرب لا يريد منا إلا أن نربي أبناءنا على الشكل الذي يرضيهم ، ويتثقفون بثقافتهم ولغتهم ، وعاداتهم في الاختلاط ، وفي العري ، والوشم على الجسد وما إلى ذلك من الأعمال الشيطانية ، أما نحن فلا نريد لهم إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى .
- رابعا : اعتبار الآخرين دوننا كيف ما كانت أوضاعهم حُبا للوطن ، وحب من يريد خيرا لك ولبلدك ، والغيرة على أهلك ومن سكن وطنك واعتنق دينك، والشعور بتقديم الخدمة للوطن أفضل ، والاعتزاز بذلك ، ونشر المبادئ المقدسة لبلدك والدفاع عنها ، مثل القيم الدينية ، والملكية الدستورية ، وما إلى ذلك .
- خامسا: الاهتمام بالأدمغة أو الأطر العليا الوطنية والأجنبية التي تستقطبها الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الاستفادة من خبرتها وإشراكها في المسؤولية .
سادسا : العمل بجد لتأسيس حكومة مسؤولة تحاسب نفسها أولا ، ثم يحاسبها الرأي العام ثانيا ، محاسبة منطقية تعتمد الدليل والبرهان ، والرضى بالحكم والاعتراف به اعتزازا وافتخارا ، ثم الاعتذار وإرجاع ما ضاع من أموال الشعب عن طيب خاطر. لأن أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار منذ تحمل المسؤولية يجعلك تُجِد في عملك وتحافظ على الأمانة وتقدرها ، فلا يتابعك أحد ا .
بهذه السلوكات والمواصفات الإنسانية نحب بلدنا ، فنقدم له أغلى ما عندنا ، بالعمل الجاد وبإخلاص، فلا ننتقده ولا نوجه له أي لوم ، ونقول لغيرنا نحن متقدمون ، تقبلوها منا أم لا ،لا يهم ، لأننا نحن أدرى وأولى بالحكم على بلادنا ، ومن لم يعز نفسه لا يعزه الآخرون .
وحتى لا نستعرض اقتراحات أخرى، نعرض فقط لما قاله الرئيس الفرنسي في شكل سؤال وهو منشور بهذا الموقع : http://forum.rtarabic.com :
" ما هو مقياس التقدم ؟ هل هناك ميزان أو مقياس لمعرفة التقدم في أي بلد ؟ هذا هو السؤال الذي عرضه الرئيس الفرنسي ساركوزي على لجنة معتبرة 0 ...
هناك لجنة أوربية (لجنة ستيغليتز) تدرس هذه المسألة وتحاول أن تجد الجواب المناسب عن السؤال :ماهو التقدم الاجتماعي ؟ ونشرت اللجنة تقريرها في أيلول الماضي وجاء فيه وفي هذه النقطة تتقدم اللجنة بمقاربتين:
الأولى : كيف يشعر الناس ، هل يشعرون بأنهم سعداء أم لا ؟
الثانية : هي التركيز على أحوال الناس بشكل موضوعي وهل يملكون المقومات والإمكانات بالتوصل إلى الرفاهية والتقدم ؟
اللجنة لم تفاضل بين هذين الخيارين ولكن كلاهما أهم من إجمالي الدخل القومي بصورة مطلقة، ولكن من المهم جدا ً ما نختاره من بين هاتين المقاربتين 0 " ...
إذن التقليل من أهمية معاييرهم ، والالتفات إلى البلد وخدمته ، والشعور بالاعتزاز فيه وبه ، يجعلك بدون أدنى شك تصرح لأي كان بأن بلدك متقدما ، وتستدل في ذلك بالجواب على السؤال الذي طرحه الرئيس الفرنسي ساركوزي ، وتقول : يمكن القول على أن أي شخص مسلم يقوم بعمل ما يرضي الله فهو يشعر بالسعادة، كما أن في التكافل الاجتماعي الموجود بين شريحة من السكان المغاربة ، وما تتوفر عليه بلادنا من مصادر دائمة كالأراضي الزراعية ، والطاقة الشمسية ، والسواحل ، والطاقة البشرية ...كل ذلك يشكل مقومات وإمكانات التوصل إلى الرفاهية والتقدم . والحمد لله .
حسين سونة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.