بعد قرابة ربع قرن من تأسيسه، لايزال حلم الاتحاد المغاربي يراوح مكانه، ويداعب مخيلة الشعوب المغاربية التي تصطدم بقرارت سياسية تقف في طريق هذا الإتحاد، في الوقت الذي يعد رهان الاندماج ملحا بالنسبة لبلدان المغرب العربي كما هو اليوم. بينما سجلت سنة 2012 فشل انعقاد قمة تونس و خسارة البلدان المغربية لنقطتين على المستوى التنموي سنويا بسبب غياب المشروع المغربي، مع غياب الجواب المشترك لدى دول شمال افريقيا للأزمة المالية في ظل ما يحمله ذلك من تهديد لاستقرار المنطقة ككل . حسن نية.. في الوقت الذي رسمت بداية سنة 2012 انطلاقة مشرقة لهذا الحلم المغاربي وحملت معها الامل في تحقيق هذا الاتحاد ومعه انطلاقة جديدة خاصة في ضل رياح التغيير التي هبت على بلدين من هذا الاتحاد . وأعرب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بقوة خلال جولة مغاربية قادته على التوالي الى الرباط ونواكشط والجزائر ما بين 8 و13 فبراير 2012 على أمل أن تكون سنة 2012 سنة اتحاد وإحياء الحلم المغاربي الكبير . في الوقت الذي دعا الملك محمد السادس قبل المبادرة ” المرزوقية” في خطاب وجهه للشعب المغربي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء الى”نظام مغاربي جديد يأخذ بعين الاعتبار التغيرات التي طرأت في ليبيا وتونس”. جهود لم تتوج.. النية الحسنة للقادة المغاربيين في “لم شتات” الاتحاد، والمجهودات المبدولة لرأب الصدع في الجسم المغاربي من أجل عقد قمة تونس العاصمة بعد 19 عاما على الاجتماع الاخير لقادة الدول المغاربية. في الوقت الذ استقر الوضع على “السكون” ووضع ” الاتحاد اللامتحد”، لازال الاتحاد المغاربي متوقفا في حالة سبات، المطامح التي أعرب عنها هذا الجانب أو ذاك لبث دينامية في أوصاله ظلت فارغة من كل مضمون بل لم تتجاوز بعد عتبة التمني. مؤهلات ولكن.. يتميز الفضاء الواسع الممتد على مساحة أكثر من ستة ملايين كيلومتر مربع٬ بساكنة يناهز تعدادها مائة مليون نسمة وتراث مشترك٬ لكن تبقى التجارة البينية ضعيفة للغاية٬ إذ تقف المبادلات التجارية بين دول هذا الفضاء٬ خلال 2010 ٬ دون 2 في المائة من إجمالي المبادلات الخارجية٬ في ما يعتبر أحد المعدلات الإقليمية الأكثر تدنيا في العالم. وتستشعر الكلفة الباهظة للغياب الفعلي لاتحاد المغرب العربي في قطاعات متنوعة مثل الطاقة والمالية والنقل والصناعات الغذائية والتعليم والثقافة والسياحة. مشاريع مشتركة.. ويعتبر مشروع البنك المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية الذي تم تصوره والتفكير فيه، بمثابة ذراع مالي للنهوض بالمشاريع المشتركة والمبادلات التجارية ويخدم حركية السلع ورؤوس الأموال بين المشاريع الرئيسية التي ما تزال تراوح مكانها منذ سنوات٬ وذلك برأسمال أولي تم تحديده في 500 مليون دولار. ويرى المهدي الرايس٬ الخبير في العلاقات الدولية أن “الخوف من انعكاس الأزمة في منطقة الساحل على بلدان اتحاد المغرب العربي يستدعي من هذه البلدان الإسراع إلى وضع استراتيجية مشتركة للحد من حجم أي تأثير ممكن لذلك على أمنها”.