وجه جلالة الملك محمد السادس نصره الله خطابا ساميا يوم الأربعاء 30 يوليوز 2014 إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين. و من بين الإشارات التي تضمنها الخطاب الملكي السامي ما يلي : (( ...... ذلك أنني، من منطلق الأمانة العظمى التي أتحملها، كملك لجميع المغاربة، أتساءل يوميا، بل في كل لحظة، وعند كل خطوة، أفكر وأتشاور قبل اتخاذ أي قرار، بخصوص قضايا الوطن والمواطنين: هل اختياراتنا صائبة ؟ وما هي الأمور التي يجب الإسراع بها، وتلك التي يجب تصحيحها ؟ وما هي الأوراش والإصلاحات التي ينبغي إطلاقها ؟ أما إذا كان الإنسان يعتقد أنه دائما على صواب، أو أنه لا يخطئ، فإن هذا الطريق سيؤدي به إلى الانزلاق والسقوط في الغرور.....)) صوت الضمير أو ما قد يسمي " الوجدان " هو قدرة الإنسان على التمييز فيما إذا كان عمل ما خطأ أم صواب أو التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، وهو الذي يؤدي إلى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، وإلى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق الأفعال مع القيم الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق لدى كل إنسان." ما بخصوص الإشارة إل الغرور فالله سبحانه وتعالى قال في كتابه المبين : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) * ( فلا يغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ). و قد فسر البعض الغرور بحالة من البوهيمية المترسبة في دهاليز النفس البشرية المتفرعة من القالب الذهني المصهور في العقل الباطن الذى منه نستقى حالات الفشل والنجاح اللامرئي من قبل حواسنا المتقطعة والمرتبة ترتيبا قسريا لا نستطيع الفكاك منه . قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: "لقد كان الحكم أمانة يتهيبها أصحاب الطاقات الكبيرة فأصبح شهوة يتطلبها أصحاب الغرائز العامة وكان تسخيرا للدنيا في خدمة الدين فأصبح تسخيرا للدين والدنيا جميعا في خدمة أشخاص تافهين وأسر كذوبة " . الفصل 89 من دستور المملكة المغربية نص بالحرف على ما يلي : "" تمارس الحكومة السلطة التنفيذية. تعمل الحكومة، تحت سلطة رئيسها، على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين. والإدارة موضوعة تحت تصرفها، كما تمارس الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية. "" إذن الإدارة أداة عمل الحكومة من أجل تدبير الشأن العام في إطار روح الدستور و من أجل جعلها وسيلة لضمان التنمية وجب إصلاحها و هو ما أكد عليه جلالة الملك في رسالة سامية وجهت إلى المشاركين في الندوة الوطنية حول "دعم الأخلاقيات بالمرفق العام" و هذا مقتطف منها المشاركين في الندوة الوطنية حول "دعم الأخلاقيات بالمرفق العام" و هذا مقتطف منها : "" ((... أساس من أسس الدولة تقوم بقيامها وتنهار بانهيارها. ومن هذا المنظور فان أول واجبات المرفق العام أن يلتزم بالأخلاق الحميدة وأن يخدم المواطنين بالإخلاص الجدير بالشأن العام والمصلحة العليا على النحو الذي يقتضيه الاختيار الديمقراطي في دولة الحق والقانون. ..."هذا وتتطلب الخدمة الحسنة امتلاك روح المسؤولية امتلاكا يترتب عنه احترام حقوق المواطن وتلافي تضييع المصلحة بعدم الاهتمام أو بالتسويف والتأجيل والإرجاء.وفي هذا المضمار فإننا نهيب بكم أن تولوا أهمية كبرى لتدبير الوقت أي للعامل الزمني الذي أصبح يكتسي في عصرنا أهمية عظمى ويستلزم المبادرة الفورية إلى حل قضايا الناس بلا إبطاء ولا تفريط بعيدا عن التعقيد البيروقراطي قريبا من النهج الهادف مباشرة إلى النفع ومد يد المعونة.... ولقد عقدنا العزم على توجيه إدارتنا وجهة جديدة وإصلاحها وتشجيع العاملين المخلصين الحريصين على القيام برسالتها المقدسة .... "". أصاب أحد الباحثين في شأن الإدارة حين قال : (( من عجائب صدف اللغة العربية أن مصطلح ( الإدارة ) يتجانس بصورة غير تامة مع مصطلح ( إرادة ) أي أن الكلمتين تتكونان من نفس الحروف و لا تؤديان نفس المعنى و المقصود من ذكر هذه المقاربة هو أن إصلاح الإدارة المغربية ظلت تنقصه الإرادة و العزيمة الواضحتان ... و الإدارة المغربية ظلت تعاني قرابة أربعين سنة من علل و أمراض مزمنة يستعصى علاجها )) و في الختام وجب التذكير بمقتطف من خطاب العرش بتاريخ 30 يوليوز 2011 بخصوص ضرورة احترام روح الدستور : """ أي ممارسة أو تأويل مناف لجوهره الديمقراطي يعد خرقا مرفوضا مخالفا لإرادتنا، ملكا و شعبا """.