ذ. مراد بلمودن ( باحث مسرحي ) الرباط في : 19 - 03 - 2013 ذ. مراد بلمودن ( باحث مسرحي ) فاجئنا الأستاذ سعيد البهالي من خلال مقالته المشار إليها أعلاه بنوع من الاستغراب حول جرد ما سماه ب " المشهد الثقافي بأسفي " والمنشور بالموقع الإلكتروني «أسفي اليوم» من خلال استعراض بعض ملامح هذا المشهد الذي حدده في تسعينيات القرن الماضي . إلا أن هذه الفترة المرجعية ، من وجهة نظرنا ، غير كافية لرسم صورة واضحة عن المشهد الثقافي بأسفي ، حيث تولدت لدينا مجموعة من التساؤلات ونحن نقرأ مقالة الأستاذ البهالي والتي نطرحها الآن على صفحات هذا الموقع مساهمة للنقاش . - أولا : تعتبر هذه المرجعية المشار إليها سلفا مجرد نتيجة لمقدمة تعود إلى تراكمات طويلة ساهمت ، بشكل من الأشكال ، في هذا المشهد المسمى ثقافيا بأسفي. انطلاقا من هذا التوجه ، إذن ، هل يمكن اعتبار فترة التسعينيات كافية لرسم ملامح واضحة عن هذا المشهد ، وبالتالي هل يمكن اعتبارها محكا علميا ل " رصد لأوجه الحركية وتوثيق لمسار الإبداع "؟.1 - ثانيا : لماذا يصف صاحب المقال فن العيطة التي تقيم له وزارة الثقافة مهرجانا سنويا أسماه بمهرجان " الشيخات" و"الطعريجة « ؟ 2 وبالتالي يستبعدها كثقافة وتراث متميز وأصيل؟. إن هذا المنظور يعكس ، من وجهة نظرنا ، رؤية تبخيسية ضيقة ساهمت في ترسيخها الثقافة المخزنية عبر قنواتها الإيديولوجية المتعددة . حيث يرى في هذا الصدد المبدع المسرحي والزجال الكبير الناجي ميراني سواء في دراسته النقدية (خربوشة المرأة العيطة .. مساهمة للنقاش ) أو في مسرحيته " حادّة " بأن "العيطة ليست وسيلة للتنويم أو كلاما ساقطا وإنما سلاح للتوعية والمقاومة ( ... ) رغم الحصار والتشويه الذي ساهم فيه المخزن تاريخيا لتبخيس صورة العيطة وتحويلها إلى مهرجانات ومواسم للفرجة الرخيصة والرقص الممهور بإيحاءات جنسانية مبتذلة" 3 تبقى العيطة أوالشيخات أوالطعريجة من أهم مكونات المشهد الثقافي بالمدينة . - ثالثا : إذا كانت البنيات التحتية من أهم شروط التنشيط الثقافي باعتبار الثقافة لا تنمو إلا مع الثراء وتموت مع الهدم وثقافة البؤس ، وأن مجمل " السلبيات والقصور" - حسب سياق المقال - والمتمثلة في اغتيال بعض الفضاءات والأمكنة تعتبر من بين العوامل التي ساهمت في الركود الثقافي، فلماذا سكت نفس السياق عن أخطر الجرائم التي ارتكبت في حق المدينة برمتها والتي نعني بها معلمتي دار الشباب علال بن عبد الله والنادي البحري ؟ - رابعا : ارتباطا بالبنيات التحتية ، فإن العنصر البشري يعد من أهم مكونات الإنتاج الثقافي عموما ، وهذا المورد الغني الذي تزخر به مدينة أسفي منذ سنوات طويلة يحتاج منا أيضا إلى وقت طويل للبحث عن من أسّس وطوّر ملامح المشهد الثقافي سواء من طرف الرعيل الأول أوالأجيال اللاحقة . إن السؤال المطروح ، هنا ، ماهي المعايير التي اعتمد عليها المقال في جرد بعض الأسماء وإغفال رموز أخرى لها وزنها وثقلها التاريخي على المشهد الثقافي بالمدينة التي تعتبر ، من وجهة نظرنا ، من خلال البحث الأكاديمي الذي قمنا به عن " حركية مسرح الهواة بأسفي ... من المسار إلى الانكسار "، العمود الفقري في تأسيس وترسيخ التقاليد المسرحية والثقافية عموما ؟ . من هنا تحضرني بعضها بدون ترتيب وأستسمح إذا سقط البعض الآخر من ذاكرتي سهوا: - الوافي محمد - عبد العاطي جافر - مصطفى الزكراني - بوعزة الحوسي - عبد الكبير الخراز - مصطفى فاكر - محمد مضمون - مصطفى بلقتيب - المرحوم عبد الرحيم توريت - المرحوم عبد الجبار اليمني- محمد الروبيتي الملقب بالمارشال قيبو - المرحوم المصطفى العبوشي - سالم اكويندي - بساك - الحاج عبد الرحيم الحمصي - الحاج أحمد مساعد - المرحوم حربال - شامة المؤدن وزوجها حسن الخشبة - عبد الجبار توريت - المرحوم محمد العوني - جمال البيضة - الناجي ميراني - الحاج مصطفى الطاشرون - عبد الرحيم موحداد - السايح - عبد اللطيف بنعزي - خالد الودادي - حسن السويف - مصطفى بوكرن - عبد الله ومصطفى سندية - محمد كربوش - عبد الله فرحاني - رشيد ولد العبار - محمد كيني - المرحوم مصطفى اشويدة - صلاح مظيجي - عبد الحميد القرقوري - عبد الحق ميفراني - إدريس لبجيوي - عيسى لكويس - أحمد الفطناسي - عبد الحق بوهادي - صالح مياه - عبد الحق الرامي - عبد الجليل لبنين- سمير التونزي - رشيد أكوراي - رشيد بوشاري - رشيد فنيتير - محمد كلافونيا - محمد الزين - مثال الزيادي - الثنائي الكوميدي سعيد ووديع - هشام الكابوس - مراد بلمودن ... واللائحة طويلة. هذا فيما يتعلق ببعض رواد الحركة المسرحية الذين ساهموا في تأسيس المسار الزاهي وتطويره ، أما بخصوص ما ورد من الأسماء التي أغنت باقي الأجناس الإبداعية الأخرى فهي بدورها تحتاج إلى بحث مضن وسأكتفي هنا فقط بتوضيح لا بد منه ربما قد سقط سهوا من سياق المقال وأعني به ميدان الزجل . فلماذا تم إغفال تجربة غنية لاسم كبير في الكتابة الزجلية الساخرة والشعر الغنائي ونقصد به المبدع الكبير الناجي ميراني الذي يعتبر أول مبدع من أسفي دخل ريبرتوار الأغنية المغربية من بابه الواسع ولحّن له كبار الملحنين بالمغرب (عز الدين منتصر رئيس الجوق الوطني مثالا)، حيث فاز بدعم وزارة الثقافة مرتين على التوالي 4 مع التنويه بقصائده الغنائية التي استحسنتها لجنة التحكيم برئاسة الفنان نعمان لحلو ؟ . ويبقى تساؤل أخير لا بد من طرحه هنا هو : ما الفرق بين الزجل والنظم ؟ ما الفرق بين الزجال والنظام ؟ بهذا المعنى هل يمكن اعتبار عبد الكريم الفيلالي زجالا أم نظاما ؟ وهو التساؤل الذي أجابت عنه حلقات برنامج " غْنا بْلادنا " الذي يعده وينشطه الملحن والشاعر الغنائي الدكتور رشيد أبو تاج على أمواج إذاعة كازا إ ف م ، والذي استضاف من خلاله النظّام عبد الكريم الفيلالي اختتمها الأستاذ الناجي ميراني بمداخلة قيمة أبرزت أهم المحطات التاريخية لهذا " الكروان المشاكس " 5 . - خامسا : إن الإحاطة بكل عناصر المشهد الثقافي بأسفي تحتاج إلى البحث المضني والتنقيب عن المراجع والاعتماد على المقابلات وغيرها من مصادر البحث العلمي من أجل توثيق موضوعي يعكس الحقيقة التاريخية ، وهذا ما لم تعتمده هذه المقالة مع كامل الأسف ، ورغم ذلك تبقى مقالة الأستاذ سعيد البهالي نقطة في بحر يصعب العوم أو الغوص فيه، باعتبار أن الثقافة بالمدينة عرفت مدا وجزرا ، مسارا وانكسارا ، وأن اللحظة التي شخصتها لنا هي جزء من الانكسار الذي شخصناه بدورنا في دراستنا الأكاديمية المشار إليها سلفا في غياب بيئة حاضنة للوثائق والربائد التاريخية ، والتي أعتبرها جزء من أزمة الثقافة عموما وعائقا معرفيا أمام أي محاولة للتوثيق. * المصادر : 1- سعيد البهالي : المشهد الثقافي بأسفي ( الجزء الأول ) ، موقع أسفي اليوم الإلكترونية . 2- نفسه . 3- الناجي ميراني : خربوشة ... المرأة العيطة ، مساهمة للنقاش ، موقع أسفي اليوم ، أسفي الصحافة ، أسفي 24 الإلكترونية، ومسرحية حادة من تأليفه وإخراجه، إنتاج: جمعية رواد الخشبة، 1986. 4- بلاغ وزارة الثقافة لإنتاج و دعم الأغنية المغربية لسنة 2011 وسنة 2012 . 5- الناجي ميراني : عبد الكريم الفيلالي ..كروان مشاكس ، برنامج " غنا بلادنا "، إذاعة كازا إ ف م، موقع أسفي اليوم ، أسفي 24 الإلكترونية.