بقلم عبدالصادق عبادة مدينة اسفي التي كانت في الماضي حاضرة للمحيط، ومدينة للضوء بامتياز، وعاصمة للفخار والسردين، والتي ملأت صفحات الكتب التاريخية القديمة، ذكرها ابن خلدون ، ولسان الدين بن الخطيب، والفقيه الكانوني، واشتهرت برجالاتها الصوفيين من اصحاب الكرامات ... اسفي اليوم تدخل لائحة المدن التي تعيش ازمة التعمير، اعتبارا للصفقات المربحة التي يستحوذ عليها سماسرة العقار الذين يقفون سدا منيعا ضد دخول الشراكات الكبرى المرتبطة بهذا المجال الحيوي والتي فتحت ابواب السكن الاقتصادي في كل المدن المغربية باستثناء اسفي،وبذلك خنق لوبي العقار انفاس الساكنة وسد في وجوههم كل ابواب السكن الاقتصادي حتى اصبحوا بدون حق سكني نتيجة ارتفاع اسعار العقار، ووجود مقاولين محسوبين على رؤوس الاصابع... المالكون للبلاد والجاعلون رغبة العباد في جحيم من نار، لا حول لهم ولا قوة، امام هذا المشكل الذي اصبح ينخر جيوبهم ويؤرقهم ليل نهار...... وبين عشية ظهرت مجموعة جديدة تشكل لوبيا جديدا للعشوائي. وبذلك انطلقت عمليات البناء العشوائي انطلاقا صاروخيا حتى اصبحت كل المساحات الفارغة بآسفي عشوائيات، وحتى الملك العمومي والأحزمة السياحية لم تسلم من هذه الظاهرة. فوضى وتسيب وبمباركة من أعوان السلطة المحلية وتفرج آل المجالس المنتخبة، وبذلك ارتفعت وثيرة البناء ونبثث دواوير ودواوير، وتوسعت اخرى في كل مكان من شمال المدينة الى جنوبها، وفي مراكز محيطة بآسفي تدخل في المجال الترابي للإقليم كسبت جزولة واحد احرارة، دواوير في هضبة الشعبة وبورصاص وسيدي بوزيد والدبرة وايجنان والشيشان، وقرية الشمس ولبيار.... وغيرها .... حتى الشريط الساحلي الممتد على مشارف المجال الحضري الى مركز البدوزة عند منطقة للافاطنة، لم يسلم حيث الاراضي السلالية واملاك الجموع.... على هذا الشريط نبثث فيلات ومساكن فارهة لبرلمانيين وموظفين اساسيين واصحاب النفوذ بطرق احتيالية، وبدون ترخيص او تصميم وفي اماكن مهددة بالانجراف وغير مسموح بها، وهي المنطقة التي طالها الهدم خلال الاسبوع الماضي.... الهدم هنا وهناك. وعملية البناء العشوائي مستمرة، واعوان السلطة يغضون الطرف عن هذا البناء وطريقة تسريع وثيرته. اننا اذا قمنا بدراسة اولية لمعطيات هذه الظاهرة ومجالات انتشارها سنجد ان منطقة شمال المدينة التي كانت في التقسيم الاداري السابق تسمى جماعة بياضة، يعتبر فيها مجال مفتاح الخير البؤرة الكبيرة للبناء العشوائي الى جانب سيدي بوزيد وهضبة الشعبة وايجنان، ومن المناطق الكبيرة التي عرفت عدة خروقات في مجال التعمير ووحدها تدعوا الى اكثر من وقفة، ويشكل العشوائي بها النصف بالنسبة للمدينة ككل. اما منطقة وسط اسفي او ما كان بمصطلح عليه في السابق بجماعة ابو الذهب فتأتي في المرتبة الثالثة حيث نجد قرية الشمس كأساس ومنطلق بينما منطق الزاوية كمنطقة جونبية فيتحتل فيها العشوائي المرتبة الثانية، والعملية بها مازالت مستمرة الى الان....هذه المنطقة التي تعد مجالا ذهب لتنامي الحركات الاحتجاجية، قد عرفت عدة احداث صدامية دون ان ننسى انها كانت اثناء التقسيم الاداري السابق تعد من اغنى الجماعات بالمغرب لتواجد اهم المركبات الاقتصادية والصناعية بها. ان مجال عاصمة دكالة / عبدة مدينة اسفي بدأ يتحول بسرعة جنوبية من تعمير لائق وعقار مدني جميل، وهندسة جمالية الى بؤر للبناء العشوائي، وتستدعي اليوم وبشكل مسؤول من كل المسؤولين والفاعلين البحث عن طريق ناجعة على الكل ان يتحرك فيها وعبرها من اجل ايجاد صيغ توافقية لحلها دون حصول اي ضرر ولعل عملية الهدم الاخيرة التي طالت مجموعة من البناءات الفاخرة المستغلة للملك العام على الشريط الساحلي والتي شيدت بطرق ملتوية دون احترام للقوانين الجاري بها العمل والتي يملكها اصحاب النفوذ وراس المال وتوقفت بغثة، قد ادخلت الفرحة على اهل اسفي. وفي نفس الوقت خلفت الهلع والخوف في نفوس بسطاء القوم الفقراء الذين وجدوا في البناء العشوائي متنفسا لحل معضلة السكن التي يعانون منها، وانسحب على اثرها سماسرة هذا البناء من الواجهة خوفا من تطالهم المتابعات المساكن الفارهة مساكن سياحية بنيت في ملك عام وبتحايلات، اما البنايات الفقيرة فأصحابها اقتنوا الارض بثمن مناسب لوضعهم المالي وشيدوا بها مساكن لهم بدون تراخيص او تصاميم ودون احترام للبيئة او المواصفات الجمالية، ومن اجل السكن فقط، فهل سيتم التعامل بنفس المنطق مع هؤلاء الفقراء الذين وجدوا في هذا المجال العشوائي حلا ترقيعيا وتثبيتا لحقهم في الوجود والحياة؟ ان الكل في هذه المدينة مدعو للوقوف وقفة جريئة والتعامل بشكل عقلاني مع هذه الظاهرة وايجاد الحلول المناسبة .... انها ظاهرة لو استمرت ستصبح المدينة كلها عشوائية اسواقها وازقتها وساحاتهم ومساكنها ومحلاتها التجارية وحتى انسانها فتضيع المدينة و تضيع معالمها. حول عملية الهدم: توقفت عملية الهدم بعد مباشرتها نتيجة تدخل قيادة الدرك الملكي الجهوية حسبما ما توصلنا اليه من معلومات وذلك راجع الى اكتشاف مجموعة من التلاعبات والاختلالات التي شابت عملية الهدم، وقدتم تحديد تاريخ 25 مارس الجاري كموعد الاجتماع اللجنة الاقليمية المشرفة على ملف الحد من البناء العشوائي وهو ما جعل العملية تستثنى بعض المباني التي ترامي اصحابها على الاراضي السلالية وارضي الجموع وهو عمل يطرح اكثر من سؤال؟