أيتها الأمهات،أيها الآباء:احموا التنافس الشريف في اجتهاد فلذات أكبادنا في دراستهم د.عبد الله إكرامن باحث في علوم التربية ومناهج التدريس - [email protected] على سبيل التقديم: مجتمعنا لم يعد بحاجة لمدارس،والعهدة علىIVAN ELLICH سنة 1971 هاجم IVAN ELLICH (فيلسوف نمساوي وأحد كبار المهتمين بالمجال البيئي) المدرسة الحديثة،واعتبرها رمزا لمؤسسة معرقلة للإنتاج،ويرفض بالمطلق،فكرة أن النظام المدرسي يمكن أن يسهم في التخفيف من حدة اللامساواة داخل المجتمعات،رغم كل ما قد يبذله الأخير من جهود لأجل ذلك.ودون حاجة للتطرق لعمق أفكار IVAN ELLICH ،ويمكن لزوار الموقع الكرام الرجوع لكتابه (Une société sans école) فإنه يمكن القول إنه أصبحنا نعيش في المغرب وضعا تربويا مأزوما،يدفعنا فعلا للريبة والشك في مصداقية نظامنا التعليمي،وحدود حمايته لاجتهادات تلامذته،وحدود حمايته للتنافس الشريف،وقدرته على درء ما يشعله الجشع من حروب،بين فريق ممن يسند ظهورهم شتى مظاهر المحسوبية المقيتة،ومستضعفين يضطرون لحماية ظهورهم بكل ما يستطيعون...مقبولا أو محظورا، والمنهزم الوحيد في هده الحرب الضروس هو فقط قيمنا النبيلة... الفصل الأول من فصول نظام تعليمي سريالي:محن الأمهات والآباء والأبناء اعتبر ELLICH في كتابه، أن المدرسة أصبحت هي الدين الجديد،( الكنيسة كمرجع هنا)وأنها أصبحت الوحيدة هي الخلاص،فإذا كان الناس البسطاء والمقهورين في فترة ما يستنجدون بالدين(بالكنيسة)-وسيطا مع الله- لقضاء أغراضهم الدينية والدنيوية،فإن المدرسة أصبحت الآن رمز الخلاص بالنسبة لهؤلاء المقهورين،فهي الوحيدة القادرة على انتشالهم بالخصوص من ضنك العيش،بل وأن تبوءهم مكانة رفيعة داخل المجتمع. المدرسة رمزا للخلاص،أمر قد يكون العالم الغربي سبقنا إليه،إلا أني أعتقد جازما أن الأمر أصبح كذلك بالنسبة لكل بلدان العالم،مع اختلاف في الكثير من أمور لا يسمح المقال بإثارتها،ولفهم ذلك في وطننا الحبيب نشير لبعض القضايا مما له فقط علاقة بالباكلوريا وانتهاء مرحلة الثانوي التأهيلي. فسنتان كاملتان يتجرع خلالهما أمهات وآباء تلامذتنا كل أنواع الفزع والرعب مخافة ألا يحصل فلذات الأكباد على معدل مميز في المراقبة المستمرة –وما أكثر ضحايا الابتزاز المقنع بحصص إضافية،وما أكثر من اقتطع من حاجياته الأساسية لأداء فاتورات تعليم خصوصي أريد له أن يسهم في التخفيف من أزمات نظامنا التعليمي،ولكن يبدو أنه يؤزم أكثر مما يحل- مع رعب إضافي من عدم الحصول على معدل مميز قي امتحان الباكلوريا الجهوي،يخول فرصة الحصول على معدل مميز في الامتحان الوطني،يخول بدوره فرصة متابعة دراسة ما بعد الباكلوريا، بمؤسسة هي بدورها تخول فرصة نقطة ضوء ما بعد التخرج،بعيدا عن نقط اعتصام المعطلين. الفصل الثاني:عندما تكون سلطة القرار في خدمة ذوي النفوذ الأمهات والآباء إذن يبدلون كل الجهود لحث فلذات أكبادهم للاجتهاد،وقد يتخلى البعض عن مثله العليا،ويصبح كل ما يمكن أن يسهم في نجاح بميزة في الباكلوريا جائزا بغض النظر عن طبيعته وعن مصدره...إلا أن محنة الأمهات والآباء لا تنتهي بحصول الابن على الشهادة ،وحتى بامتياز،إذ سرعان ما سيتم اكتشاف أن مجهود الآباء واجتهاد الأبناء لم يعد كافيا... تذكرت أواخر الفترة الأولى من التناوب التوافقي حيث كان حينها وزير تقدمي شاب يتحمل مسؤولية التعليم العالي وتكوين الأطر، قبل هذا الوزير الشاب التقدمي -الشاب خالد كما لقبه الشارع حينها- ،كان لولوج كلية الطب يكفي لفلذات أكبادنا الاجتهاد والحصول على شهادة الباكلوريا بمعدل مميز،وكان الاختيار يتم عبر ترتيب التلاميذ حسب الاستحقاق،ويتم أخد العدد المطلوب بناء على تواتر المعدلات.الشاب خالد هذا كان وراء إخضاع الولوج لكلية الطب للتباري بعد الاختيار الأولي،واجتهد أكثر واعتبر أنه لا يجب أن يكون المعدل والتميز النهائي المحصل من امتحانات شهادة الباكلوريا هو الفاصل لولوج كلية الطب،بل يجب أن يحصل التباري ويشارك في المباراة كل من حصل على معدلات يتم تحديدها كل سنة...وحسب ما لاكته ألسن الظرفاء المؤمنين بأن من الهم ما يضحك،فإن الشاب خالد استجاب فقط لرغبة ذوي نفوذ عجزوا عن اختراق نظام امتحانات الباكلوريا لضمان حصول فلذات أكبادهم على معدلات يتبارون بها مع «المزاليط» الذين لا شغل لهم إلا التحصيل الدراسي الذي يهددون به مناطق محرمة عليهم،فأصبح من الطبيعي أن يلج كلية الطب صاحب معدل اجتهاد في الباكلوريا أدنى بكثير من آخر وضعته المباراة خارجها،وألسن الظرفاء إياها تقول إن ما لا يمكن اختراقه في الباكلوريا يمكن اختراقه في المبارة...والعهدة على ظرفائنا الدين نادرا ما يخطئون.ولأن أية مباراة بأية مؤسسة يحكمها نفس منطق استحالة الاطمئنان بتوفر الشفافية والنزاهة المطلوبين،فإنه يمكن تصور قلق الأمهات والآباء والتلاميذ أنفسهم،وتيقنهم من أن المحظوظين من ذوي النفوذ سيكون لهم النصيب الأوفر من مقاعد مختلف مؤسسات التعليم العالي التي تضمن نسبيا لخريجها مكانا خارج مناطق اعتصام المعطلين.وبطبيعة الحال فإن الأمور عندما تصل حد التخوف من أمور ولا نجد من نستنجد بهم لطمأنتنا،ونجد أنفسنا أمام اعتماد سبل قابلة لكل التأويلات،فإن الأمر يصبح تحصيل حاصل ،ولن ينفع أي منطق حجاجي للإقناع بالنقيض،فتنعدم الثقة،ويصبح رد الفعل،البحث عن سبل التصدي...وكل الأسلحة ستصبح مشروعة. وبالمناسبة،لا يعلم أحد لم لا تنتهج مختلف المؤسسات والمعاهد العليا،نفس النهج الذي يعتمد للقبول في الأقسام التحضيرية، حيث تحتسب معدلات لمواد تمتد إلى الامتحان الجهوي وتشمل مواد علمية وأدبية تعتبر مفاتح المسايرة في الأقسام والنجاح بها،ويتم احتساب الكل في إطار عملية حساب دقيقة،وبناء على نتائجها يتم ترتيب واختيار المترشحين حسب الاستحقاق ،ويجب الاعتراف للعملية بالأمرين معا:دقتها ونزاهتها،وهو ما يشك الكثيرون في توفره في أنماط المباراة المعتمدة في مختلف المؤسسات والمعاهد. الفصل الثالث:احذروا رد فعل المستضعفين: ألفنا أن نخص بانتقاداتنا ذوي النفوذ،وألفنا أن نعتبر أن كل مظاهر الفساد لا يمكن أن ترتبط إلا بهم،باعتبار ما يخوله لهم نفوذهم من إمكانيات تجاوز ما هو في حقهم، للسطو على حقوق الآخرين،وبنوع من الجبن الممزوج بادعاء كاذب مقيت بأننا بجانب المستضعفين،يتم غض الطرف عن فساد مصدره من نتبجح بالوقوف بجانبهم،ونعتبرهم مستضعفين...وكي لا نتحول عما نحن بصدده مما يخص نظامنا التعليمي،أسوق الحدث التالي :توجهت ذات يوم قبيل مختلف الامتحانات الموحدة لمحل أحد المتخصصين في استنساخ الوثائق،وهالني الحشد الكبير من :رجال-نساء –شبان وشابات-أطفال –ممن يتزاحمون أمام محل استنساخ الوثائق،واحتجت وقتا كي أكتشف أن الجميع :تلميذات وتلاميذ-آباء وأمهات،هم هنا بغرض استنساخ وثائق مصغرة لدروس مختلف المواد الدراسية التي سيختبر فيها التلاميذ،وراعني بالخصوص وأفزعني وأرعبني انهزام المثل العليا لذا البعض من الآباء والأمهات،هزيمة نكراء أقنعتهم بشرعية الغش،بل ربما أقنعتهم بأن مجتمعنا لم يعد به مكان للقيم وللمثل...وهو أخطر ما يمكن أن يهدد ليس فقط النظام التعليمي بل المجتمع برمته. الفصل الرابع: على سبيل الختم: يقولون إذا عمت هانت ونقول إذا عمت فانتظروا الطوفان قرأنا الكثير عما أصبح يتم التوسل به وإليه من المقبول والمحظور،قرأنا عن اعتماد أحدث وسائل التكنلوجيا للوصول لنتيجة يعجز اعتماد المجهود العقلي عن الوصول إليها،قرأنا عن أشياء بدت لنا طريفة،وأخرى اعتبرناها غريبة،وأخرى نعجز حتى عن تصديقها...إلا أن ما يحز في النفس أن يدلو بدلوه في هدا المستنقع الآسن من الغش،بعض من نكن لهم تقديرا خاصا لما يبدلونه من جهود طيلة السنة الدراسية لتكوين فلذات أكبادنا،ويعزز انزلاقهم هذا،من يؤازرهم في التدبير الإداري التربوي...قد تكون حالة نادرة،ولكن لا ننسى ما يقولونه عن: حوتة في الشواري...ويبقى عزاؤنا أن ثمة دائما أستاذة أو أستاذ،أو أي كان،-أفراد أوجماعات- بأعين قطية هي مصابيح هذا الظلام،ونقول لهم :استمروا في الإيمان بأنه في حالتنا لا يمكن أن تهون إذا عمت،بل يجب أن نكون لها بالمرصاد ونحول بينها وبين أن تعم،لأنها إن عمت فستأتي على الأخضر واليابس. د.