قال الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات ادريس جطو ، أن البرنامج الوطني مدن بدون صفيح الذي أطلق سنة 2004 من طرف الملك محمد السادس ، لم ينجح لحد الآن في القضاء على "بؤر الصفيح" المنتشرة في مختلف المدن و المراكز الحضرية. و أضاف جطو خلال عرض للمجلس تم تقديمه، يوم الثلاثاء، خلال اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب، حول تقييم البرنامج من 2004 إلى 2018، أن الأخير يعتبر أهمية آلية وضعتها الدولة خلال السنوات الأخيرة ، للقضاء على ظاهرة الأحياء أو "البؤر الصفيحية" المنتشرة في مختلف المدن و المراكز الحضرية و ذلك بغية توفير شروط العيش الكريم لكافة فئات المواطنين و الإرتقاء بسلامة و جمالية المحيط الحضري الذي صار يستوعب أكثر من 62 في المائة من سكان المغرب. جطو ، ذكر أن التوصيات و الملاحظات التي أصدرها المجلس حول برنامج ستشكل أرضية لإثراء النقاش بين البرلمان و الحكومة و الجماعات الترابية و باقي الجهات المعنية بالسياسات العمومية المتعلقة بتوفير السكن اللائق بشكل خاص و محاربة الهشاشة بشكل عام لتعزيز المكتسبات الإيجابية ، و كذا تصحيح و تقويم أوجه الخصاص المتبقية. رئيس الغرفة الرابعة بالمجلس محمد كمال الداودي ، قال أن التقرير تم إنجازه في ظرف 15 سنة ، من طرف 4 قضاة متخصصين ، بينهم مهندسين معماريين و مقرر المهمة و استغرقت المدة الميدانية في سبع جهات 7 أشهر. و قال الداودي أن من بين الأهداف الرئيسية التي وضعها البرنامج هو القضاء على مدن الصفيح في سنة 2010 ، وهو ما لم يتحقق لحد الآن (2020). و ذكر ذات المتحدث أنه لغاية 2018 كان البرنامج لازال ساري المفعول و شمل 472 ألف اسرة في 85 مدينة و مركز حضري. المجلس الأعلى للحسابات أوصى الحكومة، وخاصة الوزارة المكلفة بقطاع الإسكان، باعتماد مقاربة متكاملة للتنمية البشرية تتجاوز هدف "الإسكان" لتشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في مواقع الاستقبال الجديدة. وحسب عرض المجلس فإنه يتعين، وفق هذه المقاربة، توفير أنشطة مدرة للدخل (كالتجارة، ومناطق النشاط الصناعي) والتوفير المبكر قدر الإمكان للخدمات العامة الاساسية في الأحياء الجديدة، لاسيما التعليم والصحة والنقل والأمن. وهمت توصيات المجلس، التي جاءت في ضوء نتائج مهمته الرقابية حول برنامج مدن بدون صفيح، ومن أجل ضمان أفضل فرص النجاح للبرامج العمومية المستقبلية في مجال محاربة السكن غير اللائق، أيضا معاجلة بعض النقائص التي تحول دون التحكم الجيد في البرامج العمومية، خاصة تلك المتعلقة بمحاربة السكن غير اللائق، مثل مدن بدون صفيح. وتتم هذه المعالجة، حسب المجلس، من خلال ضمان ضبط عدد المستفيدين، مع تحديد معايير أهلية موحدة، وقاعدة بيانات موثوقة، ووضع مخطط تمويل واقعي والحرص على احترامه، فضلا عن تصفية الوعاء العقاري وعقلنة استغلاله؛ واحترام آجال تنفيذ العمليات، مع تنسيق أفضل وأشمل لها؛ وضمان تنسيق أفضل للبرامج في شموليهتا، مع تحديد واضح لمسؤوليات مختلف المتدخلين. ودعا المجلس الأعلى للحسابات إلى العمل على تطوير العرض من خلال تقديم حلول أكثر تنوعا في ما يخص منتجات السكن أو الدعم المالي، والتي من شأنها أن تلبي احتياجات شرائح مختلفة من الأسر، وتأخذ بعين الاعتبار إمكانياتها المالية الحقيقية. وشدد على ضرورة التعامل بقدر أكبر من الصرامة مع مكافحة ظاهرة انتشار أحياء السكن غير اللائق، عن طريق تعزيز آليات المراقبة والردع، لا سيما على المستوى القانوني والتكنولوجي، والتواصل المناسب لترويج مختلف عروض الدعم العمومي لمحاربة السكن غير اللائق، وبالتالي وضع حد للانطباع السائد والذي يوحي بأن الاستفادة من المساعدة العمومية حق مضمون لك قاطن بالسكن غير اللائق. وتهدف المهمة الرقابية للمجلس على الخصوص إلى تسليط الضوء على الأسئلة البرلمانية من خلال تقييم مختلف جوانب البرنامج وتصميمه وبرمجته وتخطيطه ونتائجه ووسائل تنفيذه، وكذا آثاره على السكان المستفيدين. وتتوخى هذه المهمة أيضا تقييم تصميم البرنامج وتناسقه مع البرامج الأخرى، وتحليل الوسائل المالية وخطط التمويل المعتمدة ومساءلة استدامتها، بالإضافة إلى تحليل وضعية العقار المخصص للبرنامج. ففي ما يتعلق بأهمية البرنامج وأثره، سجل المجلس أن أهداف البرنامج طموحة ويصعب تحقيقها بالنظر إلى تعقيد الظاهرة، فضلا عن الاستجابات غير المناسبة لحاجيات المستفيدين. وبخصوص وضع تصور البرنامج ومدى تناسقه، لاحظ المجلس أن التدابير والإجراءات غير كافية للسيطرة على انتشار أحياء الصفيح، مع عدم رسم حدود للبرنامج وضعف في ضبط مدخلاته، واعتماد طرق تدخل تقليدية تفتقد إلى الابتكار، وهيمنة طريقة إعادة الإيواء. أما في ما يتعلق بنتائج البرنامج، فإن أهم الملاحظات المسجلة من قبل المجلس تركزت حول تغييرات متكررة لأهداف البرنامج وعدم الوفاء بالمواعيد النهائية، وإعلان "مدن بدون صفيح" دون استيفاء كل الشروط.