اعتقلت الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية، التابعة للدرك الملكي ، مطلع هذا الأسبوع، رجل أعمال معروف يعد من كبار أثرياء مدينة طنجة، بناءا على مذكرة اعتقال أصدرها ضده قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، للاشتباه في تورطه في قضية تهريب المخدرات والاتجار الدولي بها وتبييض الأموال. اعتقال الملياردير جاء بعد ورود اسمه على لسان أحد المتهمين في نفس القضية خلال جلسة الاستنطاق التفصيلي، والتي أشار فيها هذا الأخير إلى أن 3 أطنان ونصف من المخدرات التي ضبطتها عناصر الدرك البحري، في مارس الماضي، بمنطقة المهدية، تعود ملكيتها للثري المذكور الذي كان ينوي تهريبها انطلاقا من سواحل المهدية في اتجاه فرنسا، باتفاق مع مافيا متخصصة في الاتجار الدولي للمخدرات، قبل أن تكتشف عناصر مديرية مراقبة التراب الوطني تفاصيل هذه العملية، وتشعر بها الجهات الأمنية المختصة لاتخاذ المتعين تورد “المساء”. القضية أطاحت أيضا بدركيين اثنين يتواجدان حاليا خلف أسوار سجن القنيطرة، و جعلت العديد من المسؤولين الأمنيين والقضائيين يتحسسون رؤوسهم ويتخوفون من أن تطالهم الملاحقات القضائية، خاصة مع استمرار إجراءات البحث والتحري للكشف عن باقي المتورطين في هذا الملف، والذين تشير أصابع الاتهام إلى ضلوعهم في التغطية على الأنشطة المشبوهة لرجل الأعمال المعتقل، الذي أضحى في رمشة عين يدير مشاريع استثمارية كبرى ويملك عقارات وأراضي متفرقة بمختلف مدن الشمال، من بينها إقامات سكنية ومقهى فاخر بطنجة. وتأتي هذه التحقيقات، التي يشرف عليها عبد الرزاق الجباري، قاضي التحقيق بابتدائية القنيطرة، على خلفية اعتقال المركز القضائي بالقيادة الجهوية للدرك الملكي بالقنيطرة ل4 أشخاص، بينهم دركيان اثنان، بعد ضبط زورق مطاطي يحمل شحنة مخدرات معدة للتهريب نحو أوروبا تفوق كميتها 3 أطنان ونصف طن من مخدر شيرا. وكشفت مرحلة البحث التمهيدي الذي أجرته عناصر مركز القضائي، بتنسيق مع مصالح المركز الترابي والقيادة الجهوية للدرك، عن تورط 4 متهمين آخرين جرى إيقافهم هم أيضا، وبعد استكمال التحقيق معهم، تقرر إحالتهم جميعا في حالة اعتقال على ابتدائية القنيطرة ومحاكمتهم من أجل حيازة المخدرات والاتجار الدولي بها والمشاركة، حيث أدانت الدركيين ب8 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما، كما قضت في حق متهمين آخرين ب10 سنوات لكل واحد منهما، فيما حكمت على المتهمين الأربعة المتبقين بعقوبات متفاوتة. إلا أنه ورغم إحالة الملف على القضاء، استمرت اجراءات التحقيق في مواجهة باقي المتورطين، وأسفرت عن الوصول إلى صاحب أطنان المخدرات المحجوزة بعدما أكد أحد المتهمين المدانين في القضية نفسها صلة الثرى سالف الذكر بتلك الشحنة، وهو ما اضطر معه قاضي التحقيق إلى تكليف الفرقة الوطنية للدرك الملكي بالقبض على الملياردير، الذي أظهرت التحريات الأولية بشأن هويته أن اسمه سبق وأن أثير في ملف 2017 في جريمة مقهى لاكريم التي وقعت بمراكش. الخبرات المنجزة على الهواتف النقالة لعدد من المحكومين في هذا الملف، واعتماد تقنية تحديد موقع الأشخاص من خلال أرقامهم، أثبتت أن الملياردير، الذي اعتادت ساكنة مدن الشمال على رؤيته وهو يتجول على متن سيارة فاخرة مرصعة بالذهب، كان يتواجد بأحواز مدينة القنيطرة لحظات قليلة قبل ضبط شحنة المخدرات، وهو ما ضاعف من شكوك المحققين بشأن احتمال ضلوع رجل الأعمال المعتقل في عملية تهريب المخدرات التي تم إحباطها بتنسيق بين جهازي الديستي و الدرك بالقنيطرة.