ترأس رئيس الحكومة سعد الدين العثماني اليوم الجمعة أشغال الاجتماع الاول للجنة الاستراتيجية للتنمية المستدامة بمشاركة القطاعات الحكومية ذات الأولوية في التنمية المستدامة. الإجتماع الأول من نوعه يأتي بعد التقرير الناري الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات ، حول “مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2030 ". اجتماع اللجنة الاستراتيجية اليوم الجمعة خصص لاستعراض حصيلة العمل في تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة للفترة مابين 2017 و 2018 واعتماد برنامج العمل للفترة المقبلة بما في ذلك تنزيل المخطط الأفقي لمثالية الإدارة. و بالعودة إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات ، فإنه أكد أن الحكومة تتوفر على العديد من الإستراتيجيات والبرامج الوطنية والقطاعية إلا أن الإجراءات المتخذة لضمان التقارب بين هذه الإستراتيجيات والبرامج مع خطة عام 2030 ،وفقا لألولويات والخيارات الوطنية، تظل ضعيفة. هذا الوضع يهم على وجه الخصوص حسب تقرير مجلس جطو الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة و الإستراتيجيات القطاعية للوزارات ، حيث سجل عدم وضع تدابير، على المستوى الوطني، لتحديد الأولويات والتخطيط لتنفيذ خطة 2030. و اعتبر أنه منذ انعقاد المناظرة الوطنية لشهر ماي 2016 ،لم يتم اتخاذ أي تدابير على المستوى الوطني تضم جميع الفاعلين ، مشدداً على أن غياب هذه التدابير لم يسمح بعقد مشاورات بين مختلف الأطراف المعنية حول الأولويات الوطنية وفق ما هو محدد في إطار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي، التخطيط للإجراءات اللازمة لتنفيذ خطة 2030. و أشار التقرير إلى المصادقة على الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في شهر يونيو 2017 ، معتبراً أنه كان بإمكانها أن تمثل الإطار المناسب لتحديد أولويات أهداف التنمية المستدامة والتخطيط لتنفيذ خطة 2030 ، إلا أن التحريات التي قام بها المجلس لدى مجموعة من الفاعلين كشفت العديد من أوجه القصور المتعلقة بعملية اعتماد الإستراتيجية، مما أدى إلى تباطؤ عملية تكييفها وتقاربها لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولتجاوز هذه الوضعية، كلفت كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة مكتبا للدراسات قصد إجراء دراسة حول تنفيذ وتتبع أهداف التنمية المستدامة بالمغرب. هذه الدراسة، تهدف إلى توسيع نطاق تبني أهداف التنمية المستدامة وملائمتها مع الأولويات الوطنية، وإعادة توجيه مخطط عمل الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة من أجل تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقييم الميزانية اللازمة لتمويل الإجراءات التي يتعين اتخاذها. إلا أن جلسات العمل التي أجراها المجلس الأعلى للحسابات، مع بعض الأطراف، أظهرت أن النهج المتبع للقيام بهذه الدراسة يثير خلافات بين القطاعات الوزارية و لا يعكس الإهتمام بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، لا سيما فيما يتعلق بالحاجة إلى إشراك جميع المتدخلين. و أشار التقرير إلى أنه تم في سنة 2018 إحداث لجنة استراتيجية للتنمية المستدامة تحت سلطة رئيس الحكومة تعنى بتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة لكن المرسوم المتعلق بهذه اللجنة لم يشر إلى أهداف التنمية المستدامة وإلى الدور الذي يمكن أن تضطلع به في تنزيل خطة 2030 وقد تسبب هذا الوضع في خلق ارتباك بين الأطراف المتدخلة حول الهيئة المكلفة بتنسيق المجهودات في إطار تنفيذ هذه الخطة مع العلم أن اللجنة الإستراتيجية لا تضم بين أعضائها بعض الهيآت الرئيسية كالمندوبية السامية للتخطيط. و تنص الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة على وضع مخططات عمل للتنمية المستدامة وفي هذا الصدد، يقول التقرير بلورت كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة واحدا وعشرين اقتراحا يحدد التزامات واحدا وعشرين قطاعا وزاريا تحظى بالأولوية من حيث التنمية المستدامة ، غير أن استجابة الواحد وعشرين قطاعا المعنية ظلت شبه غائبة. وفي الواقع، وحدهما وزارتي الداخلية والصحة قامتا بتقديم إجاباتهما بخصوص الإقتراحات كما لوحظ أيضا أن المقترحات المقدمة إلى القطاعات المعنية لا تتقاطع بالضرورة مع استراتيجياتها القطاعية وصارت في معظمها متجاوزة. إضافة إلى ذلك، يورد التقرير لم تقدم الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة أية تقديرات رسمية لتكلفة تنفيذها على أرض الواقع كما أنه لم يتم بذل أي مجهود لتجميع المعطيات العامة حول تمويل الإستراتيجيات والبرامج القطاعية و الإعتمادات المخصصة وطرق استغلالها حسب طبيعة كل هدف أو غاية مستهدفة بعينها. و سجل المجلس تأخر اختيار الأجهزة أو الهيئة المسؤولة عن الرصد والتتبع، سواء بالنسبة لجميع أهداف التنمية المستدامة ولكل هدف على حدة. من جهة أخرى، منح المرسوم رقم 670-17-2 الصادر في 6 أبريل 2018 بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية السامية للتخطيط مهمة إعداد تقارير حول أهداف التنمية المستدامة لمديرية التخطيط التابعة للمندوبية السامية. غير أنه لم ترد أي إشارات صريحة حول الجهة المختصة للقيام بمهمة الرصد والتتبع ، علاوة على ذلك، لاحظ المجلس الأعلى للحسابات أن مهمة الرصد والتتبع لا زالت موضوع خلاف بين مختلف الأجهزة المعنية، خاصة كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، التي ترأس لجنة القيادة من أجل التتبع والمصاحبة التابعة للجنة الإستراتيجية للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى المندوبية السامية للتخطيط ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون والوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة. المجلس الأعلى للحسابات أوصى بإحداث هيئة ونظام يضمن انخراط مختلف المتدخلين المعنيين وتجميعهم، بهدف ضمان تنسيق وتتبع تنفيذ خطة 2030 المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة. كما دعا إلى توسيع المشاورات مع جميع الأطراف الفاعلة على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، والحرص على وضع استراتيجية وطنية للتحسيس والتواصل تكون مالئمة لجميع الفئات، بهدف ضمان الإنخراط الفعلي وتملك أهداف التنمية المستدامة وتبنيها من طرف الجميع. تقرير المجلس الأعلى للحسابات أوصى كذلك بترسيم وتعميم نتائج أشغال ملائمة أهداف التنمية المستدامة مع السياق الوطني وتحديد الأولويات في هذا الشأن، والعمل على توزيع الأدوار والمسؤوليات على المستويين الوطني والمحلي بهدف تحقيق هذه الأهداف. كما دعا إلى تفعيل أشغال ملائمة وإلتقائية الإستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة و الإستراتيجيات القطاعية مع المخطط الوطني الذي سيتم اعتماده بهدف تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. و أوصى بوضع خطط عمل مفصلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والمصادقة عليها، مع تحديد الوسائل و الآجال والمتدخلين وطرق التمويل الضرورية لتنزيلها، مع العمل على تضمينها للمبادرات ذات الصلة المتخذة من طرف بعض القطاعات الوزارية وفاعلين آخرين. كما دعا إلى التعجيل بتفعيل مسطرة تحيين وتأهيل وإصلاح الإطار القانوني والتنظيمي والمؤسساتي للنظام الإحصائي الوطني؛ و العمل على تفعيل وتعزيز دور لجنة تنسيق الدراسات الإحصائية، وحث الأطراف المتدخلة على احترام الصلاحيات الممنوحة لهذه اللجنة، بهدف تجاوز المقاربات المنهجية القطاعية المجزئة لجمع وإنتاج الإحصائيات، خاصة تلك المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة. و أوصى أيضاً بتفعيل المسار اللازم لوضع وملائمة وتكييف وإثراء الغايات المنشودة والمؤشرات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة وقيمها المرجعية وربطها بالسياق الوطني، والسهر على استثمار الجهود المبذولة من طرف بعض الأطراف الفاعلة في هذا المجال والإستفادة منها. المجلس الاعلى للحسابات دعا إلى تفعيل أشغال ملاءمة وإلتقائية الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والاستراتيجيات القطاعية مع المخطط الوطني الذي سيتم اعتماده بهدف تنفيذ أهداف التنمية المستدامة. كما أوصى المجلس بوضع خطط عمل مفصلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والمصادقة عليها، مع تحديد الوسائل والآجال والمتدخلين وطرق التمويل الضرورية لتنزيلها، و العمل على تضمينها للمبادرات ذات الصلة المتخذة من طرف بعض القطاعات الوزارية وفاعلين آخرين. على المستوى الاحصائي ، دعت هذه الهيئة الى التعجيل بتفعيل مسطرة تحيين وتأهيل وإصلاح الاطار القانوني والتنظيمي والمؤسساتي للنظام الاحصائي الوطني ، مع العمل على تفعيل وتعزيز دور لجنة تنسيق الدراسات الإحصائية، وحث الأطراف المتدخلة على احترام الصالحيات الممنوحة لهذه اللجنة، بهدف تجاوز المقاربات المنهجية القطاعية المجزئة لجمع وإنتاج اإلحصائيات، خاصة تلك المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة. كما أوصى المجلس بتفعيل المسار اللازم لوضع وملاءمة وتكييف وإثراء الغايات المنشودة والمؤشرات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة وقيمها المرجعية وربطها بالسياق الوطني، والسهر على استثمار الجهود المبذولة من طرف بعض الأطراف الفاعلة في هذا المجال والإستفادة منها. و سجل التقرير الصادر عن المجلس الاعلى للحسابات التزام المغرب بشكل واضح بتنزيل برنامج 2030 ،وكذلك توفره على إطار دستوري وتشريعي ملائم لتحقيق هذه الأهداف. وبعد أن ذكر التقرير بأن تنظيم مناظرة وطنية سنة 2016 حول تنزيل خطة 2030 للتنمية المستدامة في السياق الوطني قد مكن من إطلاق مشاورات ونقاش بين مختلف الفاعلين المعنيين بتنفيذ هذا البرنامج، لاحظ أن هذه المناظرة لم تتبعها إجراءات ملموسة لتفعيل توصياتها. وفي هذا الصدد، لاحظ التقرير أن درجة استيعاب الأهداف التنموية وتبنيها من طرف المواطنين والجهات المعنية، تبقى غير كافية، وذلك نتيجة لغياب إطار للتنسيق والتتبع يسمح بتجميع وضمان تكامل الإجراءات المتخذة من طرف مختلف الأطراف المتدخلة، وكذا غياب استراتيجية للتواصل والتحسيس حول أهداف التنمية المستدامة تتلاءم مع كافة المستويات والغايات المستهدفة. و يرى أن تأخر وضع إطار للتنسيق والتتبع بهدف تنفيذ خطة 2030 أدى إلى ضعف انخراط المتدخلين المعنيين وغياب التشاور معهم حول أهداف التنمية المستدامة، مبرزا أن ذلك تجلى في ضعف توزيع الأدوار والمسؤوليات، وغياب استراتيجية أو برنامج وطني يحدد الأولويات الوطنية،في ما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة، وكذا غياب خطط عمل مفصلة تحدد الكيفيات والاجال والمتدخلين وطرق التمويل الخاصة بهذه الأهداف. وأضاف التقرير انه تم كذلك تسجيل بطء في وتيرة اتخاذ التدابير الرامية لانسجام وملاءمة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والاستراتيجيات القطاعية مع أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى كون الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدالمة تسجل نقائص متعلقة بضعف تبنيها من طرف بعض المتدخلين، وبتواجد تباين بين الأطراف المعنية حول الاطار الملائم لتحديد المشاريع والأولويات بغرض مقاربة الاستراتيجية الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة.