قال بلاغ صادر عن المكتب التنفيذي لجمعية “نادي قضاة المغرب”، المنعقد في دورته العادية أن أشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية في دورتيه الاستثنائية والعادية شابتها خروقات دستورية وقانونية. و ثمن “نادي قضاة المغرب”، قيام مؤسسة الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتنظيم ندوة صحفية للتواصل مع الرأي العام، لما في ذلك من إشارة تنم عن تدشين مرحلة جديدة من عمل المجلس ؛ داعياً المؤسسة المذكورة -في ندواتها الصحفية المستقبلية- إلى ” التحرز من الخوض في بعض القضايا التي لم ترفع عنها السرية بعد، تصريحا أو تلميحا، طالما أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية لم يكن قد نشر نتائج أشغاله وفق المسطرة المنصوص عليها في المادة 60 من القانون التنظيمي المنظم له، وكذا المادة 17 من نظامه الداخلي”. و دعت الجمعية ” إلى توسيع نطاق موضوع تواصلها ليشمل كل السياسات العامة للمجلس، لا سيما تلك المتعلقة بمقترحاته حول بعض مشاريع القوانين، وكذا مناقشاته لتقرير السيد الوكيل العام رئيس النيابة العامة بخصوص تنفيذ السياسة الجنائية” ؛ مجددةً ” استنكارها لعدم نشر نتائج تلك الأشغال، خلافا للمادتين 60 و17 المذكورة، مع تحميلها مسؤولية ذلك للمجلس الأعلى للسلطة القضائية كوحدة مؤسساتية، خصوصا إذا ما استحضرنا الإمكانات المالية الضخمة المرصودة له بغية القيام بمهامه في أحسن الظروف والأحوال، فضلا عن تفرغ أعضائه وانقطاعهم لخدمة الصالح العام القضائي”. و أكد نادي القضاة ” عزمه الراسخ، في حال تكرار خرق المادتين المذكورتين في شقهما المتعلق بالنشر، القيام بخطوات عملية سيعلن عنها في حينها، وذلك حفاظا على حقوق القضاة وصورة مؤسسة المجلس، وانتصارا للدستور والقانون”. و اعتبر النادي أن تعيين القضاة الجدد “شابتها بعض الخروقات، منها عدم احترام ترتيب تخرجهم في بعض الحالات، وكذا القرب الجغرافي ؛ و عدم مراعاة الوضعية الصحية للقاضي المعني بالتعيين، كما هو حال من عين بابتدائية بولمان، في الوقت الذي تحتاج فيه حالته الصحية الحرجة تتبعا ومراقبة طبية دائمة ؛ و عدم مراعاة الظروف العائلية من حيث عمل الزوجة، وصعوبة انتقالها، وكذا وضعها الصحي”. و أوى نادي القضاة ” لتجاوز هذا الإشكال مستقبلا، اعتماد إرفاق لائحة التعيينات –وكافة أشغال المجلس بشكل عام- بتوضيحات وبيانات مفصلة تجيب عن بعض التساؤلات العامة والمفترضة ؛ و قيام المجلس الأعلى للسلطة القضائية -على غرار عدة قطاعات أخرى-، بالتعيين العلني عن طريق جمع جميع القضاة الجدد في مكان واحد، وبحضور ممثلي الجمعيات المهنية، ثم الإعلان عن المناصب الشاغرة، والبدء في اختيارها بحسب ترتيب تخرجهم، مع استثناء الحالات الخاصة المبررة بتوضيحات وإثباتات”. و بخصوص التعيين في المسؤوليات القضائية عبر النادي عن استغرابه ” من خرق المجلس الأعلى للسلطة القضائية لمسطرة التعيين هذه، إذ تم التعيين في بعض المسؤوليات القضائية، بالرغم من أنه لم يسبق الإعلان عن شغورها طبقا للمادة أعلاه، ولم تقدم طلبات الترشيح بخصوصها “؛ كما سجل، أيضا، “خرق ذات المجلس لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة نفسها، والتي تنص على أنه: “يمكن للمجلس، نظرا لما تقتضيه المصلحة القضائية، تعيين مسؤول قضائي لتولي مهام مسؤولية قضائية أخرى من نفس المستوى” ؛ مشيراً إلى أنه ” تم تعيين مسؤولين قضائيين في مسؤولية أعلى من مسؤولياتهم، ناهيك عن عدم تحديد المصلحة القضائية المبررة لذلك”. و بخصوص الانتقالات أكد “نادي قضاة المغرب”، على أنه، “وأخذا بعين الاعتبار للإمكانات القانونية والمادية الكبيرة المتاحة لمؤسسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والتي كان النادي أول من طالب بها لتوفير ظروف ملائمة لاشتغالها حفظا لمكانتها بين باقي المؤسسات الدستورية الوطنية، إلا أن كل ذلك لم ينعكس إيجابا على أدائها عند البت في الوضعيات المهنية الفردية للقضاة، خلال أول دورة عادية لها، وذلك من حيث مبادئ: الجودة، والحكامة، وضمان الأمن المهني، الذي أصبح مهددا لدى عموم القضاة، وهو ما قد يؤثر بالتبع على استقلال القرار القضائي الذي أوكل الدستور والقانون حمايته والسهر عليه للمجلس، فضلا عن عدم ممارستها للمهام التواصلية والإشعاعية الأخرى، والتي لا تقل أهمية عن الأولى”. و ذكر “نادي قضاة المغرب”، بأن ” الأصل في حالات نقل القضاة، كما هو منصوص عليه في المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، هو النقل بناء على طلبهم، أما باقي الحالات المنصوص عليها في نفس المادة، وهي: النقل على إثر ترقية، إحداث محكمة أو حذفها، شغور منصب قضائي أو سد الخصاص ؛ فلا تعدو أن تكون استثناء من القاعدة، والاستثناء لا يتوسع في تطبيقه” ؛ كما “نبه إلى أن نقل القضاة في كل تلك الحالات، مشروط بضرورة احترام الضوابط المنصوص عليها في المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهي مراعاة: حاجيات المحاكم، ورغبات القضاة المبينة في طلباتهم، والقرب الجغرافي، والوضعية الاجتماعية للقاضي”. و استنكر ” خرق المجلس الأعلى للسلطة القضائية للمقتضيات القانونية أعلاه في بعض الحالات، وعدم التزامه بها، ونجملها في التالي: أ- حالة النقل بدون طلب ولا رغبة من القاضي ؛ إذ تم تسجيل حالات كثيرة تم بمقتضاها نقل مجموعة من القضاة بناء على “سد الخصاص”، دون مراعاة لمعياري القرب الجغرافي والوضعية الاجتماعية لهم، ولا حتى تخصصهم كما هو حال من نقل من المحاكم التجارية إلى المحاكم العادية ؛ ب- حالة النقل إثر الترقية ؛ حيث تم تسجيل بعض الحالات التي نقل فيها قضاة دون مراعاة للمعيارين أعلاه، كما هو حال من نقل من دائرة القنيطرة إلى دائرة الرشيدية، والحال أن بين الدائرتين دائرتين قضائيتين أخريتين، فضلا عن أن زوجته تعمل بمدينة طنجة، وله أبناء صغار، وهو ما أثار كثير من الشبهات في صفوف القضاة حول خلفيات ذلك، يحتمل معها أن تكون من طبيعة “انتخابوية مهنية”. و أشار أيضاً إلى ” حالة النقل إثر الترقية، مع عدم مراعاة مبادئ الحكامة المهنية والنجاعة القضائية ؛ كما هو حال من نقل من قضاء الحكم بدائرة الدارالبيضاء إلى قضاء النيابة العامة بدائرة أخرى، دون مراعاة لتخصصه، وذلك بالرغم من أن تقارير المفتشية العامة، تشهد بتميز أحكامه ب: “المناقشة القانونية الرصينة والتحليل المنهجي السليم”. و أكد “نادي قضاة المغرب”، على أن “المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبحسب الحالات المسجلة أعلاه، يكون قد قام بخرق المبدأ الكوني القاضي ب “استقرار المنصب القضائي”، باعتباره ضمانة أساسية لاستقلالية هذا الأخير، والمكرسة بمقتضى المادة 11 من مبادئ الأممالمتحدة لاستقلال القضاء، التي تنص على ما يلي: “يتمتع القضاة، سواء أكانوا معينين أو منتخبين، بضمان بقائهم في منصبهم إلى حين بلوغهم سن التقاعد الإلزامية، أو انتهاء الفترة المقررة لتوليهم المنصب، حيثما يكون معمولا بذلك” . و سجل النادي “بعض حالات المحاباة في النقل دون توفرها على المعايير المعمول بها، مع ما نتج عن ذلك من القفز على حق قضاة تتوفر فيهم تلك المعايير ؛ كما هو حال من نقل من مركز “تيسة” إلى المحكمة التجارية بفاس، في خرق واضح للقانون التنظيمي وللنظام الداخلي، أو كما نقل من ابتدائية سلا إلى ابتدائية الرباط رغم حداثة التحاقه بالقضاء، أو كما هو حال من حُرم من الانتقال من محكمة ابتدائية إلى محكمة الاستئناف، رغم توفره على كل المعايير المعتمدة، في الوقت الذي أعطيت فيه الأولوية لمن انتُدب إلى المنصب المراد الانتقال إليه، بالرغم من عدم توفره نفس المعايير، بل أقلها بكثير. ” و بخصوص التأديبات استنكر “نادي قضاة المغرب”، وبشدة، ” نهج المجلس الأعلى للسلطة القضائية في انتهاك مبادئ “المحاكمة العادلة”، وذلك بتضييقه على حق القضاة المحالين عليه تأديبيا في الدفاع، وهو الحق المكفول لهم بمقتضى الدستور والقانون، لما حصر عدد المدافعين عن مصالح هؤلاء الأخيرين في عضو واحد، وهو ما يعد ارتدادا حقوقيا خطيرا حتى على مكتسبات المجلس السابق”. كما اعتبر ذلك، “خرقا مسطريا خطيرا، وانتهاكا لحق من حقوق الإنسان قررته كافة المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، يتعهد بعدم السكوت عنها إطلاقا” ؛ مسجلاً، “عدم نشر المقررات التأديبية الصادرة عن المجلس ذاته، في دورته الاستثنائية المنعقدة قبل حوالي ستة أشهر، مع التشديد على ما في نشر تلك المقررات من فوائد، ومنها قيام القضاة والرأي العام بعمل الملاحظ على عمل المجلس والرقابة عليه، فضلا عن إمكانية توجيهها للسلوك القضائي وتقويمه بعد صيرورتها نهائية”. و اشار نادي القضاة في ختام البلاغ، إلى أن “نتائج أشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالرغم من بعض الايجابيات التي تضمنتها، والتي تم الإجماع على تثمينها والإشادة بها من قبل أعضاء المكتب التنفيذي، فقد استُغرقت كليةً بما تم تسجيله بخصوصها من الخروقات الدستورية والقانونية المشار إليها أعلاه”.