انتهت التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول اختلالات طالت مشاريع للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية كلفت حوالي 15 مليار سنتيم إلى الكشف عن فضائح خطيرة. و أحال الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط تحقيقات الفرقة على قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال، تورد “المساء” ما يهدد بجر عدد من المسؤولين والمقاولين إلى المتابعة على خلفية الخروقات الخطيرة التي رصدت في تنزيل مشاريع المبادرة بإقليم الخميسات، خلال الفترة الممتدة ما بين 2005 و2012. و انطلقت تحقيقات الفرقة الوطنية بعد تقرير اسود أنجزته المفتشية العامة لوزارة الداخلية، خلص إلى وجود تلاعبات خطيرة بأموال المبادرة، بطلها الرئيسي مسؤول تورط في عمليات ابتزاز للمقاولين ورؤساء الجمعيات وتلاعب في صفقات ضخمة، وتزوير محاضر إدارية تهم المنح الجامعية وإصدار شيكات بدون رصيد. كما خلصت الأبحاث التي شملت هذا الملف إلى أن المسؤول ذاته كان مجرد موظف بسيط، لكنه تمكن في فترة وجيزة من تحقيق ثروة مهمة، وامتلاك عدد من المشاريع، من بينها مقهى بتيفلت، وضيعتان، وشركة، وشقة فاخرة في أرقى حي بالرباط، مع استفادته من عقار مساحته 500 متر مربع فوت له من طرف الأملاك المخزنية، وهي الممتلكات التي ورد بعضها بشكل صريح في مراسلة رسمية وجهت إلى وزير الداخلية. و تم الاستماع إلى عدد من المقاولين ورؤساء الجمعيات في هذا الملف، الذي فضح الاختلالات الخطيرة التي شملت عدة بنايات أنجزت في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والتي شابتها عيوب تقنية وهندسية بالجملة بسبب عدم احترام المواصفات والمعايير، ما جعل الشقوق والتصدعات تزحف عليها، ومنها المركز الصحي لتصفية الدم، ودار الطالب و الطالبة بالخميسات، ودار الطالبة بجماعة زحيليكة، التي انهار جزء من بنايتها قبل الشروع في استغلالها. التقرير، الذي أنجز من طرف المفتشية العامة لوزارة الداخلية، لم يدفع كلا من العدوي والكرماعي إلى اتخاذ إجراءات مباشرة في حق هذا المسؤول، بل تمت ترقيته مباشرة بعد قرار توقيفه الاحترازي إلى منصب بمدينة كبيرة بتزكية من أحد العمال. ووفق المصادر ذاتها، فقد تم تجديد الثقة في المسؤول ذاته رغم التقارير السوداء التي رفعت بشأنه ورغم التحقيق معه من طرف الفرقة الوطنية في عدد من الملفات التي قرر الوكيل العام للملك إحالتها على قاضي التحقيق، وهو ما يضع، حسب المصادر ذاتها، مصداقية التفاعل مع تقارير المفتشية على المحك، ويطرح تساؤلات حول المستفيد من تسليم مفاتيح التصرف في مليارات المبادرة من جديد لمسؤول تحوم حوله شبهات كثيرة.